أخبار السودان

خسارات وكوارث..مزارعو الشمالية .. بين السعر التركيزي للقمح وضغط الكهرباء

والي الشمالية: قضية مزارعي الشمالية عادلة

مدير المشاريع: وزارة المالية رفضت زيادة السعر التركيزي

عضو لجنة المزارعين: خسارات وكوارث ستلحق بالمزارعين حال رفضت الدولة زيادة التركيزي

تحقيق: أمنية مكاوي

في ظل الاحتقان السياسي والوضع الراهن الضبابي ففي كل يوم ترتفع المطالب والاحتقانات بسبب عدم تكملة هياكل السلطة، وفي تصيعد مفاجئ بعد قرار زيادة أسعار الكهرباء ارتفع صوت أهل المصلحة وارتفعت المطالب، فلليوم الرابع على التوالي يتم إغلاق طريق ”شريان الشمال” من قبل تجمع المزارعين بمحلية الدبة بالولاية الشمالية، وأوضح مدير وزارة الزراعة والغابات بالولاية الشمالية محمد الحسن في تصريح لـ(اليوم التالي) مغادرة والي الشمالية عوض أحمد محمد قدورة ووزير وزارة الزراعة للخرطوم لبحث المشكلة اتحادياً، ونوه حسن الى أن المحتجين من المزارعين رفضوا تكوين لجنة لمرافقته، وأنهم دفعوا فقط بمذكرتهم، وأكد محمد أن المحتجين سيظلون يغلقون الطريق إلى حين حل المشكلة بصورة جذرية وعاجلاً في فترة أقصاها 72 ساعة فقط.

إلغاء الزيادة

وأقر والي الولاية الشمالية المكلف عوض أحمد قدورة، بأن للمزارعين قضية عادلة، مشيراً الى أن الطرق القومية ما زالت مغلقة من قبل المزارعين اعتراضا ًعلى الزيادة الكبيرة والمباغتة لتعرفة الكهرباء للقطاع الزراعي التي بلغت 1.212٪.

وأشار قدورة في حديثه لبرنامج (كالآتي) بقناة النيل الأزرق الى أن المزارعين سمحوا لبعض البصات والمركبات السفرية بالمرور مع التوقف التام لكل الشاحنات القادمة من مصر عند منطقة الملتقى.

كاشفاً عن تكوين لجنة من المزارعين للتواصل مع اللجنة التي شكلها مجلس برئاسة عضو مجلس السيادة أبو القاسم برطم مطالباً بضرورة التراجع وإلغاء هذه الزيادة المهولة التي سيكون لها أثر سلبي كبير على كل السودان.

كارثة التعرفة ..

وقال مدير المشاريع بالولاية الشمالية طه جعفر إن وزارة المالية رفضت رفضاً تاماً إعلان السعر التركيزي للقمح، مشيراً الى حدوث نقاش مع اللجنة العليا للزراعة التي كونها رئيس مجلس الوزراء في وقت سابق حول قطوعات الكهرباء وتأثيرها على المشاريع والمزارعين كاشفاً عن جملة من الخسارات التي أحدثتها القطوعات في دنقلا بالإضافة لعدد من الموتورات التي احترقت بما يعادل (7 مليون جنيه) وأضاف أن زيادة الكهرباء كانت مفاجئة ومن غير مبرر من (1.6) الى (21) جنيه للكيلو وسعر الكهرباء للشركات الأجناب مبلغ (28) جنيه واصفاً القرار بالكارثة الحقيقية على المزارع موضحاً أن جل الزيادات تقع على المواطن بما يؤكد سلبية القرار، مبيناً أنه في ظل عدم السعر التركيزي فإن المنافسة ستكون غير عادلة وشدد جعفر أنه على الرغم من ذلك فإن الاستيراد أيضاً ضربة بالنسبة لنا. وأضاف أن عدد المزارعين لمحصول الفول تناقص من 90 ألف الى 45 ألف وذلك بسبب دخول الفول المصري دون أي ضوابط ودخول البصل المدعوم من مصر دون أي منافسة والمنتج المحلي لا يجد الدعم، في ظل تخاذل كبير من جانب البنك الزراعي وعدم توفر الأسمدة بالكميات المطلوبة وارتفاع أسعار الأسمدة الأخرى وتصاعد أسعار اليوريا مما خلق عدم التنافس في أي محصول.

