
استغربت كثيرا لأولئك الذين يتساءلون بكل بجاحه وجهل عن سرّ مهاجمة الإعلاميين لمشاركتنا في إكسبو ، ويصفون شكل الجناح بالرائع ، وأن الإعلاميين يكتبون لأشياء في نفوسهم ، وهو تساؤل بالتأكيد لا يستحق الرد ويدخل في باب (وإذا أتتك مذمتي من ناقص) ، فالإعلامي ضمير الأمة ، ويراعه أمانة غالية لا يدرك قيمتها الأخلاقية سوى منتسبيه ، ولا أظن أن من يتجول في أجنحة الدول الأخرى سيحمل ذات التساؤل الساذج ، فجناحنا بدأ سيئا ، وأجريت عليه العديد من عمليات الترقيع بفضل كتابات الزملاء الإعلاميين وحتى هذه اللحظات لم يبلغ كامل درجات الرضا ولا توجد إشارة تدل على ذلك ، فالمفوض العام لجناح السودان تحاول جاهدة أن تفعل شيئا ، ولكن الفعاليات تأتي دائما بالتخطيط لا ردود الأفعال ودون شك أن من استعانت بهم في الأشهر الفائتة لا يملكون أية دراية بمثل هذا النوع من المشاركات بدليل الفشل الذي أحاطها والانتقادات اللاذعة من هنا وهناك ، فالقائمون على الأمر نسوا أن المشاركة الأساسية تكمن في طرح الفرص الاستثمارية وعقد صفقات مفيدة ، والفعاليات ليست سوى برنامج مصاحب للهدف الرئيس ، ولكن الجناح أهمل الهدف وركّز على الفعاليات وفشل فيها وحتى الآن لم تعرض أية فرصة استثمار حقيقية ، ولا يوجد سوى الأفلام الثلاث التي ملّت الشاشات تكرارها والمتطوعين الذين ظلمهم من وضع خطتهم التدريبية داخل الجناح إن كانت هناك خطة بالأساس ، أما جناح الابتكار فلم نجد فيه مبتكرا غير رئيسه الذي أدمن عرض ابتكاراته فيه ، بينما المبتكرون السودانيون يناشدون مساعدتهم الوصول لدبي لعرض ابتكارات كبيرة وهم لا يملكون ثمن التذكرة ولا التأشيرة ولا ما يعينهم على الإقامة خلال فترة المشاركة رغم الميزانية الخرافية المعلن عنها والتي تضاربت حولها أقوال المفوض العام التي أكّدت استلامها كاملة وإيداعها بنك السودان في الخرطوم وبنك النيلين في أبوظبي ، ثم عادت لتقول أن المالية لم تفي بكامل التزاماتها ، هذا غير مسألة الديكور غير المكتمل وجباية مطعم التّكية والكثير المثير ، وما يفقع المرارة هو تلك الفعالية البائسة في المسرح العام الذي قدّمت فيه ما تسمى بفرقة صوت المدينة عرضا أغضب من شهده من الجمهور السوداني ، ولم تعكس ثقافة ولاتراث ولاشيء يدل علينا ، بل على العكس كانت تردد وكأنها تصف مشاركتنا في الحدث ككل (حلّت علينا اللعنة) ، ويحمد لفرقة بيت العود أنها أنقذت الموقف ، والغريب في الأمر أن خلفية المسرح حملت اسم اليوم الوطني السوداني بالرغم من إن الجناح قرر إلغاء الاحتفالات واعتذر رسميا للمدعوين ، ولكن يبدو أن السريّة التي أشارت إليها وكيلة وزارة التجارة كما رشح في إحدى الكتابات المتداولة ، أضحت سمة تميّز الجناح الذي قرر الاحتفال بالاستقلال بذات السرية بالرغم من الوضع الحالي في السودان والذي يحتم وقف الاحتفالات في كل مكان تضامنا مع حال الوطن ، فالغموض هو كلمة سرّ الجناح منذ أن قررت بلادنا المشاركة بدءا بالشئون المالية والاتفاقات الغريبة المشبوهة والرعاة وغيرها من القائمة الطويلة من الأسرار التي أغلقت فقط على مسؤولي الجناح ولجنتهم السفاح التي يسير الجناح بتخطيطها الفاشل بعدما توارى كفيلها عن المشهد المناصبي في السودان وتوارى في جحر أجنبي .
