مقالات وآراء

حمدوك تراجيديا الحضور والغياب.. احمد مجذوب البشير

 احمد مجذوب البشير

ربما ما من شخصيه عامه أثارت الجدل وسلطت  عليها الاضواء في خلال الخمس سنوات الاخيرة  مثل شخصيه الدكتور عبدالله حمدوك ..ظهر الرجل علي سطح الأحداث في أعقاب ترشيحه من قبل نظام  الانقاذ ليكون وزيرا للماليه في حكومه معتز موسي.. وهو اختيارا اوجد تباينا كبيرا بين مراكز القوي وصناع القرارفي داخل النظام من حيث رفض الرجل وإبعاده..اواختياره والقبول به..ومن ناحيه أخري مارس معارضي النظام ضغوطا كثيفه وتحريضا كبيرا عليه حتي لايقبل هذا المنصب وان يرفضه تماما.. وكان هذا ما الحدث فتمنع الرجل ورفض قبول المنصب..ولربما كان هذا الموقف هو السبب الأساس الذي جعله المرشح الاعلي اسهما لتولي رئاسة الوزارة عقب الإطاحة بنظام الانقاذ..فتم تسويقه علي هذه القاعدة مضافا اليها بعض الشروط و الاعتبارات..كصفة الخبير الاممي ذو التجربة العريقه والكبيرة المكتسبه من العمل في دهاليز الامم المتحده والمنظمات التابعه لها..ومساهمته كذلك عبر مواقعه المتعدده التي تسنمها رفقه نظرائه.. في تحقيق عبور آمن لكثير من  الدول في جوارناومحيطنا الافريقي و التي مرت بفترات اضطراب سياسي واقتصادي وامني كثيف واحتاجت لفترة انتقال سلس يقود للهدوء والاستقرار….هكذا دلف الرجل لسوح السياسه السودانيه بهذه السيرة الذاتيه المعتبرة..والتي سوق من خلالها..بأعتباره منقذا..ومخلصا..ومؤسسا..وجسرا للعبور ونافذه يطل منها السودان علي العالم الخارجي..بحكم صلاته وعلاقاته مع القوة المهيمنه والإرادة المتنفذه والمؤثره في هذا العالم..فلا غرو اذن أن الرجل من اول مهامه التي قام بها بعد أدائه القسم رئيسا للوزراء وقبل ان يجلس متوهطا علي كرسي الوزارة ..وتستقر  قدميه جيدا علي ارض البلاد التي غاب عنها طويلا..ليدري اين موضعهماو مستقرهما..يمم وجهه شطر البيت الأبيض طالبا السند والمساعدة والاعانه علي مهمته وبالسرعه المطلوبه..فآمال شعبه عليه عراض والتفاؤل لا حد له.. وخذلانه في ظل هذا المشاعر تهدد مشروعه الإصلاحي وتحبط الآمليين و المعولين عليه ..لكن هل وجد الرجل الاستجابه السريعه والحاسمه لهذه المطلوبات؟ ! أم ارتدت عليه السهام وانعكست المطلوبات من له لعليه؟ اكتشف الرجل أن حلفائه قد جهزوا له سلسله طويله من المطلوبات والالتزامات الواجب تحققها قبل البدء في عمليه مد يد العون والمساعدة له..ومن ضمن هذه الاستحقاقات استحقاقات ماليه مطلوب منه ان يسددها وعلي وجه السرعه..بغض النظر عن وجاهة هذه الاستحقاقات..وعدالتها ومصوغها القانوني من عدمه..المهم الدفع وبأسرع  ماتيسر..حتي وان كانوا يدركون واقع الاقتصاد المزري والأزمات التي تخنق دوله حليفهم وصفيهم..ولكن لاوجود هنا لمعيار أواعتبارللاخلاق اوالانسانيه..المصلحه فوق كل اعتبار.. حينها كان علي الرجل أن يدرك أن قضايا الشأن العام لاتذهب كما يروم الشخص ويتمني.. حسب انتمائه وهواه وعاطفته..وانما تمارس وفق وقائع الاشياء ومعطياتها الحقيقيه لاالمتوهمه والطوبايه..ووفق لذلك يكون صاحب القرار السياسي قد وجد لنفسه حرزا يقيه ويحميه من الانزلاق والانجراف وراء رغباته الذاتيه وتصوراته الساذجه التي تقوده في النهايه لطريق مسدود وفشل مقيم..وهذا ماحدث  بالفعل ..فقد ساهم المجتمع الدولي بكل تمظهراته دولا ومنظمات وهيئات مساهمه فاعله في الا تصل الفترة الانتقاليه لمرافيها المرجوه..وان يكون حصيله مردودها بهذا التواضع والبؤس  ..فلقد كف مد يد العون والمساعدة عن حكومة عبد الله حمدوك ومارس عليها ابتزازا رخيصا ودنئا أظهر به وجهه القمئ والقبيح..عندما استمرأ سياسه وضع الشروط المجحفه المذله..شرطا يعقبه أخر..