
يتمثل الهدف من أي عملية في الغاية التي يُراد تحقيقها أو الوصول إليها من تلك العملية ، وفي سبيل ذلك يتم استخدام إجراءات وتكتيكات تشمل الوسائل والأدوات اللازمة لتحقيق الهدف المرسوم وهو ما يعرف بالإستراتيجية.
أولاً : القتل ، نظرية إخافة الناس بالقتل تأريخياً لم تنجح في كل الحالات ، بعض الأحيان تأتي بنتائج عكسية كما هو الحال في السودان ، وما أصوات الغضب الشعبي العارم والتنديد والشجب ضد هذه العملية إلا دليل على ذلك . هذه الوسيلة الجبانة حصدت أرواح بريئة عزيزة وطاهرة إرتقت إلى ربها نسأل الله أن يتقبلها مع الشهداء والصالحين في جنان الخلد ، وأصابت المئات بعلل وآهات وجروح لم تندمل حتى الآن . المتتبع للمشهد بعينين صادقتين يلحظ النتائج العكسية للقتل الذي تمت ممارسته منذ الإنقلاب المشؤوم ، وهذا الفعل قد قاد كثيرين كانوا على الرصيف أو بعيداً عن شوارع النضال لإعتباراتهم الخاصة جداً ، هذا الفعل قادهم إلى أتون الثورة غير آبهين بشيء من قبيل الخوف والترويع.ثانياً : اللعب على الزمن : ظل الانقلابيون يعزفون على هذا الوتر ظنأ منهم أو جازمين بأن الوقت كفيل بجعل الشوارع تنحسر منها أصوات الغضب وروح الثورة ، إلا أن مرور وقت طويل نسبياً على أمد الإنقلاب دون تحقيق أي بند من بنوده خاصة فيما يتعلق بمعاش الناس وإستكمال هياكل السلطة الإنتقالية من مفوضيات ومجلس تشريعي ومجلس وزراء وغيرها . هذا التأخير كشف الوجه الحقيقي للإنقلابيين لعامة الناس بأن الهدف الأول والاستراتيجي الذي يشغل تفكير جماعة الإنقلاب هو كيفية القضاء على الشارع الثائر ، فلا إهتمام بمعاش الناس بل حدوث مزيداً من المعاناة على المواطنين ليس بداية بزيادة أسعار الكهرباء أضعاف كثيرة وليس انتهاءً برفع الدعم عن الخبز والغاز .
ثالثاً : نهب تلفونات وتخريب ممتلكات الكثيرين المتزامنة مع فض المواكب من قبل بعض القوات النظامية ، قد يكون له أبعاد تتمثل في تحفيز هؤلاء الذين يقومون بتلك العملية ، وقد تجعل بعض الثوّار يخرجون في المواكب دون إستصحاب هواتفهم الذكية وبالتالي تقليل عمليات تصوير المواكب والانتهاكات التي تتم فيها، لكن ما يجهله البعض أن هذا الأمر خطير وبالضرورة قد زاد الشرخ في العلاقة بين الشعب وقواته الأمنية وهذه لا يتمناها أي فرد ذو عقل رصين .
رابعاً : اعتذار الانقلابيون لقناة العربية والحدث عن انتهاكات جنودهم ضد هاتين القناتين . الإعتذار والرجوع عن الخطأ بكل تأكيد فعل حميد يستحق الثناء ، ولكن كما يعلم المتابع ظل السؤال منتصباً، لماذا قناة العربية والحدث دون غيرهما مع أن انتهاكات ذلك اليوم طالت قنوات أخرى كالشرق ومصور قناة روسيا اليوم وبعض الصحفيين ، وأن دماء الشهداء لم تجف على تراب الوطن في ذلك اليوم ولم تتم موارة جثثهم الثرى ، لماذا لم يذهب الإنقلابيون إلى ذوي الشهداء أو حتى الترحم عليهم عبر وسائل الإعلام؟ لأن من عرف السبب تعجب لما يفعله الريال والدرهم بضمائر الناس.
خامساً: تقفيل الكباري بالحاويات بغرض منع تدفق الثوّار من أم درمان وبحري إلى وسط الخرطوم ، قد حققت لهم هذه الغاية إلا أنها أصبحت تستخدم ضدهم ، بمعنى أنه لو تم قفل الكباري بالحاويات سوف تعيش الخرطوم في عصيان مدني بأمر الإنقلابيين أنفسهم ، وإذا تركت الكباري دونها سيتدفق الثوّار إلى قلب الخرطوم لتعزيز ودعم إخوتهم وأخواتهم هناك وبالتالي سيول بشرية تجرف كل طوق أمني وتسرِّب الخوف والهلع في قلب كل إنقلابي والذين بشجعونهم . وقد يحقق الاعتصام في أي مكان يختاره الثوّار لأن تجاربهم العملية أثبتت أنهم يبلغون وجهتهم مهما كانت المتاريس والعقبات .
سادساً: استباحة دور العبادة وبيوت المواطنين والمستشفيات بقنابل البمبان ، لن يعود على الانقلابيين بشيء غير الحنق والغضب من مختلف قطاعات المجتمع وتعريف الناس الذين كانوا يظنون خيراً في الإنقلابيين بهذه الجرائم عن تجارب عملية وليست إدعاءات.
على هؤلاء الانقلابيون أن يدركوا حقيقة أن هذا الإنقلاب لن يمضي إلى الأمام كما يتخيلون ، وأن إنشاء دولة الطغيان التي يتمنونها لن تتم ، وأن يد العدالة ستطالهم مهما بطشوا ..
وإذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بدّ أن سيستجيب القدر.
كلام في الصميم والله.. اسأل الله العلي القدير أن ياخذهم اخذ عزيز مقتدر.. وان يتقبل شهدائنا ويشفي جرحانا…