وأكد جعفر لـ(اليوم التالي) أن وزارة المالية رفضت تحديد السعر التركيزي للقمح مما يعتبر كارثة سيما وأن الولاية الشمالية من أكبر الولايات إنتاجاً للقمح، وأوضح جعفر أنه تم الجلوس مع كل المدراء والجهات المختصة بالولاية للقيام بزيارة شاملة لكل مشاريع الولاية وأقرت اللجنة العليا بأن وزير المالية هو من رفض الإعلان ودعم البنك الزراعي .

رعاية محصول القمح

محمد حسن العوض عضو لجنة المزارعين قال إن المزارعين لديهم مشكلة في عدم تحديد السعر التركيزي للقمح وهذا أدى لانهيار كامل لكل المنتجات وفي حالة عدم التزام الدولة بشراء المنتج ستكون هنالك خسائر فادحة للمزارعين مبيناً أن الدولة أصبحت غير قادرة على السيطرة على أسعار المحاصيل في السوق سيما وأن جوال القمح لا يقل عن 60 ألف جنيه في ولايتي نهر النيل والشمالية باعتبار أنهم المعنيين بالأمر، وأن كل المشاريع تعتمد اعتماداً كلياً على الكهرباء وأشار محمد في تصريح لـ(اليوم التالي) الى أن المزارعين الذين يمتلكون مترات أقل من مساحة الخمسة فدان عجزوا تماماً عن سقاية الرأس الواحد التي تكلف 6 آلاف للفدان الواحد، بينما يحتاج أقل محصول الى 6 ريات وأصبح المزارع بتساءل: كم سينتج الفدان في ظل عدم امتلاك المزارع لقوت يومه وللآن تم ري بعض مزارع المزارعين لمحصول القمح، ونحن ليس لدينا تواصل مع وزارة المالية في المركز بصورة مباشرة وتم ترك الأمر للسيد الوالي حالياً.

عجز التنافس

ومن جانبه أكد المحلل الاقتصادي الدكتور محمد الناير في تصريح لـ(اليوم التالي) أن زيادة تعرفة الكهرباء قرار غير مدروس وله آثار سالبة على الاقتصاد في السودان حيث أصبحت الزيادة فوق طاقة الجميع خاصة محدودي الدخل والشرائح البسيطة التي تعتبر هي عامة الشعب السوداني وتمثل 90% وإذا تحدثنا عن الفئات المستطيعة فإنها تتراوح بين 5 _ 10% فقط و90% غير قادرين على مطلوبات الحياة اليومية خاصة وأنها أصبحت تزداد يوماً بعد يوم تعقيداً وأضيفت ليها تعرفة الكهرباء والخبز وهذه آخر الخطوات التي تلقي بظلالها السالبة على المواطن السوداني، أما على الوضع الاقتصادي فنجد أن الكهرباء تدخل في كل القطاعات، والمشكلة للناتج المحلي الإجمالي على القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني والقطاع الصناعي سواء كان استخراجاً من باطن الأرض أو صناعات تحويلية أو القطاع الخدمي فكل القطاعات متأثرة مباشرة بالكهرباء ومعروف أن الكهرباء تدخل في كل شيء، فبالتالي متوقع ارتفاع كل أسعار السلع والخدمات بلا استثناء وهذه كارثة جديدة لارتفاع معدل التضخم ومعدل الخدمات وزيادة أسعار الكهرباء ستجعل المنتج السوداني لا ينافس داخلياً ولا خارجياً، وقد تؤدي الى ضعف الإنتاج بصورة كبيرة مما يؤدي الى ارتفاع فاتورة الواردات من الخارج بصورة كبيرة وقال الناير: كل هذه التعقيدات لا فائدة منها إذا تمت دراسة قرار زيادة الكهرباء بصورة علمية، أما قضية السعر التركيزي للقمح أو غيره من المنتجات التي توضع لها سعر تركيزي من الدولة وإن هذا الأمر سيكون أكثر تعقيداً إذا تم حسب حسابات الدولة وحسب تكلفة الكهرباء التي تمت زيادتها بنفسها سيكون الأمر سيئاً جداً، وقد تكون الدولة نفسها عاجزة عن شراء القمح بالأسعار الحقيقية التي يفترض أن تحسب تكاليف الإنتاج بعد زيادة الكهرباء، ثم هامش ربح المزارع وعلى الدولة إما أن تعلن سعراً تركيزياً أقل من تكلفة الإنتاج وهذا غير مجدٍ للمزارعين أو إعلان سعرٍ مجزٍ وقد تعجز عن شرائه وأنا أفتكر أن الدولة قد أدخلت نفسها في نفق ضيق جداً بسبب عدم دراسة مثل هذه القرارات بصورة علمية صحيحة.

