مقالات وآراء

معركة البرهان الأخيرة

 

بعد ان فشلت كافة الحيل والالاعيب التي مارسها ضد القوي المدنية، وبعد ان نفذ ما في جعبته من مخططات قذرة ومؤامرات خبيثة ضد الشعب السوداني و ثورته العظيمة، وبعد ان بلغت عمالته لمصر والامارت والسعودية مبلغاً لم يعد يصلح معه اخفاء او تظاهر، قرر البرهان اخيراً، وبتعليمات مباشرة او بمباركة من نظام السيسي (الذي يطمح لصوملة وتقسيم السودان حتي يسهل عليه احتلاله وابتلاع اراضيه وثرواته)، قرر البرهان ومن ورائه مرتزقة الجنجويد والحركات المسلحة ولجنه البشير الأمنية، القيام بوقفتهم الأخيرة ضد الشعب السوداني.

 

ما جري يوم الخميس ورأيناه في الصور والفيديوهات، وما سمعناه وقرأناه عن تطورات الاحداث اثناء المظاهرات، وطبيعة القمع الوحشي ضد المتظاهرين، يدل بما لا يدع مجالاً للشك على ان البرهان وعصابته قرروا شن حرب شوارع شامله وبالأسلحة الخفيفة والثقيلة ضد المواطن السوداني

بعد ان منح البرهان قواته الأمنية حصانه من الملاحقة القضائية، واستعان حتي بسلاح المظلات، واباح لهم استخدام المدرعات والدوشكا في المدن ضد الشعب الاعزل، مع ملاحقة المصابين في المستشفيات والتصميم علي الاستهداف المباشر بالرصاص في الرأس والصدر والبطن والعنق (مع الاكتفاء بأعداد قليله نسبياً من القتلى حتي لا يستدعي تدخلاً قوياً من المجتمع الدولي)، اصبح من نافلة القول ان البرهان يري في ما يجري ويحدث في الشارع معركته الأخيرة، فإما ان يخضع الشعب ويستمر في مسرحيته العبثية المبنية علي شرعيه زائفة عن طريق انتخابات علي طريقة السيسي، وإما حبل المشنقة.

 

ليس هناك في الافق اي بوادر تراجع من قبل الانقلابيين عن حربهم ضد الشعب، بعد ان اطمأنوا نسبياً لضعف الإدانة الدولية لجرائمهم، ورغبه المجتمع الدولي في عدم سلوك طريق العقوبات حالياً. لا يتبقى للشارع المقاوم الا الصمود والحفاظ على سلميته، حيث ان الكابوس الطويل يوشك على الانتهاء ولم يبق إلا القليل. لجوء العسكر لشن حرب اباده بمعني الكلمة ضد متظاهرين عزل من كافة طوائف وفئات وطبقات الشعب يعني انهم أفلسوا تماماً ولم يبق لهم إلا السقوط ومواجهة العدالة.

 

لم ينجح نظام حكم في التاريخ المعاصر من الاستمرار في الحكم علي اشلاء وجماجم الضحايا بدون ان يسقط سريعاً تحت وطأة مقاومة الشعب، او بدون ان يجر بلاده الي اتون حرب اهلية مدمرة، غالباً يكون من اشعلها اول ضحاياها. الشعب السوداني وصل اخيراً إلى نقطة اللا عودة ولن يقبل بغير ازاحة الجيش من السلطة مهما كان الثمن، رغماً عن الامارات والسعودية ومصر، بالأخص بعد ان أيقن ان الحل الاممي الذي كنا نعول عليه سابقاً، أصبح لا يتجاوز اعادة الشراكة بين القتلة المجرمين من العسكر وضحاياهم من المدنيين.

 

الملاحظ من التحركات الاخيرة علي الجبهة الشمالية من اغلاق الطريق امام حركة البضائع من وإلي مصر، ان الشعب السوداني اصبح مدركاً لطريقة التعامل الناجح مع النظام المصري – الداعم الرئيسي للبرهان، وهي اعتباره شريكاً للجيش السوداني في شن حرب إبادة ضد الشعب السوداني، وفي نهب وسرقة خيراته، مما يعني ان اي حكومة مدنية ثورية قادمة ستتعامل مع النظام المصري الحالي كعدو، او في احسن الاحوال كنظام غير صديق يجب الحذر منه والتعامل معه بأقصى درجات الندية ومن منطلق الحرص علي مصالح السودان اولاً (بالأخص المائية والتجارية).

