المشهد الاقتصادي.. راهن الانهيار.. من المسؤول ؟

تقرير : محمد إسحاق
منذ أعوام يعاني الشعب السوداني من ظروف اقتصادية صعبة، بسبب عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، إضافة إلى الخلل الأمني في ظل تهاون الحكومة في البلاد، كل هذه الأسباب أدت – بشكل قاطع – إلى انهيار اقتصادي في السودان، في الوقت الذي يحتاج فيه الاقتصاد إلى معالجات آنية، وازداد الاقتصاد تشوهاً بسبب وقف الدعومات الخارجية التي تأتي من الدول المانحة الأوروبية بحجة غياب حكومة مدنية والتي تتمثل في استبعاد رئيس الوزراء السابق د. عبدالله حمدوك، ويعيش مواطنو البلاد ظروفاً اقتصادية طاحنة، خاصة بعد رفع الدعم عن المحروقات والدقيق، مما أدت إلى ارتفاع حاد في أسعار السلع الاستهلاكية.
توقف الدعومات
وحذر خبراء في الاقتصاد من زيادة انهيار الوضع الاقتصادي في البلاد، اذا لم تضع الحكومة سياسات واضحة وحلولاً جذرية لإسعاف الاقتصاد المهدد بالشلل التام في كل القطاعات الاقتصادية، وأوضح الخبراء بأنه السبب الذي أوصل وزارة المالية لهذا العجز، ويقول الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادى فى حديثه لــ”اليوم التالي” حول الوضع الراهن والموازنة العامة الجديدة والإصلاحات السياسية لتحسين الوضع الاقتصادى: إن بعد استقالة حمدوك هناك مخاوف من انهيار الوضع الاقتصادى؛ خاصة بعد توقف الدعومات الدولية بصفة عامة، وأضاف حينما يكون الوضع مختلاً كالسودان، ومضى بالقول الآن نحن أكثر من شهرين دون رئيس وزراء، ونطبق روشتة صندوق وبنك النقد الدوليين بحذافيرها ورفع الدعم جملة واحدة وإلغاء الدولار الجمركي جملة واحدة، كلها جعلت ارتفاع قيمة الدولار يقفز إلى ٧٠%، وتابع؛ عندما استلمت الحكومة الانتقالية قبل ثلاث سنوات إلى ٤٥٠ جنيه والآن انخفضت معدلاتها فى حدود ٤٠٠ جنيه ولكن هذه قد لا تكون هى ظاهرة صحية بتحسين الوضع الاقتصادى بسبب استشراء الكساد، بعد أن مررنا بمرحلة الركود الاقتصادى ونحن فى أواخره فى مرحلة الجمود الاقتصادى وهذا قد يحدث قليلاً فى بعض الأشياء وتبدأ مرحلة التضخم.
عدم وضوح الرؤية
وأكد بأن عدم وجود الاستقرار السياسى يؤدي إلى عدم وضوح الرؤية وهو ما ينعكس سلباً على الاقتصاد، ومن هنا التاجر لا يستطيع أن يطلب البضاعة المستوردة، وأيضاً لا يستطيع أن يضع توقعاته كم يكون الطلب العام القادم فى ظل الظروف، وقال الرمادي إن العملية الاقتصادية غير الواضحة قد تصل إلى مرحلة انهيار كامل فى الاقتصاد، وبهذا لا يشجع بشيء؛ بل إن كثيراً من العملة الوطنية تهرب، ناهيك أن تأتى استثمارات خارجية كل هذه يجعل الصورة كالحة بنسبة للاقتصاد، وقطع بأن الموازنة الجديدة الآن لا تستطيع وزارة المالية وضعها تحت التنفيذ، وذلك لعدم وضوح الرؤية الكلية، وزاد قائلاً؛ الظروف التى تمر بها البلاد حالياً نتيجة لعدم الاستقرار السياسي والأمني ينعكس مباشرة على الوضع الاقتصادى والتخطيط، ناهيك عن التكهن به؛ لذلك من الصعب أن تقرر ما هي احتياجاتك فى الموازنة القادمة، وما هى مواردك لوزارة المالية من خلالها تستطيع أن تمول هذه الاحتياجات، لذلك عجزت وزارة المالية أن ترسم الخطة السنوية لأن الموازنة ما هى إلا خطة سنوية تضعها وزارة المالية لتسير الأمور حسب الإيرادات الموجودة والمصروفات للخدمات التعليم والصحة وإن كان هناك توسيع للخدمة المدنية وتحسين الخدمة والصرف على الخدمة، وإن كان يذهب إلى بنك التنمية والبنيات التحتية، ولذلك الموازنة لم تتضح الرؤية لعدم استقرار السياسي والأمنى بالبلاد، ورفع الدعم من الكهرباء والدقيق الآن فى حدود ٤٠٠ % فى ظل معدلات التضخم الآن فى حدود ٤٠٠% يعنى هذا إلى وضع مخل للاقتصاد بصورة كبيرة جداً، ولابد أن تحدث معه زيادات فى الأسعار ومعدلات فى التضخم بهذه الصورة تحدث ارتفاعاً فى تآكل القوة الشرائية للعملة وتفقد قيمتها يومياً.