أضرار فادحة

فيما يرى الباحث الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي أن أي رفع لأسعار الكهرباء سيلحق الضرر الفادح في القطاع الزراعي وجميع القطاعات العاملة بالزراعة سواء الثروة النباتية أو الحيوانية ستتأثر سلباً لأن الكهرباء عامل أساسي في المزارع سواء لغايات الري أو الإنارة في مزارع الثروة الحيوانية، وأضاف هيثم لـ(اليوم التالي): يجب النظر إلى القطاع الزراعي بأنه من القطاعات المهمة التي تلعب دوراً حيوياً في المنظومة الاقتصادية والاجتماعية وخاصة في المجتمعات الريفية في ظل تزايد ظاهرتي الفقر والبطالة ولابد من إعادة النظر في أسعار الكهرباء المترتبة على القطاع الزراعي وتخفيضها، لأن الارتفاع سيؤدي حتماً الى ارتفاع قيمة الاستهلاك الكهربائي على المزارعين شهرياً وبالتالي سيؤدي إلى عدم قدرة العديد منهم على دفع القيمة وإلى انقطاع الكهرباء عن مزارعهم، الأمر الذي سيتسبب في إتلاف محاصيلهم الزراعية، المقدرة بعشرات الأطنان، وتكبدهم خسائر مالية، وهنالك تفكير جدي من المزارعين في ترك المهنة، كونها لا تحقق أي ربح، لذا على الحكومة الانتقالية التحرك لوقف خسائرهم المتلاحقة، في ظل ارتفاع أعداد المزارعين الذين يعتزمون بيع ممتلكاتهم لتسديد ما عليهم من أقساط لحقت بهم جراء مشكلة التسويق والركود الاقتصادي، وعلى الحكومة عدم النظر للقطاع الزراعي من منظور مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي فقط، فالزيادة تشكل تهديداً للقطاع الزراعي، ومن شأنها أن تؤدي إلى تعطيله، فالقطاع الزراعي يحتاج في الوقت الحالي لمزيد من الرعاية والاهتمام وليس الإهمال كما هو الحال على أرض الواقع.

مزارع متضرر:

أكد منذر ـ صاحب مشروع الفضل ـ أن الولاية الشمالية ليس لها تمويل من الأساس وليس لدينا سماد مدعوم كل ما يقدم من البنك الزراعي أنك تقدم للرهن أولاً من أجل الحصول على أسمدة، وأرباحه معروفة لمدة ستة أشهر سعر الشوال 23 ألف جنيه يأخذ منك 31 جنيه وأضاف منذر في تصريح لـ(اليوم التالي): حتى ذلك به صعوبة كبيرة جداً جداً لأن هذه الإجراءات ألقاها أسبوع كامل والآن بعد صعوبة الإجراء ما عند البنك الآن تريد جرعة اليوريا الثانية ولا توجد ولا نعرف طريقة التصرف فوق كل ذلك جاءت الينا أعباء زيادة تعرفة الكهرباء والمتضرر منها المزارع والمشاريع الزراعية معتبراً أن التعرفة غير منطقية. فلازم أحضر مليون جنيه للمحور كل صباح فمن أين آتي بهذا المبلغ، وأن زيادة كهرباء المشاريع غير مبررة لأننا وجدنا نحن من نأتي بالعمود والأسلاك وكل المحولات الى أن تصل الكهرباء للمشروع والدولة ليس لديها دخل بالمزارع ولا تنفق عليه رغم أننا ولاية منتجة الكهرباء، وصب منذر جام غضبه على وزير المالية واصفاً تصريحاته بالعقيمة جداً وهي ليست تصريحات وزير مسؤول، نحن لم نطالبه بسلطة ولا ثروة فقط نتحدث في لقمة العيش.

خطأ إداري..

فيما أوضح مصدر من وزارة المالية أن الوزارة قد رفعت يدها من السعر التركيزي للقمح كاشفاً أن الموازنة الجديدة للعام 2022 لا تحتوي على أي نوع من أنواع الدعم مع الالتزام بزيادة الأجور في القطاع الحكومي وبعض القرارات والزيادات والمعالجات للقطاع الخاص وشدد المصدر على أن إدارة الكهرباء قد تعجلت في تنفيذ زيادة أسعار الكهرباء قبل إجازتها من مجلسي الوزارء والسيادة باعتبارهما الجهة التشريعية موضحاً إمكانية إلغاء زيادة تعرفة الكهرباء خلال إجازة الميزانية.

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. وكما تعجلت في إصدار زيادة في سعر الكهرباء دون مشورة .. ما ‏المشكلة أن تتعجل مرة أخرى في رفع قرارها المعيب؟ ‏

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..