
أسامة ضي النعيم محمد
هو تنظيم الضباط الأحرار، بدأ في مصر تحت مسمي حركة الضباط الأحرار المصريين ، هي تنظيم تأسس من بعض ضباط الجيش المصري بقيادة محمد نجيب ، قاموا في منتصف ليلة 23 يوليو 1952م ، حيث نجح الاميرلاي (المقدم) يوسف منصور صديق ، الذي تحرك متقدما ساعة علي موعد التحرك الاصلي والمحدد من الحركة سلفا ، بالاستيلاء علي مبني هيئة أركان الجيش والقبض علي من فيه من قيادات ، ومن خلال صيغة كتبها جمال حماد أعلن قيام الجيش بحركة لصالح الوطن وقرأها أنور السادات بالإذاعة المصرية. الجدير بالذكر أن الحركة اختارت اللواء محمد نجيب نظرا لعامل السن ليرأسها.
جرت أحداث كثيرة في مصر تأثرت بها شخصيات عديدة في تنظيم الضباط الأحرار ، الثابت الوحيد استمرار التنظيم وتمددت قاعدته رسوخا ليمثل حزب مصر الوحيد الذي يحكم بلا منافس ، ألغي نظام الاقطاع في مصر وحل محله ليكون الاقطاعي الاكبر في أم الدنيا ، أمم البنوك والشركات الاجنبية وصارت تحت ادارة التنظيم وعضويته ، صار تنظيم الضباط الأحرار هو الدولة والسلطة والحزب الوحيد في مصر .
مد تنظيم الضباط الأحرار نفوذه الي السودان في محاولات لإبقاء السودان تحت الوصاية المصرية حال خروج الانجليز ، روج كثيرا لفكرة الاتحاد بين مصر والسودان ولعب الصاغ صلاح سالم دورا غير مشكور في هذا المنحي ، لا ينسي التأريخ للصاغ رقصته عاريا في أحراش الجنوب عام 1953م ترويجا لاختيار الوحدة مع مصر ، ولله الحمد فشلت المحاولة ولكن جهود احتواء السودان تعاظم في داخل تنظيم الضباط الأحرار الحزب الحاكم في مصر.
نجح تنظيم الضباط الأحرار المصري في اختراق الحياة السياسية في السودان عبر انقلاب 25مايو 1969م ، تحالف الناصريون مع الشيوعيين لإنجاح الانقلاب ، سبق للتيار الناصري بين الضباط السودانيين أن قام بمحاولتين فاشلتين ، في يونيو1957م و كانت الاولي بقيادة اسماعيل كبيدة والثانية في نوفمبر1964م.
ما يهمنا في هذا الجانب هو عملية استنساخ تجربة مصر وتفريخ تنظيم للضباط الأحرار في السودان ، للأسف اتجهت الأحزاب السودانية للاستقواء بنظام الضباط الأحرار بدلا من منع انتشاره واخراجه من الحياة السياسية السودانية ليبقي الجيش مهنيا ولكل أهل السودان عقيدته وولاؤه ، لجوء بعض الاحزاب الطائفية ومن بعد العقائدية الي مؤسسة الجيش ساهم في نمو حركة الضباط الأحرار ، كان منهم الناصريون والشيوعيون والقوميون والبعثيون والغلبة أخيرا لحركة الاخوان ، بانقلاب الاخوان في يونيو1989م أفرغت حركتهم القوات المسلحة من العناصر المناوئة وصار التمكين كاملا للضباط بالصبغة الاخوانية.
عقبة استمرار تمويل حزب الضباط الأخوان تغلبوا عليها بوصل حبل سري يغذي تنظيمهم من أموال الدولة ، تجنيب أموال البترول وبناء صروح اقتصادية من المصادرالاساسية لتمويل أنشطة الحزب وتمكين الاعضاء ماديا ، انطلقت العناصر بين التنظيم داخل القوات المسلحة والعناصر الاخوانية في الفضاء السياسي المدني للاستيلاء علي مفاصل الدولة تمكينا كان بنك السودان وحصائله بالعملات الحرة وتوجيه حركتها تحت بصر التنظيم وقائده البشير والذي مثل فعلا المدير النافذ الذي تسير بتوجيهاته حركة المال في البنوك .
من هناك وعبر الحدود ما يزال حزب الضباط الأحرار الحاكم في مصر يرنو لتحقيق الحلم القديم ، اذا عز جلب الرجال والذهب وريش النعام من أرض السودان استمرارا لما كان في عهد الخديوي ، فجلب محصولات السودان من صمغ وسمسم وفول وقونقوليس يسهل الحصول عليها بعباءة التنظيم المشترك في البلدين ، حزب القوات المسلحة في مصر يمد الايادي ويرسل شاحناته ومؤسساته الاقتصادية للاستثمار في السودان ، تنقل الشاحنات العجول السودانية الي مصر ويعاد تصدير لحومها الي أوربا ، يستجلب القطن ببذرته وتصنع منه الملابس القطنية عالية الجودة ومن الغلغل يستخرج الزيت والاُمباز للتصدير وبسعر سلعة واحدة. تحقق بذلك الهدف الذي كانت تسعي اليه مصر الملك فاروق ، وحصلت مصر علي اِذعان حزب السلطة في السودان من خلال عجلة التجارة وتشبيك مصالح الافراد مع بقاء حزب الضباط وديمومته.
تفكيك حزب السلطة وعودة المهنية الي القوات المسلحة وإخراجها من النشاط الِاقتصادي شرط يسبق الِانتخابات في السودان.
كلام في الصميم