مقالات وآراء

الحكم المحلي مدخل للسلام والتحول الديمقراطي في سودان الثورة

ادم بركة دفع الله عطية 

عندما نتحدث عن السلام وانهاء الحروب في السودان  لابد لنا ان نقف على اسباب وجذور النزاعات في السودان ولننهي تلك الصراعات التي اتسمت بها السودان منذ امد بعيد واسبابها كثيرة ولكن هنا نتناول واحد من تلك الاسباب هو الاقصاء او التهميش للمجتمعات المحلية من الثروة والسلطة وعدم اشراكهم  في قرارات مصيرهم .
والحكم المحلي يعتبر واحد من اليات التي تتح  للمواطنين ادارة شؤونهم المحلية بأنفسهم  والمشاركة في السلطة والموارد وايضا طريقة لتقليل حدة التباين وادارة التنوع الذي يتصف به السودان . ولا يقوم الحكم المحلي دون هذه المشاركة الشعبية عبر علي قواعد متوافقة عليها هي الانتخابات وهذه ما يقود  الى الديمقراطية اذاً الحكم المحلي هو راس الرمح في عمليتي السلام والتحول الدمقراطي .
في هذا المقال سوف نتناول مفهوم الحكم المحلي ؛ تعريفه وخصائصه  من ثم ننظر للتجارب الموجودة في السودان كيف يتم اقصاء وتهميش الذي يسبب الحروب في تاريخ تلك التجارب لنستخلص في النهاية معالجة الاختلال وانهاء مسببات الحروب باشراك المواطنين  في اتخاذ قراراتهم المصيرية دون وصاية او السيطرة عليهم .
مفهوم وتعريف الحكم المحلي : يعرف الحكم المحلي بانه صيغة لعمل جماعي وتمارس  على المستوى القاعدي او المحلي للدولة .
وهو يعني استقلال نسبي لمنطقة ما في ادارة شؤونها المحلية يخول بقانون يحدد فيه درجة الاستقلالية ويتفق نظام الحكم المحلي مع النظام الديمقراطي فكلاهما يهدف الى اشراك الشعب في ادارة شؤونهم المشتركة .
ففي الحكومة الديمقراطية يساهم الناخبون في شؤون الحكم العامة او القومية للبلد في الحكم المحلي يساهمون في ادارة شؤون انفسهم بأنفسهم .
وهو ايضا سلوب حكم يعالج التباين في المجتمعات المتباينة والمتنوعة بإتاحة  للأقليات ان تعبير عن ذاتهم والتشارك في الامور السياسية لتتكامل الجهود مع المجموعات الاخرى في الدولة وللأمم المتحدة تعريف للحكم المحلي ويعرف بانه وحدات سياسية في الدولة تنشا بقانون لها صلاحيات  ادارة الشؤون المحلية بما في ذلك صلاحية فرض الضرائب , الهيئة الحاكمة المحلية (مجلس تشريعي محلي)  ام منتخبة او معينة او كليهما  .
خصائص الحكم المحلي : من التعريف الامم المتحدة يجب يكون للحكم المحلي الخصائص التالية :
• وجود قانون تنشا بموجبه يحدد فيه السلطات والصلاحيات والموارد .
• وجود رقعة جغرافية محددة المعالم وبها قدر من السكان والموارد .
• وجود مجلس تشريعي منتخب او معين او كليهما يصنع السياسات العامة للمحلية .
• جهاز تنفيذي يقوم بتنفيذ سياسات المجلس العامة .
• موازنة مستقلة تمكن من ممارسة السلطات والصلاحيات وتنفيذ السياسات واقع الحكم . المحلي في السودان :-
– الرقعة الجغرافية : تم تأسيس اغلب المحليات في السودان  بقانوني الحكم المحلي للعامين 1998و 2003م  الذي  قسم تلك الوحدات على اسس قبلية واثنية لتمكين القبائل الموالية لنظام المؤتمر الوطني ليسهل السيطرة عليها امنيا واقتصاديا بتقسيم الوحدات لرقع جغرافية صغيرة ومتجانسة  ونرى جليا ذلك في فقرات القانونين‘ في قانون 1998 جاء في الفصل الثالث -انشاء المحلية – في الفقرة (ب) تجانس السكان من التركيبة الاجتماعية والثقافية  وايضا في 2003  في معايير انشاء المحلية  ان يكون السكان متجانسا   والتجانس في السودان لا يكون الا في الحواكير القبلية وهذا يكرس القبلية ويضعف الولاء القومي والعمل المشترك .
