مقالات سياسية

بعد مبادرة الأمم المتحدة

الرؤية الآن
طارق عبدالهادي
الذي يثق في نفسه ويعرف هدفه جيدا عليه ان لا يتردد.
المخرج مما نحن فيه اليوم هو في ثلاث أمور .
أولاهما أو الهدف الذي يجب ان لا يحيد عنه الجميع اليوم هو ذهاب المكون العسكري (العسكريين الخمسة) ، تنحيهم و إخراجهم عن المشهد كليا ، والسقف هنا يرتفع حتى يصل الى اعلى درجة ، العفو عنهم مقابل التنحي ومغادرة البلاد ، و هذا يعتبر قمة الرقي والتسامح من أجل انقاذ البلاد ، والعفو يجب ان يتم بعد صدور تقرير لجنة فض الإعتصام بعد تفعيل وتغيير هذه اللجنة ، إذ أن هذا التقرير حتى وان تم العفو عنهم في الصفقة أعلاه أو لم يكن من الممكن محاكمة هؤلاء العسكريين ، هذا التقرير من شأنه ان ينهي ، و إلى الأبد ، اي مستقبل سياسي لهم حتى بعد عقود من الزمان ، الذي يحير ان هؤلاء الخمسة ليست لديهم قدرات قادة الدول ليقال انهم مرشحون محتملون ، مقدراتهم الشخصية منعدمة والثقة فيهم معدومة من الذي زرع لهم الوهم وغذاه في عقولهم؟ .
ان استبدال هؤلاء الخمسة حتى ان كان البديل عنهم هم من الضباط الإسلاميين في الجيش ربما نعثر على مثقفين منهم يؤمنون بتاريخ هذه البلاد ، ينتمون لها ، ويجري في دمائهم حبها ولعه من اطرف ما سمعت من أحد الإصدقاء ان د الجزولي دفع الله نجح في ابريل 1985م لأنه وجد في رئاسة الجيش سوار الذهب في حين وجد المدنيون ، على ضعفهم في الادارة والحكم خلال السنتين الماضيتين و هذا مبحث آخر سنعود اليه ، وجدوا سراق الذهب.
تنحي العسكريين الخمسة عن المشهد هذا هو الرد الأولي الذي يجب ان يسمعه اي مبعوث دولي أممي ، والرسالة تكون موحدة في مطلبها للمجتمع الدولي ، إذ بذهاب هؤلاء الخمسة تحل عقدة المنشار وتنتقل البلاد الى مربع جديد كليا وستكون هناك روح جديدة وبناء للثقة من جديد مع الجيش ، ويجب توجيه رسالة واضحة وقوية لدول الجوار والإقليم وللمحاور المختلفة من أن مصالحهم ستتضرر كليا لمن يدعم منهم هؤلاء الخمسة عسكريين وان ذلك هو شروع في عداوة بائنة بينونة كبرى مع الشعب السوداني مباشرة وفي تقتيله وتصفية خيرة ابنائه وان مصالح هذه البلدان ستضرر بشكل كبير مستقبلا ان استمر هذا التقتيل و ركوب الرأس وعدم التنحي والمؤسسة العسكرية فيها الكثير من الكفاءات والوطنيين والمثقفين فلماذا التمسك فقط بهؤلاء الخمسة؟ ستضرر مصالح هذه البلدان بشكل كبير سواء في التعاون في ملف مياه النيل او في مشاريع هذه البلدان الزراعية الضخمة وهي في مناطق طرفية تصعب حمايتها بغير الرضا المجتمعي العام في أماكن تواجدها البعيدة او في التجارة البينية او في السلع التي تنساب لهذه الدول من السودان او في الدعم والمساندة التي يهب لها السودانيون وقوفا مع هذه البلدان الجارة والصديقة والهامة لنا .
الأمر الثاني ان كان ثمة من عودة للشراكة وتم ترميم الوثيقة الدستورية فليتم ذلك بإستحقاقات واضحة وضوح الشمس ولا لبث فيها :
1 – هيكلة مجلس السيادة الى ستة أعضاء فقط ، اثنان لكل من قوى الحرية والتغير المركزية و الجيش وشركاء السلام و نقل رئاسة السيادي الى المدنيين فورا ويتولى رئاسته من ترشحه قوى الحرية والتغير المركزية وهو الإستحقاق الذي من اجل التنصل عنه تم انقلاب ال 25 من اكتوبر ، نعود اليه وليعلموا انه لابد من صنعاء وان طال السفر.
2 – نقل صلاحيات وزارة الداخلية كاملة لرئيس الوزراء وتشمل الشرطة وجهاز الأمن وإعادة الضباط المفصولين ظلما من العهد البائد وسترون الفرق حينها في تغير أداء و شكل الشرطة كليا وترك وزارة الدفاع كاملة للمكون العسكري يفعل فيها ما يشاء حتى الإنتخابات.
3 -نقل الإتصالات والبنك المركزي و سلطة الطيران المدني والسلطة على المطارات الى مجلس الوزراء و الى رئيس الوزراء ووزارة الداخلية.
4- نقل جميع الشركات التجارية التي بحوزة الجيش الى مجلس الوزراء والى رئيس الوزراء
5-انشاء بورصة الذهب فورا تلك التي عرقلها المكون العسكري ليقوم بتهريبه.
6 – قفل الحدود مع دول الجوار وان لا يتم تصدير اي سلعة إما جوا فقط عبر مطار الخرطوم وبرا الا عبر ميناء بورتسودان و ذلك بعد وصول المقابل بالعملة الحرة الى حساب معتمد في بنك السودان وايقاف التعامل بعملات دول الجوار كليا وتفعيل قوانين مكافحة التهريب بما يشمل مصادرة المركبات والعملات والسلع المقبوضة والتشهير الإعلامي بالمهربين ومكافأة قوات شرطة التهريب.
