مقالات وآراء

حديث المزارعين و مبادرة لتعزيز التمويل الزراعي

إسماعيل آدم محمد زين

إنتظمت البلاد في حراك ثوري طغي علي أنشطة الحياة الأخري، بما في ذلك الانتاج الزاعي و أحوال الناس المهمة- وهو أمرُ شبيه بما حدث خلال فترة المهدية الأولي، فقد أحضر الخليفة عبد الله التعايشي المواطنين و زعماء العشائر للعاصمة وذلك لدواعي تثبيت حكمه و لاحكام سيطرته.
لم ينتبه الناس لمساع خليفة المهدي الجديد وقد أعاد ذات السيرة بدعوة زعماء القبائل و تحالف مع زعماء الحرب من أمثال أركو مناوي و جبريل و غيرهما وقد جاء بهم للعاصمة كذلك ! و يا لها من مصادفة عجيبة ! بعض من هؤلاء الزعماء هم أحفاد للزعماء التقليديين !
ترتب علي ذلك العمل إغفال شأن الزراعة و من ثم جاءت مجاعة سنة 6 ! نأمل ألا تعقب أعوامنا هذه مجاعة أخري .
و من هنا يجئ حديث المزارع محمد زين البصير عن إحتمال فشل الموسم الشتوي في مشروع الجزيرة ، مركزا علي محصول القمح- إذ لم يلتزم البنك الزراعي بتوفير السماد و التقاوي.وهو وعد أطلقه و لم يفي به !
لقد أقدم مزارعو المناقل بتهديد سلطات البنك الزراعي ، فهب لتقديم ما يلزمهم من إحتياجات! و يا له من أمر غريب ! تعودت عليه السلطات كافة، فهي لا تسمع إلا من يحمل السلاح أو من يهدد! ومن عجب فقد شجع البشير علي هذا التوجه وخاطب زعماء الاحزاب المسالمه ” بانه لا يفاوض إلا من يحمل السلاح” فحمل الجميع السلاح!
يقول محمد زين بأنه في وسع الفرد شراء 200 جوال من السماد نقداً من البنك الزراعي ! ولكنه يحجم عن تمويل المزارعين. و يواصل المزارع ” بأن بعض المزارعين أنذروا البنك الزراعي بأنهم لن يوردوا القمح إذا لم يتم منحهم السماد. لذلك يبدو بأن الحكومة تتخلي عن واجباتها و تترك هذه المهمة علي عاتق البنك الزراعي وهو مؤسسة ربحية بحكم طبيعته مع العلم بأنه مملوك بالكامل للدولة و المزارعين شركاء في هذه الدولة.
و يبقي البنك الزراعي التجاري بعيداً عن هموم المزارعين و مشاغلهم! لذلك أري إعادة النظر في هذه المؤسسات،مثلا للبنك الزراعي أهدافاً عريضة منذ إنشائه في عام 57-59 من القرن الماضي.إذا ما تم تقييم إنجازاته، قد لا تكون بحجم الطموحات،لذلك و بدلاً من توزيع موارده الشحيحة أري أن يعمل لتمويل مشروع الجزيرة مع توفير المخزون الاستراتيجي أو تترك هذه المهمة لجهة أخري. لو نجح البنك الزراعي في تمويل مشروع الجزيرة ، سيكون قد حقق خدمة جليلة للاقتصاد السوداني- إذ أن منطقة مشروع الجزيرة تضم طيفاً واسعاً من أهل السودان و هو مصدر للعملة الصعبة علي مدي أزمان متطاولة و في مكنته أن يواصل هذا الدور الهام. مع النظر في تطوير إدارته و إبعاد غير المؤهلين أومن جاء إليه بأجندة شخصية أو حزبية و هنا تحضرني قصة المدير الذي قضي علي أموال البنك في زيادة عدد أفرعه لتصل لعدد سور القرآن الكريم !
من المهم أن يتولي البنك الزراعي تمويل البحث العلمي خاصة في مجال إكثار البذور و تحسين المحاصيل.
و النظر بجدية في تسييل الفروع التي سيتم التخلص منها و وضعها في مال دوار يقدم للبنوك الأخري العاملة في منطقة مشروع الجزيرة.
يُعزي فشل البنك الزراعي للأسباب الاتية:
1- ضعف القيادات و عدم تسلحهم بالمعرفة المطلوبة و التفكير الابداعي.
2-عدم إدراكهم لواجبهم تجاه البلد و الشعب.
3- إنعدام الرقابة و المتابعة.
4-ضعف الحوافز و عدم جاذبية بيئة العمل. يجب أن يصبح البنك الزراعي جاذباً لأفضل و أميز الكوادر في البلاد.وعلينا ألا نحجم عن من جلب الكوادر المؤهلة من الخارج. و علي السلطات أن تعلم بأن بريطانيا العظمي إستعانت بمواطن كندي لادارة البنك المركزي البريطاني. وقد أوشكت ولايات أميركا المتحدات أن تستعين ببروفسير فيشرFisher من دولة إسرائيل لادارة صندوق الاحتياطي المركزي.FRF.
5-لا بد لأجهزة الرقابة ،مثل البرلمان أو المجلس التشريعي أن يقوم بواجبه في مراقبة كافة المؤسسات، بما في ذلك القاع الخاص ومحاسبة كل من يقصر في آداء واجبه.و علينا أن ندرك بأن المال العام يشمل أموال القاع الخاص و أموال الأفراد.
6- علي هذه المؤسسات أن تتطور باستمرار من داخلها و من الخارج عبر إدارات للمعرفة أو أقسام للبحث و التطسويرR&D.
7-النظر في السماح لكافة البنوك أن تعمل في مجال التمويل الزراعي، لأهميته القصوي في الاقتصاد القومي. وفي هذه الحال علينا إعادة النظر في البنك الزراعي و بيعه و وضع الاموال المتوفرة في كافة البنوك لأغراض الانتاج الزراعي، مع إلزامها باستيعاب الكوادر المؤهلة منه لتشغيل نوافذ التمويل الزراعي أو أقسامه بالبنوك المختلفة.

[email protected]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..