في الانتقال الحالي ينبغي ان يعاد هيكلة وحدات الحكم المحلي في السودان بحيث تعزز من العمل المشترك الجماعي وتنهي القبلية والجهوية وتنمي مفهوم المواطنة على مبادئ الثورة التي تنادي بالعدالة .
– المجالس التشريعية المحلية : كل القوانين التي صدرت في فترة نظام البائد وردت فيها مجالس تشريعية اغلب الفترات  عهدهم لم تقام تلك المجالس اذا كونت  يتدخل المركز عبر الحزب في تعين اعضاءها  لا علاقة لهم بإرادة المجتمع المحلي من المواليين له ليضمن السيطرة على تلك المجالس في قرارتها ويحكم قبضته رغم النظام الفدرالي الذي اقامه ‘ كان هناك مركزية عبر الحزب لا يستطيع أي والي اواي مسؤول محلي ان يتخذ قرار دون الرجوع الى الحزب .
لابد من تأسيس المجالس في القانون القادم لمزيدا من المشاركة وتوسعة قاعدتها من اللجان الثورية الفاعلة على المستوى المحلي واشراك الاقليات والنساء والشباب‘ عبر انتخابات محلية تقام قبل الانتخابات العمومية حتى تستعد الاحزاب وتدريب المواطنين على الانتخابات العامة وايضا اعطى المجتمع المحليات نوعا من الاستقلالية في ادارة شأنهم المحلي دون وصاية وذلك تعزيزا للديمقراطية .
– قانون الانتخابات : اما في انتخاب المجالس التشريعية المحلية جاءت في قوانين الحكم المحلي ان تنتخب وفقا للقانون الانتخابات القومية وهذا القانون لا يراعي التنوع في المجتمعات المحلية وبل يعتبر كل السودان مماثل وهذا عيب كبير ويحرم كثير من المواطنين من التمثيل في مجالسهم  وبل يكرس للاغلبية في المحلية ان يستأثر باعضاء المجلس بالتالي ينتهك حق الاقليات في المشاركة .
من هنا يجب ان يترك سن قانون الانتخابات المحلية للولايات في اصدارها وفقا واقعها وحالتها في الولاية بحيث يراعي فيه  لحقوق الاقلية والمرأة في المجتمع المحلي وتمثيلهم في تلك المجالس ليحسن ادارة التنوع .
– الموارد المحلية : في مقدمة تكلمنا ان النزاعات في السودان تكمن في عدم التقسيم العادل للموارد والمركز دائما ما يعمل للسيطرة على الحكم المحلي من اجل الموارد بأشكال مختلفة من اليات التحكم تارة عبر الاحزاب  والمؤتمر الوطني النموذج ذلك -السيطرة عبر الحزب- وتارة اخرى عبر القوانين  في هذه النقطة يتجلى القانون في التحكم  على المجتمعات  .
في كل قوانين الحكم المحلي منذ الاستعمار وكل عهود الحكم الوطني نجدها لم تعطي الاستقلالية الكافية للحكم المحلي وبل تعمل على مركزة الموارد في يد الحكومة المركزية .
والموارد هي التي تمكن الحكومات المحلية من قيام بمهامها من تنفذ سياسات المجتمعات المحلية عبر مجالسها
اذا نظر الى جدول الموارد في كل تلك القوانين  اذ نجد ان  ايرادات المحليات  تقليدية وصعبة وعالية التكاليف في التحصيل وغير كافية ولم يتم تطويرها منذ المستعمر رغم تطور انشطة المجتمعات المحلية  كضريبة الاطيان والقطعان والرسوم الهوامل ورسوم المرابط وغيرها .
واما الإيرادات الكبيرة سهلة وتكاليفها التحصيلية اقل تتمركز في الاتحادية مثل الضرائب على الغابات والموارد التعدينية  والصناعات التي تتواجد في المستوى المحلي ولا تخصص جزء من عائداتها له .
اصبحت هذه النقطة سبب النزاعات بين المراكز والمجتمعات المحلية ونرى تمظهرها في الحروب الطويلة في اطراف السودان بدعاوي التهميش وعدم التنمية .
