مقالات وآراء

حكومة تصريف الأعمال

عبدالدين سلامه 

لايختلف اثنان في كفاءة من تم تعيينهم وزراء في حكومة تصريف الأعمال الجديدة التي قام البرهان بتعيينها أخيرا ، غير أن مهمة هذه الحكومة عسيرة للغاية في هذا الوقت العصيب الذي اختلط فيه حابل أمور الوطن بنابلها ، وفقدت البلاد ولاتزال أرواحا كثيرة من المدنيين والعسكريين على السواء ، ونذر التفكك لازالت قائمة ، وقبول الوزراء المكلّفين بالتكليف انقسمت حوله الآراء .
الحكومة تم تشكيلها من قبل البرهان مايعني أنه الآن يمارس صلاحيات رئيس مجلس الوزراء بجانب صلاحياته كرئيس لمجلس السيادة رغم أنه لم يعلن ذلك صراحة ، ولكن ، لمن ستكون مرجعية أولئك الوزراء ولمن يقدمون تقاريرهم ؟ فالحكومة كما نصّت الوثيقة الدستورية التي لم يتبق من أصلها الكثير بعدما تم قضمها بالتجزأة ، يجب أن يكون رئيسها مدنيا لاعسكريا والقانونيين دون شك أفهم منّا نحن الإعلاميين في هذا الجانب ، والوزراء المكلفون بالتأكيد قاموا بعمل فدائي عندما قبلوا التكليف ولكن فرص نجاحهم تظل محدودة في ظلّ الجو العام الذي نشهده .
بالتأكيد لايمكن أن تمضي الدولة بلا حكومة ، ولايمكن أن تظل الحياة بالوطن متوقفة لما لانهاية، ولابد من إيجاد حلول ناجعة تخرجنا من هذا المأزق الكبير الذي صمّ فيه كل طرف أذنيه عن سماع صوت الطرف الآخر، ولابد من قيام مبادرة سودانية خالصة ، فالمبادرات غير السودانية قامت في الفترة السابقة ولم تنجح وأثبتت عدم جدواها بسبب التشكيك وعدم الثّقة في الدوافع والمآلات .
قيام المؤتمر التشريعي الجامع الذي يخرج برؤية مشتركة موحدة يكون نواة لدستور دائم يحكم البلاد ويقوم بموجبه المجلس التشريعي ومختلف مؤسسات الدولة هو المنطلق الحقيقي لأي استقرار ، وهو مؤتمر يجب أن لايستثني أي فصيل أومكون في الحياة السودانية ، ويتم الاستفتاء عليه ، فوزراء الحكومة الحالية يجب أن يقوموا بحصر وإعداد قوائم من يحق لهم التصويت والإستفتاء من مواطني الداخل والخارج ، لأن أي مهمة غير هذه المهمة من الصعب بل شبه المستحيل عليهم القيام بها في ظلّ رفض قطاع واسع لمشروعية التعيين  وليس لكفاءة الأشخاص ، لأن دولة القانون هي المخرج الحقيقي لكل استقرار رغم اختلافنا على المصدر الرئيسي للتشريع مابين إسلامي وعلماني ، ويجب أن نفكر خارج الصندوق وبعيدا عن الشخصيات والكيانات المتصارعة حتى نتمكن من انقاذ دولتنا من المزيد من الإنهيار .
استثناء شباب الثورة من المشاركة الفعلية في كل التكوينات التي حكمت البلاد منذ الاطاحة بحكومة البشير هو السبب الحقيقي الذي أوصلنا إلى مانحن فيه الآن ، ويجب أن يكون الشباب ركيزة المؤتمر التشريعي أو الدستوري القادم ، ويجب أيضا أن تشارك الأحزاب والحركات المسلحة وكافة الأطياف حتى نضمن عدم تقويض مايتوصل إليه المجتمعون بعد ذلك .
مايحدث الآن من تخوين بعضنا بعضا ومحاولات فصلنا من محيطنا العربي إلى محيط الغرب البعيد منّا كل البعد ، وإهمالنا المتعمّد لمحيطنا الأفريقي وغيرها من صور صبّ الزيت على النار ، كلها تجرّنا لمالايحمد عقباه ، فالثورة قامت بالأساس لإعادة السودان إلى علاقات متوازنة تقف على مسافة واحدة من الجميع ، والخوف من علاقتنا مع هذه الدولة أو تلك ، أو الاساءة لطرف من الأطراف لامبرر له ، فلو كان هناك لوم أو تبعية فإنه بالتأكيد يكون من بني جلدتنا لامن غيرهم ، ولن تتجرأ أي دولة من الدول على استباحة سنتميترا واحدا من أرضنا ولا على الاستيلاء على قيراط من خيراتنا بغير موافقة مسؤولينا ، وعلينا أن نخاطب الفارس لا الجواد .
وبعيدا عن الآراء الإنفعالية ورأينا في هذا الطرف أو ذاك ورؤيتنا حول مشروعية مايحدث من عدمها ، يجب أن ننظر للمستقبل بعيون مفتوحة وحكمة وعقل ، فالصراعات الداخلية بيننا لها الكثير من المبررات وصراعات الكراسي والحكم واضح فيها  المخطيء والمصيب ، وسرقة الثورة من جانب العسكر  والحركات والأحزاب لاتحتاج دليل ، ولكن لابد من مخرج حقيقي ينهي هذا الصراع البيزنطي الذي لن ينهيه غير الدستور والقانون .
وقد بلغت

تعليق واحد

  1. أخى عبد الدين حفظه الله
    العبادة تكون لله الواحد الحد والدين ليس اسما من اسماء الله
    فأرجو أن تغير اسمك وان كان ما سماك جاهلا فانت اليوم ماشاء الله تبارك الله
    كأن تكون حافظ الدين سلامة وهو اسم جميل يشبهك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..