ورغم استبشارنا خيرا بإدخال ممثلين اثنين من الجالية في اللجنة العليا لاحتفالات يومنا الوطني ، إلا أن اليوم نفسه تمّ إلغاؤه بعدما أهدرت الإدارة أموال الجناح عبر الاتفاق مع الفرق والمطربين وشلّ كل حركة فيه لا تفضي لاحتفالات ذلك اليوم الذي تم إلغاؤه علنا والاحتفال به في السر ، فإدخال ممثلي الجالية أصلا تم فقط لذر الرّماد في العيون وإسكات أو تحييد الأصوات الناقدة ، ولأن ممثلي الجالية دون شك رفعوا شعارات اتاحة الفرصة لجاليتهم بالمشاركة في الإنجاح ، لأن مشاركة الجالية ووجهت منذ البداية بتفكير ومنطق وردود فعل غريبة وكأنما الجالية لا تنتمي لهذا الوطن العريض ورغم ذلك لم تتوقف الجالية عن المشاركة بمسؤولية وطنية لا علاقة لها بالقائمين على الأمر فقامت العديد من المبادرات الفردية والجماعية ، فجناحنا حتى الآن لم يزره من غير بني جلدتنا سوى قلة قليلة لم تستفد من زيارتها شيئا ولم تجد فرصا ولا استثمرت ولا حتى وجدت المعلومة الصحيحة عند من أوكل له أمر إيصالها ، وكانت مشاركة ولاية البحر الأحمر ستكون مميزة بفضل الفرص التي تم تجهيزها للاستثمار ، غير أنها تحتاج الكثير من التخطيط المدروس والعمل المنهجي الجاد والتجهيز المسبق لتنجح ، ورغم نقاشنا قبل أشهر حول أهمية مشاركة ولايات السودان ، إلا أن المشاركة الولائية ظلت شبه معدومة لأن تركيز القائمين على المعرض ضلّ طريقه وتقوقع في التشريفات والتفاخر بحضور هذا المسؤول السوداني أو ذاك رغم أن كل زيارات المسؤولين السودانيين لم يستفد منها الجناح سوى الصور التذكارية ، وحتى الأخبار التي تم نشرها عن زيارة اثنين أو ثلاث من المسؤولين غير السودانيين ، لم نلمس في وصفها غير التباهي فقط بالزيارة وكأنما الزيارة من أجل الزيارة هي كل طموح المشاركة خاصة وأن أغلب الزيارات جاءت من باب زيارة الزائرين لكل الأجنحة ولم نشهد زيارة واحدة استهدفت خصيصا جناحنا البائس.
الأسوأ من ذلك هو أداء وكالة أنباءنا الرسمية سونا والتي أهمل الجناح مراسلها المعروف في اطار محاربته لنشطاء إعلاميي الجالية واستعان بمن لاعلاقة لهم بالمؤسسة وسياستها التحريرية فغدت أخبار الجناح فيها تفتقد المصداقية وتجنح لمغالطة الحقائق بالتطبيل الأجوف وامتداح مايستحق ومالايستحق المدح لينتهي بها المطاف إلى نشر صورة كادت تسبب أزمة دبلوماسية بين البلدين واضطرت سونا لحذف الخبر والإعتذار الرسمي على موقعها ، وقد حذرنا مرارا وتكرارا من جنوح سونا في تعاطيها لأخبار الجناح ونتمنى ان تكون هذه السقطة هي آخر السقطات فسونا هي الحكومة الفعلية لنا جميعا كإعلاميين ومايمسها يقدح في مهنيتنا جميعا .