ولا توجد ايضا في الولايات اليات لتقسيم  الايرادات بين وحدات الحكم المحلي وبل تعمل على التغول على مواردها غير الكافية مما يزيد عبئ على الموطنين بلجوء المحليات بإصدار اوامر محلية ذات فروض مالية لتعويض ما فقد من موارد  التي سلبتها الولاية ؛ وكثرة الضرائب من المحلية والولاية والحكومة الاتحادية وسلب موارد المحليات كانت لها تداعيات على الانتاج بزيادة التكاليف مما قلل من دخل المواطنين المحليين  وزيادة فقرهم  وتخلفهم تنمويا لضعف اداء الحكم المحلي
ولمعالجة هذا الخلال  جعل للحكم المحلي نصيب من الدخل القومي مع مراعاة المحليات المنتجة للموارد القومية مثل : الموارد المعدنية (الذهب ، البترول) في الدستور ولا يقتصر على مستوى الولاية وفي قانون الحكم المحلي يجب تضمين الية لقسمة الموارد وتطويرها  على مستوى الولاية بمعايير عادلة وشفافة تراعى فيها المجتمعات التي تأثرت بالحرب والكوارث الطبيعية .
الشرطة وحفظ السلام والامن : حفظ السلام هو  بسط الامن ومنع النزاعات قبل تتحول الى العنف تأتي اهمية الاهتمام بالنزاعات على المستوي المحلي لان هذا المستوي تجري فيه كل الاحداث الصغيرة اذا لم تعالج يمكن ان تصبح اكبر وتتوسع دائرة الصراع والعنف . ولكن وضعية الشرطة ان تكون من اختصاص المركز وتلقي اوامرها منه جعلت ادائها ضعيف خاصة في النزاعات العنيفة التي حدثت في الفترة الاخيرة انها لا تتحرك الا بعد الرجوع لرئاستها وهذا يتنافى مع النظام الفدرالي يجب ان تكون الشرطة في خانة السلطات المشتركة على ان يختص المستوى بالتدريب الاشراف والرقابة والتمويل وتتبع  الشرطة للولاية اداريا هذا يعطي الولاية والمستوى المحلي الحرية الكاملة في احتوى النزاعات قبل ان تتحول عنيفة .
الملخص :
1- اعادة هيكلة وحدات الحكم المحلي في السودان بشكل تعزز من العمل المشترك الجماعي وتنهي القبلية والجهوية وتنمي مفهوم المواطنة على مبادئ الثورة التي تنادي ليكون من معيار السكان متنوع وليس متجانسا .
2- وتعزيزا للديمقراطية  قيام المجالس المحلية  في القانون القادم لمزيدا من المشاركة وتوسعة قاعدتها من اللجان الثورية الفاعلة على المستوى المحلي  واشراك الاقليات والنساء والشباب‘ عبر انتخابات محلية تقام قبل الانتخابات العمومية حتى تستعد الاحزاب ويتدرب المواطنين على الانتخابات العامة وايضا اعطى المجتمع المحليات نوعا من الاستقلالية في ادارة شأنهم المحلي دون وصاية.
3- سن قانون الانتخابات المحلية في الولايات وفقا لكل ولاية  لواقعها وحالها  بحيث يراعي فيه  حقوق الاقلية والمرأة في المجتمع المحلي وتمثيلهم في تلك المجالس لنحسن ادارة التنوع .
4- جعل للحكم المحلي نصيب من الدخل القومي مع التمييز المحليات  المنتجة للمورد القومي مثل الموارد المعدنية (الذهب . البترول) ولا يقتصر على مستوى الولاية  أي يكون الحكم المحلي من السلطات المشتركة في الدستور القادم .
5- وفي قانون الحكم المحلي يجب تضمين الية لقسمة الموارد وتطويرها على مستوى الولاية بمعايير عادلة وشفافة تراعى فيها المجتمعات التي تأثرت بالحرب والكوارث الطبيعية.
6- اعادة عائدات الغابات للحكم المحلي لان في الواقع المحليات هي التي تعمل على حمايتها .
7- ان تكون الشرطة في خانة السلطات المشتركة على ان يختص  المستوى الاتحادي بالتدريب الاشراف والرقابة والتمويل وتتبع الشرطة للولاية اداريا هذا يعطي الولاية والمستوى المحلي الحرية الكاملة في احتوى النزاعات .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..