مقالات وآراء

الوعد المؤجل

محمد أبكر موسى

كان يتخلل الجموع الهادرة كالعادة صوب الوجهة ، ولمّا كاد يتقدمهم إحتفاءً بسقوط الطاغية شَعَرَ أنه وحيداً يتهاوى نحو متاهة سحيقة .. وبعد برهة لاحظ أنهُ بين حشود كان يعرف بعضهم ، وسمع بالبعض الآخر ، وأخرين قد شاهدهم يقاتلون أمامه .. إنه بين رفاقه الآن .. وسط شهداء الثورة هناك ..
لم يمضي برهة حتى وصلهم آخرون .. قال لأحدهم بنبرة متحسرة متأملة :

 “ماذا جنيتم بعدنا؟”
رد الآخر قبل أن يزفر آخر نفس له :
“قد سقط أخيراً..”
قال فيما كأن من يهذى :
“أرحل يا روح الآن إن أردتِ!”
وقبل أن ينفث أنفاسه الأخيرة ، تحاشد آخرون إليهم بأنفاس هارعة ، متصاعدة كلهيب وقالوا بصوت واحد :
“قد سطى طاغية آخر .. ونتوقع وصول بقية الشعب إلى هنا قريباً..”
حينها قال :
“يا أيتها الروح تمهلي قليلاً إن ليّ معركة أخيرة أخوضها..”
بقت هذه الروح مناضلة إلى يومنا هذا ..
وبعد مضي زمن غير قابل للعدّ .. نُقل في كتابات ميتافيزيقية مألوفة ، أن كل النوافذ الإعلامية نقلت مع شروق يوماً ما ، في العاجل :
  “أخيراً .. تُنفذ اليوم محاكمات عادلة على كل طغاة البشر ، وكل نفس ما كتسبت يدها..” .
بعدها بعد بوقت ، تلاشت روح الطغيان ولم تعد بعد .. إلى يومنا الحالي على الأقل .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..