كما توقع اغلب المحللين للوضع السياسي في السودان، عاد الانقلابيين الي المربع الاول بعد استقالة حمدوك، في مواجهة رفض شعبي وتظاهرات مستمرة مع عزلة دولية وشبح عقوبات على المؤسسة العسكرية بالإضافة لميزانية خالية من اي موارد تقريباً ما عدا الجبايات والمزيد من الضرائب
في رأيي الشخصي المتواضع لن يطول الوقت حتى تتحرك المؤسسة العسكرية لحماية مصالحها بعد ان أصبح البرهان وحميرتي يمثلان خطراً على مصلحتها وربما بقاءها وبقاء السودان نفسه. الأزمة الحالية استحكمت ولن تفلح الإجراءات القمعية الفاشية التي اتخذها البرهان في القضاء على الثورة، بل إن ازدياد القتل والقمع والاغتصاب من قبل الانقلابيين يتناسب طردياً مع ازدياد الحراك الثوري واتساع رقعه الاحتجاجات لتشمل كافة طبقات الشعب (حتى ائمة المساجد)
ما سبق سيؤدي تلقائياً لفتح باب الباب واسعاً امام الإدانات الدولية تتبعها العقوبات ضد المؤسسة العسكرية حصراً باعتبارها المعرقل الرئيسي للتحول الديمقراطي في السودان، وما تصريحات دول الترويكا وبعض اعضاء الكونجرس الاخيرة إلا مؤشراً على جدية وخطورة الموقف
بالنسبة للرعاة الإقليميين للانقلاب، فهم حريصين على ان يظل الجيش لاعباً رئيسياً ومسيطراً على المشهد السياسي، ليضمنوا استمرار تهريب ثروات البلاد وتوريد المرتزقة، بالإضافة الي تمكينهم من اراضي السودان ومحاصيله، وليستخدم المصريين القوات المسلحة السودانية كمخلب قط في معركتهم المصيرية ضد اثيوبيا وسد النهضة
المؤسسة العسكرية في السودان ورعاتها الإقليميين يعلمون ان بقاء البرهان وحميرتي على رأس المجلس السيادي بصورته الحالية سيؤدي الي عقوبات دوليه تهدد مصالح الجيش الاقتصادية ومؤسساتها التجارية وحساباتها البنكية، كما ان عدم الاستقرار السياسي واستمرار القمع قد يؤدي اخيراً الي عسكرة الثورة الامر الذي يفتح الباب واسعاً اما صوملة البلاد وتمزقها على الطريقة السورية او الليبية، وهذا الامر ليس في مصلحة السعودية والإمارات ومصر. لهذا السبب اتوقع ان يتدخل الجيش ليزيح البرهان وحميرتي من السلطة كنوع من التضحية بالجنين لحماية الام.
هذا السيناريو تم تطبيقه من قبل حينما ازاحت المؤسسة العسكرية البشير (تحت ضغط الشارع) وبعده مباشرة الجنرال بن عوف واتت بالبرهان باعتباره وجها مقبولاً حينها ليقود المرحلة الانتقالية. الآن وبعد الفشل الذريع الذي ادار به البرهان الأمور خلال المرحلة السابقة، والغضب الشعبي الشديد ضد عساكر المجلس السيادي، لن يجد الجيش مفراً من التضحية بهم أو على الاقل ازاحتهم من السلطة وتغييبهم عن الانظار (في السعودية وفقاً للمبادرة الاخيرة مثلاً)، مع الإنحناء للعاصفة مؤقتاً عن طريق تقديم بعض التنازلات للقوي المدنية، مقابل الحفاظ على وحدة وتماسك ومصالح المؤسسة العسكرية
هذا السيناريو سيحظى بالقبول من المجتمع الدولي، الذي يبدوا حريصاً على نموذج الشراكة بين العسكر والمدنيين ويضغط في اتجاه إعادة هذه الشراكة مع تغيير الواجهة العسكرية وتحجيم دور الجيش مستقبلاً، كما ان الرعاة الإقليميين يستقبلوا اي حل يبقي لهم قدراً من النفوذ او الوصاية على السودان من خلال وكلائهم المحليين من العسكر والاحزاب إذا كان البديل هو الفوضى الشاملة
إذا لم تتحرك القوات المسلحة بسرعة لإزاحة البرهان لتتدارك الاسوأ فإن البديل يبدوا مخيفاً، من حيث عدد الضحايا وانهيار الاقتصاد مع احتمال تمرد وانقسام الجيش نفسه، مقدمة لحرب اهليه لا يعلم مداها إلا الله. نسأل الله السلامة
فليتمرد وينقسم الجيش فالجيش اصله منقسما طالما هنالك جنجويد ومليشيات الحركات المسلحة، والحرب الاهلية بعيدة عن السودان يا امجد تاني عسكر ما عاوزنهم وشركاتهم ترجع الي الشعب ويبقي العسكري عسكري فقط.
اي محاولة لإزاحة البرهان تعد مخاطرة تقود البلاد للمجهول ،فحميدتي بوصلته البرهان فلو ذهب البرهان انفجر الوضع(المشكلة ليست في البرهان وحده المشكلة الأكبر الدعم السريع) الذي للان يعيش بعقلية الغابه،،استشهاد المئات اهون من استشهاد الآلاف من شعبنا،
الخوف ليس من حميدتي ولا من اي احد جميعهم سيهربون بسبب مصالحهم الضخمة التي اسسوها من وراء الجيش…. ولكن لو قدر الله ودخل البلد في اي حرب أهلية سيكون الدعم السريع اول الخاسرين…بسبب الأعداء المتزايد تجاهه… كان اعداؤه محصور في الولايات الغربية…اما الان فقد شملت معظم أنحاء السودان الفظائع المرتكبة من أفراده.