7- اصلاح القضاء بتشكيل مجلس قضاء عالي من كبار السن من هم فوق ال 65 عاما اي الخبرات الوطنية المخضرمة ومن يخافون الله وتشكيل المحكمة الدستورية والعليا وتعينن رئيس القضاء والنائب العام و تنفيذ الاحكام في قتلة الشهيد احمد خير والآخرون.
8 – أقرب طريق لتحقيق المدنية كاملة وأقل الطرق تكلفة لإزاحة العسكريين عن المشهد كليا هو في إجراء الإنتخابات في موعدها في يوليو من العام القادم 2023م و خوف قوى الحرية و التغيير من الإنتخابات هو خوف لا مبرر له وعليهم ان لا ينجروا الى موقف الحزب الشيوعي المتطرف ، سأتطرق لهذا الموقف في نهاية المقال ، نعم لا مبرر للخوف من الإنتخابات فالذي قام بالثورة هو من سيفوز في الانتخابات. واقرب مثال هو التجربة المصرية ، من قادها هم الاخوان والسلفيون مع القوى اليسارية ، اجريت هناك الانتخابات بعد عام واحد فقط لا اكثر وكان نظام مبارك والحزب الوطني متجذرا بشكل كبير ولم يقل احدا ان الدولة العميقة ستفوز ، ولم تتح لهذه القوى فترة عامين للتمرس في الحكم كما حال معارضة السودان اليوم التي حكمت عامين واكتسبت خبرات كبيرة في الحكم ، الخوف هو حالة نفسية لا أكثر ، و موقف الحزب الشيوعي الذي يخوف الآخرين من الانتخابات غير صحيح ، في مصر بسهولة فاز من قام بالثورة هناك واصطف الاخوان والسلفيون في الصفوف منذ الصباح الباكر وسموها ب غزوة الصناديق وحصل تحالفهما على 65% من البرلمان المنتخب مع فوز مرشحهم بمنصب رئيس الجمهورية .
لم الخوف اليوم من الإنتخابات ، قولا واحدا تجمعات لجان المقاومة اليوم هي من تقود الشارع وستفرز قياداتها بنفسها وستكون كتلة انتخابية معتبرة وسيتمرنون في السياسة عبر التحالف في البرلمان المنتخب مع كتلة تجمع المهنيين و مع حزب الأمة القومي و مع أحزاب الشيوعي والمؤتمر السوداني وتجمعات الاتحاديين و الحزب الجمهوري رغم صِغر حجم بعضها لكنها كانت الأحزاب الأكبر أثراً في تحريك الشارع ومقاومة الإنقاذ وسقوطها ، وجود هذه الأحزاب متحدة و مجتمعة معا بقائمة واحدة ستحسم نتيجة الانتخابات لصالحها واليوم وضعها اقوى وافضل الف مرة من وضعها قبل سنتين عشية سقوط نظام البشير وبالذات تنسيقيات لجان المقاومة فقد تطورت كثيرا في مدن العاصمة الثلاث ومدن الاقاليم ويجب اسثمار ذلك انتخابيا بدون اي تأخير او تنظير.
الإنتخابات هي لابعاد المكون العسكري وبعدها ، لاحقا ، يمكن لهم ان يتمايزوا كما يشاءون ويطرح كل منهم برنامجه على الناس في الانتخابات التالية.
الخلاص من العسكريين ليس بالضربة القاضية بل يجب الاهتداء بالتجربة التركية ، على مراحل .
عندما تكون منتخبا ، ستكون اخلاقيا معك الحق ، حينها فان الدفاع عن الديمقراطية الوليدة لا يجب ان يكون سلميا بل بكل الوسائل باعاقة حركة العربات والدبابات في الشوارع كما حدث في تركيا صيف عام 2016م وفشل الإنقلاب هناك بالجماهير وبانحياز الشرطة انزل من يقودون المدرعات والدبابات عن مركباتهم وهم مذعورون يرتجفون و يتمسكون في الشرطة كالأطفال لتحميهم من ضرب الناس وفتكهم بهم.
الأمر الثالث او الخيار الثالث ان لم يجدي الخيار الأول والثاني نفعا ، اي في حالة وصلنا الى انتخابات وتنكر لها العسكريون ، هنا فقط يصلح خيار الحزب الشيوعي ، خيار شمسون ، وهو أن الناس تستعد لمرحلة الجيش الحر لتحرير البلاد ، يسخن عبد العزيز الحلو جبهته و يذهب الشباب الى مناطق الحلو والى اثيوبيا في منطقة الدمازين وبني شنقول لتشتيت قوات الجيش ، اي جيش لا يقف معه شعبه سينهار ولن يكسب اي معركة ، هذه هي الحقيقة التي يغفل عنها هؤلا الخمسة من قادة الجيش اليوم ، ستنهار المدن من كادوقلي بجنوب كردفان كقطع الجاتوه مع ترحيب السكان والمزارعين وشماتة سكان المدن في وسط البلاد وعاصمتها ، حينها فقط سيتحرك شرفاء الجيش لإزاحة هذه القيادة التي لا يعرف أحد هي تتيع لمن ، وذلك قبل ان ينشق الجيش على نفسه ففيه شرفاء ووطنيون وستنتصر الديمقراطية لا محالة.

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..