كعربون يتم دفعه مقدما من اجل إنجاز عهده والايفاء بإلتزاماته.. والي جانب الاكثار من الوعود السراب هذه .سعي  للاكثار من عقد المؤتمرات والسمنارات والورش التي لم تنتج سوي الاوراق والثرثره والاسفار التي لا مردودلها و لاجدوي من ورائها..ولهذا كان الحصاد والمحصله والحصيله  صفرا كبيرا..و مع سياده وتمدد روح الإحباط واليأس لدي الناس من تفاقم الأوضاع الاقتصاديه.. وتواضع القدرات السياسيه  لجل مكونات حاضنته..غرق الرجل وتم إلهاه عن القضايا الكبري بقضايا الصراع والحزازات. فضاع جهده فيمابين مهامه الاساسيه وبين فض المنازعات والاشتباك واطفاء الحرائق  وردم الهوه وتقريب وجهات النظر بين شركاء الفترة الانتقاليه..فوجد نفسه في لب العمل السياسي وهو الذي من المفترض رئيس هيئه سياسيه تنفيذيه  ذات مهام معينه تنجز في فترة زمنيه محدده..ولكن التشاكس وعدم النضج السياسي جعله يطرح المبادرات وخرائط الطريق للخروج من الأزمات وفك اختناقات وتخفيف توترات الساحه السياسيه..ولكنه لم يجد آذانا صاغيا..ولم يحفل به اويستمع اليه احد.. في ظل حفلة الهياج هذه ؛التي علا ضجيجها وارتفع صخبها وعلا غبار رقصها وبلغ عنان السماء أغتم الجو السياسي وانعدمت الرؤيه
.وسدت منافذ التهويه.. فكان الخروج الضيق من باب الدخول الواسع..فبعد أن كان محل شبه إجماع أصبح مختلف عليه..ومن عامل وحده وتناصر.. لعنصر فرقه وشتات . وتلاشي الامل الذي وضعه الناس فيه..وعاد الناس الآن من اول الطريق يبحثون عن شخص آخر ليواصل بهم مسيرة الانتقال.ليطلقون عليه الألقاب ويضفون عليه النعوت ..
ومهما يكن من شئ فإن تجربة الدكتور عبدالله حمدوك جديرة بالنظر إليها بعين الاعتبار والمسئوليه..فلقد جاء الرجل والكل ينظر إليه من زاويته الخاصه..اراده البعض سيفا مصلتا علي الخصوم تجز به الرقاب وتزهق به الأرواح..واراد آخرون إتخاذه مطيه ينفذ بها اجنده معنيه بهندسه شامله تطال السودان وارثه..ومورثاته..في السياسه والاقتصاد والاجتماع..وإعادة صياغته من جديد..واراده البعض جسرا للعبور لتحقيق طموحاته الخاصه الحزبيه والسياسيه سعيا للوجود في دائره الضوء والأحداث لأكبر قدر ممكن وبأقل تكلفه سياسيه.. هذه بعض من الخطوط والعناوين العريضه المطروحه في المشهد السياسي ..والله اعلم بالسرائر ..اي الاجنده كانت تمثل مركزيه في ذهن وتفكيرالدكتور حمدوك.؟!!.وربما الرجل لااجنده له البته مما سبق   ذكره ..,وان هذه الهواجس لا أساس لها.. وانما هي مجرد توهمات وتخرصات..يطلقها خصوم الرجل من باب الكيد و التربص ووضع العراقيل في طريقه.. ولكن اسلوب  أدائه ومنهج اختياره لوزرائه وطاقمه المساعد ..وطرح بعض القضايا التي لم تكن ذات اولويه أواهميه أو حتي من اختصاص الفترة الانتقاليه..هذه شواهد  وقرائن اخذت عليه..حيث انها تنبئ عما في خلجات النفوس ودفائنها وماتخبأ واستكن في الأذهان و العقول.. لقد كان الرجل فيه شركاء متشاكسون  كل معه أو ضده حسب  قربه أو بعده من أجندته..وترتيبه الأولويات..كانوا لايتناهون عن منكر الاجنده الصغيره ولايتواضعون علي فكرة مثمرة.. مترددي المواقف عاطلي الموهبه والرؤيه
.خاليي الوفاض من اي دربة اوحنكه أو افق سياسي ..لايحسنون الانتقال للمربعات الفعاله و الايجابيه..ارزؤ بصاحبهم
ووضعوا له العثرات والمتاريس..وساعدهم هو بصفاته الشخصيه الممعنه في المثاليه المفارقه للحزم والعزم المطلوبين.. فكان أن غادرالمنصب وتجافي عن المشهد..تاركا تجربته للتقييم والافادة رغم حجب المعاصره والمجياله التي تقدح في عداله التقييم وموضوعيته..ولكن مستقبلا للتاريخ أن يقول كلمته وشهادته فيه سوي كانت له اوعليه  ..

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..