مقالات متنوعة

ليس مستغرباً من عقرب أن تلدغ

(1)
لكل منا انتماءات عديدة. فنحن ننتمي إلى اقليم محدد، ومدينة محددة، ومدرسة أيضاً محددة داخل مدينة، وإلى فريق كرة قدم أو سلة أو طائرة داخل تلك المدرسة. لكن التركيز غير العقلاني على أي من هذه الانتماءات الفرعية يحمل في ثناياه بذور العنف والإقصاء.
يقول أمارتيا سن، عالم الاقتصاد الشهير، والحائز على جائزة نوبل في 1998م، إن الانتماء الوحيد الذي لا ينطوي على أي عنف أو إقصاء هو انتماء الناس جميعاً للجنس البشري. فنحن جميعاً بشر، وتواجهنا تحديات مشتركة وتحدونا آمال مشتركة.. إذ نطمح للقضاء على الفقر بيننا، والتخلص من التباينات الشديدة في الدخل، ونأمل بتوفير تعليم مجاني للجميع وتزويد كل أفراد المجتمع بما يحتاجونه من خدمات طبية وصحة بيئة تليق بهم. كل ذلك من أجل استقرار مجتمعنا وسعادته.
ومتى انصب تركيزنا على انتماء أو هوية فرعية، دخل علينا العنف من أوسع الأبواب (مسلم ضد مسيحي؛ سني ضد شيعي؛ سوداني ضد مصري؛ مريخابي ضد هلالابي؛ وهكذا دواليك).(2)
الآن دعونا نطبق هذه النظرية على تصريحات كبار قادة الإخوان المسلمين حول الحراك الثوري الذي ينتظم مدن السودان. تحديداً نعني بذلك تصريحات علي عثمان محمد طه واللواء يونس محمود.
فقد أجمع كلاهما على العنف ضد الشعب السوداني إذا ما تمادى في ثورته.
الإخوان المسلمون بذلك يعودون إلى النهج الأشعري الذي مارسه السلفيون في العصر العباسي وأدى إلى تقويض أسس العقلانية في الفكر العربي الإسلامي. وهو لم يكتف بزعزعة هذه العقلانية، بل قام بتصفية المنتمين إليها واحداً واحداً، ثم اخفى كتاباتهم مرة واحدة وإلى الأبد.
بعودة الإخوان المسلمين إلى هذا الفكر الإقصائي، ليس مستغرباً منهم اللجوء إلى العنف والإرهاب الفكري والتصفية الجسدية للخصوم.
بيد أن فكر القرون الوسطى لم ولن يجد القبول الواسع الذي يبرر وجوده بين الناس في مجتمعات القرن الحادي والعشرين. ولعل الحراك الحالي الذي ابتدره الشباب يمثل دليلاً لا يدحض على أن الناس تجاوزوا تخلف الماضي. ففي هذا الحراك رفض قاطع لـ «فكرة سيطرة الحتمية القدرية المطلقة على تصرف الإنسان»، على حد تعبير حسين مروة.

ياسين حسن ياسين <[email protected]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..