أخبار السودان

(الأمة) و(الاتحادي) .. بين مسجدين

الخرطوم: أحمد عمر خوجلي
معلوم أنَّ مسجدي السيد عبد الرحمن المهدي بود نوباوي و السيد علي الميرغني بالخرطوم بحري، يعتبران لسانين يعبران عن الحزبين الكبيرين، الأمة القومي وطائفته كيان الأنصار والاتحادي الديموقراطي ومعه الطائفة الختمية، خصوصاً في مثل هذه الأيام التي تمور فيها الساحة الداخلية بسبب احتجاجات لندرة بالخبز والوقود والمال المختفي لدى البنوك بسبب انعدام السيولة، ثم تطورت ليرتفع سقف الشعارات إلى إنفاذ تغيير كامل يقضي بذهاب النظام. في هذه الأيام يجد المتتبع لخطب الجمعة في المسجدين موقف الحزبين الذي يعلنه الخطيب، من خلال هندسة الخطبة وموضوعها والتخريمات التي يتجه إليها هنا وهناك أمام أنصاره من المصلين، أو بيان موقف يخاطب به الساحة السياسية بمختلف اتجاهاتها .
ففي مسجد السيد عبد الرحمن أمس حضر الإمام الصادق المهدي صلاة الجمعة هناك وسط ترديد المصلين من خارج المسجد شعار (الله أكبر ولله الحمد)، ليبدأ الإمام خطبته التي اختار لها الظلم والتحذيرات الربانية في آيات القرآن والأحاديث القدسية، مصوباً هجومه للحكومة في الطريقة التي واجهت بها المحتجين. وترحم على أرواح الضحايا الذين قالوا إنهم يريدون ويسعون إلى زوال النظام بالثورة السلمية، وأشار الخطيب النظر إلى أن هذه الثورة ثورة شبابية لجيل يبحث عن المستقبل. ودعا بعدم مسارعة أي كيان سياسي لتبنيها وفرض رؤيته عليها وترك الشباب. ثم عرج الإمام الخطيب إلى بيان موقف الحزب الذي كثيراً ما أعلنه السيد الصادق المهدي، واختصره بفترة انتقالية ترتب الأوضاع لانتخابات عامة .
في خواتيم الخطبة أعلن الخطيب صلاة الغائب على ضحايا الاحتجاجات ليقوم الصادق المهدي إماماً للصلاة، ثم يخرج بعدها وسط هتاف أنصاره بصعوبة وتحت حراسة سياج أمني قوي يحول بينه وبين الجمهرة التي تريد تحيته .. في الطريق العام على بوابة المسجد بدأت الغالبية من المصلين الالتفاف حول سيارة الإمام والهتاف بالتكبير والحمد والمناداة بالتغيير، ليمضي الموكب ببطء والمهدي في سيارته وسط الجموع في مشاركة رمزية لخيار الجماهير، متجهين شمالاً من بوابة المسجد الشرقية ناحية شارع الدومة. وتبدأ موجة الاحتجاجات والهتافات ويسير الموكب المتزايد بالنساء والأطفال حتى منتصف الطريق حيث تدخلت قوات الشرطة والأمن وفرقت الجموع بالغاز المسيل للدموع .
مسجد السيد علي
أما في الضفة الأخرى من العاصمة بمسجد السيد علي كانت خطبة الجمعة وكأنها للتنديد بمشاركة حاتم السر القيادي في الحزب والوزير في الحكومة، في مسيرة مناصرة المؤتمر الوطني والرئيس البشير في تجمع الأربعاء الماضي بالساحة الخضراء. وأشار الخطيب الخليفة عبد العزيز محمد الحسن بأن ما قاله الوزير حاتم السر في ذلك التجمع لا يمثل إلا نفسه، وقال إن ما قاله من أجل المحافظة على كرسيه في الحكومة. وأشار الخليفة في خطبته إلى اليمين الغموس الذي يغمس صاحبه في النار . إلى ذلك قالت قيادات مرموقة في الحزب بعضها يتمتع بعضوية البرلمان، أعلنت نيتها في كتابة مذكرة لنائب رئيس الحزب السيد جعفر الصادق تطالب بفصله من الحزب. كما أصدرت مجموعات من الختمية بياناً تندد بمشاركة السر ودعت إلى التظاهر .
للمتابع بشأن تفاعلات الحزبين الكبيرين مع الأحداث الأخيرة صموداً في حزب الأمة وكيان الأنصار، ووضوحاً في الرؤية وثبات في الموقف عبر الحزب وبياناته ومنابره، وبين القيادات المختلفة بعكس الاتحادي الأصل يحاول أن يوزع الأدوار بين قياداته وألسنته بالداخل والخارج، ويصرُّ على مسك العصا من الوسط .

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..