مقالات وآراء

غريب أمر تلفزيون السودان.

محمد حسن شوربجي

فهو يكاد يكون الجهاز البصري والسمعي الوحيد في العالم الذي لا يمتلك  بصرا ولا سمعا..
فهو كالاعمي لا يري ولا يسمع  ما يحدث حوله  من احتجاجات ومسيرات شعبية..
وحتي تلك ‬المليونيات التي يموت فيها  الابناء ‬لا تكاد تهمه..
فهو يعرض برامج انصرافيةوالدماء تسيل في شوارع الخرطرم فيلما  عن خفافيش الظلام..
وهو يعرض حفلات غنائية للقونات والرصاص يحصد ابنائنا في المليونيات..
وهو يعرض مباراة كرة قدم قديمة وامهات الشهداء يبكين ابنائهن… ‭
وهو يعرض مدائح لاولاد حاج الماحي والدشكا تفجر رأس شاب ثائر هتف ضد الظلم..
وحقا فلقد ثبت للجميع ان هذا الجهاز محشو بجهلة القوم الذين يناصبون الثورة العداء..
فلا جديد يقدمه هذا التلفزيون للشعب السوداني..
ولا توجد فيه كفاءات لمناقشة البرامج السياسية للاحداث الجارية في البلاد..
وفقط هو ينتج الرداءة في أفضل مواسمه تقليدا لبرامج الدول المجاورة..
ومن خلال مشاهداتنا للفضائيات العربية نؤكد ان القنوات السودانية هي الاسوء علي الاطلاق في محيطنا وربما في العالم..
فأول مآخذنا عليه انه مقصر في رصد الحدث الوطني سواء عن قصد أو بسوء نية من طرف بعض منسوبي النظام البائد (المكنكشين) وحتي الآن علي كل قنواتنا التلفزيونية..
وهو بذلك يزيد كراهية الشعب له..
وحقا فأن ‬التلفزيون السوداني ذو  ‬حظ عاثر‭ ‬جدا..
‬وهو‭ ‬كحظ‭ ‬العانس  ‬بل‭ ‬كحال‭ ‬المرأة‭ ‬المطلقة..
‬لا‭ ‬أهل‭ ‬يحبونها ‬..
ولا‭ ‬مجتمع‭ ‬يرحمها  ‬..
فليس غريبا ان تظل سياط النقد تجلد ظهره علي الدوام..
وماذا بعد ان يتوجه المتظاهرون في شوارع الخرطوم  إلى مقر سونا ليطالبوا بتناغم الاعلام مع الثورة..
وليس غريبا  أن تسارع السلطة لحماية مقر التلفزيون في كل اعتصام أو احتجاج أو انقلاب..
ذلك أنها تدرك ببساطة أن هذا الجهاز ‬لا‭ ‬يوفر‭ ‬خدمة‭ ‬عمومية‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬رئة‭ ‬حية‭ ‬تتنفس‭ ‬منها‭ ‬خلايا‭ ‬الفساد ‬وسوء‭ ‬التسيير ‬وتستعمله‭ ‬السلطة‭ ‬سلاحا‭ ‬شاملا حينا  ‬وبالتطبيل‭ ‬والتزمير‭ ‬حينا‭ ‬آخر..
لذا نجد ان كل الشعب قد اختار محطات اجنبية اكثر صدقا وشفافية يتابعها حين تكون الاحداث في البلاد..
ولعل اكثرها الجزيرة والعربية والبي بي سي وغيرها..
فهي تقوم ولو بصدقية تفوق صدقية التلفاز الوطني بالتعليق  على احداث البلاد..
وهذا ما جعل التلفاز الوطني يتيما ‬‬..
ولابد هنا ان نشير هنا  ان تعيين لقمان احمد قد ضخ روحا جديدة في هذا الجهاز الميت اكلينيكيا..
فلقد وضع لقمان  بعض لمساته مقرونة بالحداثة..
فغذي القنوات باجهزة وتقنيات حديثة..
بل وغير كل برامجها التي كان يحتكرها انصار النظام البائد لتلميع انفسهم والنظام..
فاصبحنا في عهد لقمان نشاهد المحرومين واهل الوجعة والمساكين وقد وجدوا فرصهم في الاعلام..
وبعدها وللاسف تم اقالة لقمان..
وخوفي ان نعود مرة اخري لسخريات العالم لفضائياتنا واذاعتنا وقد وصف احدهم قديما اذاعة هنا امدرمان  في فترات الدعاية ضد هتلر و شركائه من دول المحور قائلاً:-
” أسمعُ ذبابةً تطن في أواسطِ أفريقيا و تقولُ :
هنا أم درمان..
فلا تغضبوا اخوتي ان سخر الجيران من تلفازنا..
فنحن اخوتي نعيش التخلف التلفازي في زمان تطورت فيه الفضائيات الكترونيا ..
ونحن اخوتي اسري لمشاكل الصوت والصورة والمضمون والجمال …
وكم هي جميلة كل الفضائيات من حولنا وقد تطورت كثيرا…
حقيقة يصدمني  تلفزيون السودان وكل فضائياتنا وقد افتقدت كل الجمال..
فلا صوت ولا صورة ولا جمال ولا تشويق ولا مواضيع هادفة ولا ادارات تواكب العصر..
وان اعترفنا ان التلفزيون هو الآخر يعاني كما تعاني كل القطاعات..
فكم اخوتي من القرون سنحتاج لتطوير  بلادنا وكل القطاعات؟
سؤال هو في غاية الصعوبة..

[email protected]

‫3 تعليقات

  1. فعلا الاستاذ لقمان أحمد حاول أن يصلح ما أفسده الدهر أى الكيزان وبرزت بصماته فى التحديث و الارتقاء و تجويد البرامج , لذلك أقصوه و أعادوا الكادر الكيزانى مجددا.

  2. لا تتنظر شيئا من تلفزيون السودان فهو بوق الدكتاتوريات منذعهد نمير مرورا بعمر البشير مرورا بالبرهان، هذا صندوق فارغ المحتوي مثل اي برمة مقدودة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..