أخبار السودان

تمديد وقف إطلاق النار.. السعي لتهيئة الأجواء

الخرطوم: صلاح مختار

مدد رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول ركن، عبد الفتاح البرهان، وقف إطلاق النار في مناطق النزاع على امتداد البلاد وجاء في بيان صادر عن مجلس السيادة أن القائد العام للقوات المسلحة، أصدر قراراً بتجديد وقف إطلاق النار على امتداد البلاد وفي كافة الجبهات، وأضاف أن “القرار يأتي لتهيئة أجواء الاستقرار والأمان في البلاد، واستشرافاً لعهد جديد يسَوده السلام والطمأنينة والأمن”، ومنذ عام 2016 درجت الحكومة السودانية على تمديد وقف إطلاق النار كل 6 أشهر في مناطق النزاع بدارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، حيث يشهد إقليم دارفور ومنذ 2003، نزاعًا مسلحًا بين القوات الحكومية وحركات متمردة، أودى بحياة حوالي 300 ألف شخص، وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق تقديرات الأمم المتحدة. فيما تقاتل الحركة الشعبية، الجيش في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق منذ يونيو 2011.‎ ولقد وقعت الحكومة الانتقالية بعد ثورة  ديسمبر والإطاحة بنظام الإنقاذ، اتفاقًا لإحلال السلام مع حركات مسلحة ضمن تحالف الجبهة الثورية، في أكتوبر 2020، لم يشمل ذلك حركة جيش تحرير السودان التي تقاتل في دارفور بقيادة عبد الواحد نور، والحركة الشعبية – شمال التي يقودها عبد العزيز الحلو ربما تجديد الاتفاق الهدف منه دعم جهود الوساطة الجنوبية في  طي صفحة الحركات بدفع الحركة الشعبية في دارفور وجبال النوبة نحو طاولة الحوار والاتفاق . إذن ما وراء القرار وما يستفاد منه أكثر من رأي؟

 

حالة توازن

بالرغم من حالة عدم التوازن في العلاقات بين البلدين بسبب التوترات السياسية الداخلية، الا أن ذلك لم يثن قيادتي البلدين، وضع علاقتي البلدين في الإطار الذي يحقق مصلحة البلدين، ويرى في هذا الإطار المحلل  السياسي والمختص في الشؤون العسكرية د. أبو بكر آدم في حديث لـ(الصيحة) ان عملية تجديد وقف اطلاق النار، عملية طبيعية روتينية تقوم بها قيادتا البلدين كل عام للحفاظ على مكتسبات وقف  اطلاق النار، علما بان البلدين تربطهما علاقات قوية  منذ انفصال جنوب السودان من الشمال، بجانب الدور الذي ظلت تقوم به حكومة دولة الجنوب في عملية السلام الذي توج باتفاق جوبا لسلام السودان، وقال يُعد في تقديري نجحت فيه ما فشلت فيه كافة الحكومات السابقة، لذلك وجود حكومة الجنوب في المسرح السياسي مهم جداً باستقرار البلدين وخاصة السودان، باعتبار أن معظم او كل الحركات المسلحة كانت تنطلق من الجنوب، وكان جنوب السودان قاعدة الانطلاق للحركات في شن هجماتها ضد حكومة الإنقاذ، وبالتالي عندما سقطت الإنقاذ وتغيّر الوضع بفعل ثورة ديسمبر دخلت كشريك كبير لإنجاح الثورة وأصرت على احتضان مفاوضات الحركات مع الحكومة الانتقالية رغم العروض التي من دول كإثيوبيا والإمارات وغيرها من دول عربية للعب دور في عملية سلام السودان، ونسبةً لأن جنوب السودان والسودان كانتا دولة واحدة وتعلم خارطة الجيوسياسية للشمال، فإنها الأقرب والأنسب ان تقوم بدور الوسيط.

 

عملية عسكرية

ويقول آدم إن عملية وقف إطلاق النار هي عملية عسكرية لدواع أمنية يتم اطلاق ذلك. خاصة اذا نظرنا إلى جملة المهددات الامنية التي يمكن ان تقع من الطرفين على الحدود، علما بأن الدولتين تجمعهما حدود طبيعية واسعة تتداخل خلالها قبائل في الحدود خلال فصلي الصيف والخريف، وبالتالي وقف إطلاق عملية يتم من خلالها تنظيم حركة الرعاة السودانيين عند دخولهم إلى العمق الجنوبي، الأمر الآخر ان وقف اطلاق النار سبقه اتفاق بين الدولتين وزيارة مستشار رئيس حكومة الجنوب الفريق سلفا كير ميارديت السيد توت قلواك، كان الاتفاق بضرورة فتح المعابر بين البلدين، ولذلك دون تجديد اتفاق وقف إطلاق النار لا يمكن ان الحديث عن المعابر والعمل فيها، لأن ما تنتجه المعابر من فوائد اقتصادية لدولة الجنوب كبير بسبب أن جوبا دولة مغلقة وان الجدوى الاقتصادية لأي منتوج محلي للتصدير أو وارد أقرب ميناء له وأكثره أمناً هي الموانئ السودانية، بالتالي ليس من الحكمة استدعاء الشمال بأي شكل من الأشكال، والجنوب من ناحية سياسية دولة ما زالت تعاني من هشاشة امنية وسياسية تحتاج إلى الخرطوم كما فعلت الاخير مؤخراً عندما جمعت الفرقاء الجنوبيين على طاولة واحدة، ولذلك هي عملية متبادلة ودون وجود اتفاقيات خاصة الأمنية، لا يمكن الحديث عن علاقات طبيعية في ظل وجود الكثير من المهددات التي تُحيط بها. ربما تفعل وينجح سلفا كير في دفع عبد الواحد نور إلى طاولة التفاوض، ولكن ذلك رهين بتطورات الأوضاع الداخلية في السودان.

 

الحال وبعضه

خبراء عسكريون لا يرون في الخبر أي أبعاد امنية لجهة هدوء الأحوال بين الدولتين في الوقت الحاضر، بجانب ان القرار جاء بعد توقيع اتفاق بين حكومة الجنوب والمعارضة في الخرطوم، ولذلك هناك منافع مترتبة بين الطرفين في كل الاحوال،  ولا يرى الخبير العسكري الفريق محمد بشير سليمان في القرار سوى أنه ذو ابعاد سياسية فقط، ويجئ في إطار الحراك السياسي القائم في السودان لخلق رؤية إيجابية من المجتمع الداخلي والخارجي، وقال لـ(الصيحة) ما (شايف)غير ذلك، وأضاف ان الخبر لا يخدم غير ذلك الاتجاه، وأضاف الوضع محسوم في الجنوب، مشيراً إلى اتفاق الصلح الذي تم بين المعارضة الجنوبية وحكومة الجنوب بالخرطوم، وأكد انه في إطار الاستقرار ليس هناك أقوى من رعاية الجنوب لاتفاق سلام جوبا بين الحكومة الانتقالية في السودان والحركات المسلحة ورعاية السودان لاتفاق الصلح بين المعارضة الجنوبية والحكومة في جوبا، ورأى بان ذلك ليس هناك أفضل منه وهو هدف سياسي، وقال بإمكان أن تحدث حكومة الجنوب تدخلات إيجابية بشأن عبد العزيز الحلو وعبد الواحد نور وإلحاقهما باتفاق سلام جوبا، غير أنه بدا متشائماً بأن الحال من بعضه، ونفس السيناريوهات واحدة سلطة ومعارضة ونظام والعساكر، وقال كل محصل بعضه.

الصيحة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..