 

الشعب السوداني برهن، خصوصاً بعد انقلاب البرهان الاخير انه وعي الدرس ولم يعد يثق بوعود العسكر ومرتزقة الجنجويد والحركات المسلحة، كما ان احزاب الفكة من المتردية والنطيحة وما شابهها من قيادات اهلية مزيفة، وخبراء “اصطراطيجيين” أصبحوا مرفوضين تماماً من الشعب. تجلي ذلك في موقف الشارع من مبادرة الامم المتحدة الاخيرة، حيث رفضتها لجان المقاومة وتجمع المهنيين ومن ورائهم الشارع الغاضب و”الجيل اللي راكب الراس”، وهم اصحاب الوجعة الحقيقيين، بينما وافق عليها العسكر وحاضنتهم المأجورة ورعاتهم الإقليميين.

 

كل شهيد يسقط وكل مصاب يتألم وكل ام مكلومة وكل كنداكة تتعرض للإعتداء، كل اولئك لا يزيدوا الشارع الا عزماً وتصميماً على مواصلة الجهاد حتى النهاية، حاجز الخوف قد انكسر تماماً وتجلي ذلك أكثر من مرة في عيون الشباب المليئة بالتحدي اثناء التظاهرات، حتى وهم يتعرضون للضرب المبرح من قبل كلاب الامن، وكما قال القدماء “المظلوم بعد الكف الاول ما بحس”.

 

الانقلابيين الآن في أضعف حالاتهم، من افلاس مالي (رفع الدعم وزيادة الاسعار مؤخراً اوضح دليل علي ذلك) وأخلاقي، من فشل وعجز وانسداد افق سياسي تجلي في عدم قدرتهم على تشكيل (اي) حكومة، من ارهاق وإحباط متواصل لقواهم الأمنية جراء كثرة المليونيات وعدم قدرتهم على منعها او ايقافها، بالإضافة الي الضغوط الخارجية (وإن خفت وطأتها حالياً)، وفوق كل ذلك استمرار الشارع بعناد شديد في مقاومتهم.

 

هذه الحكاية، حكاية الشعب السوداني في معركته ضد الطغاة والتي لا شك ستدرس في كتب التاريخ يوماً ما، كنموذج في الخلاص من الطغاة، هذه الحكاية الملهمة لها نهاية واحدة كما يعلمنا التاريخ وكما تحدثنا الشرائع السماوية، ان دولة الظلم ساعة ودولة الحق الي قيام الساعة، وان الله يملي للظالم حتى إذا اخذه بجرائمه اخذه اخذ عزيز مقتدر، ويكفي اخذ العبرة في التاريخ القريب من نهاية القذافي وصدام وعبد الله صالح.

 

المعادلة الآن اصبحت صفريه، اما نحن وإما هم، نحن الشعب وهذه الارض لنا، هم المجرمين والقتلة والعملاء والمأجورين. نحن الأغلبية ونحن اصحاب القضية، وهم دخلاء لا مكان لهم بيننا، هم “لا يشبهوننا”، اخلاقهم ليست كأخلاقنا، بل هم لا اخلاق لهم ولا دين.

البرهان وزمرته يخوضون معركتهم الاخيرة، وهي لابد خاسرة، فقط يجب علينا الإيمان بعدالة قضيتنا والاستمرار في المقاومة السلمية بكافة الطرق وعلى جميع المستويات حتى نستنزف الانقلابيين ونجبرهم على الفرار او التسليم ومن ثم الفرار.

 

سيخسر البرهان ومرتزقته معركتهم الأخيرة عاجلاً ام آجلاً، وسننتصر. النصر للشعب والعزة للسودان.

Best Regards

Amjad Mustafa

MSc. CEng MIMechE

Principle Mechanical Engineer

Tel:           00447859 004065

Email:      [email protected]

‫5 تعليقات

  1. كثيرون لا يراجعون ما يكتبون، ولا يطلبون ممن يثقون في قدرانهم اللغوية مراجعتها قبل إرسالها. والنتيجة كم هائل من الهنات اللغوية والنحوية والإنشائية!

  2. توضيح اضافى لمناقب الاستاذ الكاتب:

    MIMechE
    Member of the Institution of Mechanical Engineers (UK)
    عضوية معهد المهندسين الميكانيكيين – بريطانيا

    CEng
    Chartered Enginee
    زمالة المهندسين
    (معتمد فى سجل المجلس الهندسى – بريطانيا)

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..