ارتفاع معدلات
ويشير إلى أنه فى يناير العملة ١٠٠ جنيه كانت تجلب الكثير من السلع فى المتجر، الآن عندما نقدمها لصاحب المتجر قيمتها تآكلت فى حدود ٤ أخماس فقدت القوة الشرائية أي فقدت قيمتها بنسبة ٨٠ % وبقيت ٢٠% لأن العملة السودانية فقدت قوة شرائها نتيجة لمعدلات التضخم وهذا ينعكس فى الدقيق وغيرها من السلع ولكن الآن الدولة تسعى لخفض سياسات الاقتصادية وتحسينها حتى لا تؤدى إلى ارتفاع معدلات التضخم لتحافظ العملة على قوتها الشرائية لأطول فترة ممكنة وهذا هو المطلوب الآن والخبز ترفع سعر السلع التى تقدمها لذلك تفقد القيمة.
معدلات التضخم
وواضح الرمادي أن هناك ارتفاع في معدلات التضخم غير مسبوقة فى تاريخ السودان وبصورة مخلة وما كان ينبغى أن تحدث أن طبقت روشة صندوق الدولى مرارا دون تمرحل على مراحل على دفوعات ما ادى إلى ارتفاع الدولار الجمركي واليورو وكان سعر الدولار الجمركي بحسب وزارة المالية ٢٨ جنيه وهذا فرق كبير ما ادى إلى زيادة معدلات التضخم.
موارد تهرب
ويبين الرمادي أن هناك طرق للحل لهذه المشاكل لأن السودان لديه من الثروات ومن إمكانات يكفى قارة وهناك موارد تهرب خاصة الذهب والسلع المنتجة للاستهلاك المحلى تهرب من زيوت والسكر إلى غرب أفريقيا وحتى الصمغ العربى يهرب وكل السلع وحتى الأدوية إلتى نستورد من الخارج إلى دول الجوار وهذا ينبغى بضبط الحدود ووقف إهدار النزيف الذى يهرب وتوقف الفساد الداخلى حتى نترك وزارة المالية تعمل بشكل افضل وهى الآن عاجزة بدفع رواتب العاملين بها.
الحراك الاقتصادي
إلى ذلك يقول الخبير الاقتصادى الدكتور، الفاتح عثمان، ان الموازنة التي سيتم تقديمها للعام الحالي 2022م خالية من دعم الوقود وبها دعم جزئي للكهرباء بينما سكتت الي الآن عن البت بشكل قاطع في قضية رفع الدعم عن الخبز، إذن الموازنة قليلة الأعباء ويفترض منها حتي من دون دعم دولي ان تتمكن من تنفيذ السياسات الاقتصادية الانكماشية الهادفة لتقليل التضخم، وأضاف الدعم الدولي للاقتصاد السوداني مهم للغاية لإحداث الحراك الاقتصادي وإنهاء حالة الركود التضخمي التي يعيشها الاقتصاد السوداني حاليا اذن تجميد الدعم الدولي بعد إجراءات البرهان العسكرية حرم الحكومة الانتقالية من قرابة اربعة مليار دولار كان يفترض ان تأتي من المانحين الدوليين، اي ان غياب الدعم الدولي يعني زيادة معاناة المواطنين لكنه لن يؤثر علي قدرة الحكومة علي تمويل المرتبات ولا تنفيذ السياسات الاقتصادية الانكماشية.
اليوم التالي