شهرين ونيف فقط تبقت على ختام اكسبو علما بأن الشهر في اكسبو يمثل ثمانية ايام فقط هي ايام عطلة نهاية الاسبوع التي تحتضن الأحداث ، ولابد للمفوض العام من تغيير مخططاتها السابقة والعمل بمخططات مختلفة وأشخاص جدد لنتمكن من تعويض اقل القليل فيما تبقى من وقت كي لاتستمر الحسرة حتى نهاية الحدث .
وقد بلغت .
كسرات :-
• الإعلام حس قبل أن يكون رصّ كلمات وعبارات وجمل ، وكتابة الخبر يجب أن تكون من قبل شخص مختص يملك الحس الاعلامي الذي يعرف البروتوكولات ويقرأ المآلات ، ونشر الصور أصلا يحتاج الكثير من التدقيق ومن الغريب أن سونا لم تسأل حتى مجرد سؤال عمّا حدث لموفدتها شادية الجنيدابي ناهيك عن اتخاذ خطوة ، فإهانة موظف هي إهانة للكيان الذي ينتمي إليه
• بلادنا تتدحرج بسرعة مريعة نحو الهاوية ، ولابد من ايجاد حل عاجل ينهي كل مسببات وقف البلد ، وعلى الشباب الذين ينشدون الحرية والسلام والعدالة وكامل الحكم المدني ، أن ينأوا تماما بأنفسهم عن أي استقطاب سياسي من هذا الحزب أو ذاك حتى لاتتحول بسالتهم في اقتحام القصر الجمهوري لمسخ أشبه باقتحام أنصار ترمب للكابيتول في آخر أيام حكمه لأن الفرق كبير ، ولابد لهم من توحيد جهودهم والتناغم مع شباب الولايات ، فالعاصمة لاتمثّل أكثر من 25% من السودان العريض ، وحتى الشباب المغتربين لازالوا يشاركون بفاعلية واضحة من خلال التواصل الالكتروني ، وعلى القائمين على الأمر إدراك ان المشكلة لابد وأن تحل حلا جذريا ، فالكيانين المدني والعسكري اللذان حكما في الفترة السابقة أسقطا معادلة الشباب تماما ، ولم يشركوهما بصورة فعلية في حكم البلاد بالرغم من صناعتهم الخالصة لواقع الثورة ، وعليهم إدراك أن الشباب هم أبناء أسر هذا الشعب ،وأن لاينتظروا من أية أسرة أن تقف مكتوفة الأيدي وأبنها يواجه بالقمع والقتل ، الحرية ثمنها غالي ولكن ليس الشباب وحدهم هم المعنيون بدفعه بل وجب على الحكام أيضا دفع جزء من هذه الضريبة على الأقل بتحقيق مطالب صنّاع الثورة .
• مهما تباينت الآراء حول القوات العسكرية بمختلف تصنيفاتها من جيش وشرطة وأمن ، فإن وجودها ضروري خاصة في هذا الوضع المأسوي الذي أضحت فيه بلادنا سائبة مستباحة من مختلف القوى الاستخباراتية والدبلوماسية الأجنبية وغيرها ، ولابد من تأطيرها ومساعدتها على أداء مهامها الحقيقية التي أوجدت لأجلها ، فالعسكر أيضا هم أبناء هذا الشعب ، ولهم كامل الحقوق والواجبات المفروضة على المواطنين المدنيين ، ولابد من العودة للتوصيف الوظيفي الأساسي الذي انتمى بموجبه كل فرد للقوات العسكرية ، أما الحركات المسلحة بمافيها الدعم السريع فتحتاج لذوبان في الأجهزة الرسمية لو أردنا النأي بوطننا عن السيناريوهات السيئة التي رسمتها لنا وبيد أبنائنا مختلف الجهات التي لاتريد بنا خيرا ، ولابد من إدراك أن لاحل في الدنيا يكون بلا حوار
ونواصل ..
https://www.jsoors.com/2022/01
