
هو لسان حال بعض الخبراء الخبثاء يتناوبون الطلة بعد الطلة علي شاشات بعض القنوات العربية ، يصفون ثوار السودان من شباب وكنداكات ، ملخص النعت أن الثوار لا حول لهم ولا قوة أمام جبروت المكون العسكري وآلة القمع التي يتسربل بها ، تتريس الشوارع والاحتجاجات عند الخبراء مسألة وقت ثم تبقي الكرة عند قادة الانقلاب فهي ملكهم وحدهم ، هم الذين يحددون من يلعب معهم ومن يذهب الي السجون أو يعانق السماء شهيدا .
ذلك الوصف من أدب تربية النشء في بعض البيوت السودانية ، جيل التوم هجو ومن شايعهم يرون في الثوار عائقا يقف دون تحقيق طموحاتهم في حكم السودان ، هم من جيل يزجر الاطفال والشباب ولا يستمع لرأيهم يري التوم هجو وحزب بعض (كبار السن) أن الثوار لا حق لهم في الحديث عن كيف يحكم السودان ، أقصي ما يجب أن يتحدث عنه الثوار هو فرصة للالتحاق بسرية مقاتلة في طريقها لليمن أو ليبيا .
هي ليست رأي خبير أدعيه بل ملاحظات يسجلها المرء ، يلاحظ أثر أساليب تنشئة الشباب في مجتمعنا السوداني وانعكاسها علي الشأن العام ، الاسر التي تستمع الي أطفالها وتمنحهم الثقة وتحثهم علي الشجاعة الادبية يخرج منها أمثال الثوار الذين يرفضهم التوم هجو وجبريل ومناوي ، تلك أمة تعيش في ساعة أو لحظة توقف فيها الزمن عند معاملة آراء الشباب بالازدراء (أسكت يا ولد) ، عندهم الحكمة يملكها الكبار فقط ولا تؤتي الا لأمثال ما نراهم اليوم يبخسون الثورة والثوار ويغمطون حقهم في المطالبة بحكم مدني في دولة يسودها العدل يحرس حرية أفرادها وتتسربل بالسلام الذي هو اسم من أسماء الله الحسنى.
ما بين التعامل مع الشباب بالزجر والتقريع وتسفيه الاراء وبين فتح حوار في المنزل تتوزع حركة الشعب في المجاهرة بالرأي العام ، الاغلبية الصامتة لا تعني أنها تناصر المكون العسكري مثلا كما يوحي الخبراء الخبثاء ، هي خليط من صغار السن والعجزة ومن وقع تحت تأثير التربية التي تحجر الرأي يرفعه صاحبه عاليا ، تلك الهتافات في الشوارع هي للقوة الحية من الشباب الذين منحتهم اسرهم الطريق الصحيح لإعلاء الصوت في قولة الحق والجهر بها .
حركات الاولاد القصد منها تعديل سلوك الرأي العام السياسي في السودان ، الخضوع للحكم العسكري بعد بيانه المذاع كلف الدولة السودانية أكثر من خمسين عاما تجمد فيها تبادل الحكم ، يبقي قائد الانقلاب حاكما فردا يمنح مصر الحق في بناء السد العالي كما فعل حكم عبود يمزق اتفاقية أديس أبابا (1972) ليطلق التمرد في جنوب السودان أكثر شراسة في عام1983م ، ثم بدعة الجهاد ومقاتلة أخوة الوطن يقودها البشير وإخوانه ويفقد السودان ثلث الوطن وكل البترول في عام 2011م ، وها هو المكون العسكري يرفع قائده التحية العسكرية للسيسي ويسعي عباس كامل بين حاكم ووزراء السودان يلقنهم الدروس كلما حزب الامر ، ويجد سامح شكري وزير الخارجية المصري من يخاطبه بأستاذي أمام الملأ.
ما يدور في الشارع السوداني ليس صراع بين جهويات أو قبائل ، هو تنازع اراء بين جيل حديث سعت اسر سودانية عديدة -جزاهم الله خيرا- في تشجيعهم وتربيتهم علي قول الحق ، منحتهم تلك الاسر حق الاستماع لهم والتحاور معهم فيما يبدون من قناعات ، يصطدم بجيل التوم هجو وخبراء الغفلة الذين يرون ما يصدر من شباب الثوار بمنظار (حركات الاولاد ديل).
ستمضي ثورة السودان بقناعة شباب وكنداكات امنوا بقدرة الشعب السوداني علي بناء أمة لا تقل عن باقي الامم التي تحجز لها مكانا في تأريخ عظيمات الامم .
