
على الرغم من أن قوى الحرية والتغيير عبارة عن تحالف قوى المعارضة السياسية المدنية والمسلحة بالإضافة لتجمع المهنين الذي يجمع بداخله أغلب النقابات المهنية فقد تم استبعاد قوى الكفاح المسلح أثناء مفاوضات التحالف مع المجلس العسكري الانتقالي بعد مشاورات أديس أبابا التي نجح فيه قوى المعارضة السياسية المدينة من أبعاد قوى الكفاح المسلح التي تحولت إلى منبر جوبا وقد نتجت عنه اتفاقية جوبا لسلام السودان وبناءً عليه تم إلحاق ممثلين لقوى الكفاح المسلح بمجلسي السيادة والوزراء عقب التوقيع عليها.
تفجرت الصراعات داخل تحالف قوى الحرية والتغيير وظهرت الآراء المتباينة بين مكوناته حول بعض الموضوعات المهمة كالاتفاق حول إكمال بقية مؤسسات الفترة الإنتقالية مثل المجلس التشريعي الانتقالي والمحكمة الدستورية وغيرها وكذلك إعادة هيكلة التحالف وإصلاحها من أجل إكمال عملية الانتقال حتى الوصول للصيغة الديمقراطية حيث اصطدمت المبادرات مع آراء بعد الأحزاب التي ظلت تنفرد بالقرار داخل التحالف منذ 11 أبريل 2019 والتي كانت من ضمنها مبادرة رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك التي أعلن عنها في يوم 22 يونيو 2021 وقد أطلق عليها (المبادرة الوطنية الشاملة لمواجهة قضايا الانتقال) وقد أمهلت الحاضنة شهراً واحداً فقط لتكوين المجلس التشريعي الانتقالي.
استطاعت الجبهة الثورية السودانية متمثلة في رئيسها الدكتور الهادي إدريس يحى عضو مجلس السيادة الانتقالي ورئيس حركة جيش تحرير السودان المجلس الانتقالي في أن يجمع كل مكونات تحالف (قوى الحرية والتغيير) عبر الجلوس والحوار مع كل المكونات بما فيهم حزب الأمة الذي كان مجمد نشاطه داخل التحالف في ذلك الوقت إستطاع أن يصل معهم لتوافق وطني للانتقال نحو التحول الديمقراطي المدني عبر الاتفاق على إعلان سياسي جديد يجمع جميع الفرقاء ويوسع من قاعدة المشاركة داخل تحالف (قوى الحرية والتغيير) تم التوقيع عليها في يوم 8 سبتمبر 2021 بقاعة الصداقة بالخرطوم وقد وقع عليها جميع القوى بالتحالف ما عدا حركة العدل والمساواة التي انسحبت من التوقيع على الإعلان السياسي الجديد في اللحظات الأخيرة والقائد مني اركو مناوي الذي رفض الأمر من حيث المبدأ مدفوعاً بمرارة ما تم من قبل المكون السياسي المدني بالتحالف بإبعاد قوى الكفاح المسلح من مفواضات التحالف مع المجلس العسكري الانتقالي منذ مشاورات أديس أبابا ، هذاالموقف وجد فيه المكون العسكري ضالته لتقويض فرصة التحول الديمقراطي المدني بالبلاد خاصة مع اقتراب موعد تسليم رئاسة مجلس السيادة الانتقالي للمكون المدني كما نصت عليه الوثيقة الدستورية وذلك بعد تحالف الحركتين مع بعض الشخصيات من قيادات الإدارات الأهلية ومحاولاتهم لتكوين تحالف جديد سميت بمجموعة الميثاق وتطورت فيما بعد لمجموعة اعتصام القصر بعد تحالفهم مع فلول النظام السابق ، التحالف الذي صار يعرف مجازا (باعتصام الموز).
ثم اتجهت الأمور نحو التصعيد عبر الميديا وتصاعدت الحرب الكلامية والتراشق اللفظي بين قيادات المكون العسكري بمجلس السيادة الانتقالي وبعض قيادات قوى الحرية والتغيير بلغت حدتها مبلغاً بعيدا يوم ان صرح الفريق أول عبدالفتاح البرهان بعدم تشرفه بالجلوس (مع ناشط بقول أنا بخصم من رصيده السياسي) على حسب قوله ومؤكداً في نفس الوقت بعدم رغبة قيادات تحالف قوى الحرية والتغيير في قيام الانتخابات ومساعيهم لعدم انتهاء الفترة الانتقالية قبل القيام بمغامرته الخاسرة بأنقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر .
في أول مؤتمر صحفي له عقده بعد الإنقلاب ذكر الفريق أول عبد الفتاح البرهان جازما بعدم تسليمهم للسلطة إلا لحكومة منتخبة التي ستأتي عبر انتخابات حدد موعدها هو شخصيا خلال اللقاء ومؤكداً على مواعيد قيامها في يوليو 2023 اي بعد عام ونصف والذي ما زال مصرا عليه حتى الآن دون أن يدري بأن الزمن الذي حدده قد لا تكفي لاستيفاء مطلوباتها التي تتمثل في تنفيذ اتفاقية جوبا لسلام السودان خاصة ملفي الترتيبات الأمنية وعود اللاجئين والنازحين وتكوين مفوضيات العدالة الانتقالية وكذلك مفوضية الانتخابات ومطلوباتها مثل إجراء الإحصاء السكاني وإنشاء السجل الانتخابي وتوزيع الدوائر الجغرافية ، ناهيك عن إكمال عملية السلام مع قوى المعارضة المسلحة التي لم توقع إلى الآن وهما حركة جيش تحرير السودان قيادة الأستاذ عبدالواحد محمد نور والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو.
في الباب الأول من اتفاقية جوبا لسلام السودان أشارت الفقرة 13من اتفاق القضايا القومية بأنه (اتفق الطرفان على إجراء انتخابات عامة ، حرة ونزيهة بمراقبة دولية في نهاية الفترة الانتقالية على أن يسبقها تنفيذ الخطة المتفق عليها للعودة الطوعية للنازحين/ت واللاجئين/ت كما ورد في اتفاق المسارات المختلفة وعقد المؤتمر الدستوري وإجراء التعداد السكاني وإصدار قانون للانتخابات والأحزاب وتكوين مفوضية الانتخابات)
لذلك من المستحيل قيام الانتخابات دون تحقيق الشروط التي وردت في هذا الاتفاق واي محاولة لاجرائها دون تحقيق تلك الشروط سيدخل البلاد في متاهات اخرى .