مقالات وآراء سياسية

ثلاثة قضايا منافذ لحل الأزمة في البلاد

زين العابدين صالح عبدالرحمن
أن الأزمات السودانية التي بدأت تتوالد منذ سقوط رأس نظام الإنقاذ حتى اليوم ، احد أسبابها الرئيس؛ لم يكن هناك مشروعا سياسيا متفق عليه من قبل كل القوى ، وعلى ضوء هذا المشروع تتم محاسبة السلطة التنفيذية أول بأول من قبل الحاضنة والمراقبين ولكنه لم يحصل . أن عدم صياغة مشروع من قبل أي حزب سياسي أن كان صغيرا أو كبيرا حديثا أو تاريخيا لكي يقدم للحوار السياسي والمجتمعي ، يؤكد حالة الفقر الفكري التي تعيشها المؤسسات الحزبية ، ويوضح أنها تعاني من إشكالية في العناصر التي تشتغل بالفكر باعتبار أن هؤلاء المفكرين يستطيعون أن يقدموا مبادرات ورؤى تعزز من قضية الوعي في المجتمع، و أيضا يفتحوا نفاجات متواصلة للحوار السياسي، الذي يعتبر أهم أداة تؤدي إلى تعزيز الثقة بين القوى الفاعلة في المجتمع ، وفي ذات الوقت يكون لهم القدرة على تقييم مسيرة العمل السياسي ، وفحص الأدوات المستخدمة إذا كانت تعمل بصورة فاعلة أو معطوبة ، أو تحتاج لتغيير بأدوات أكثر فاعلية. لآن مهمة المفكر أن يدفع يوميا بقضايا جديدة يحرك بها ميكنزمات العمل السياسي ، ويعمل على تجديد الأسلئة المطروح في المسرح السياسي ، لزيد من فاعلية العقل في التفكير الصحيح ، هذا يساعد في التعاطي الإيجابي مع القضايا والبحث عن حلول لها .
أن الأزمة التي حدثت بين المكونين المدني والعسكري ، ليست أزمة عابرة ، أو جاءت نتيجة لأسباب موضوعية في خلافات حول إدارة سلطة الفترة الانتقالية . الأزمة كانت لسببين . الأول أختلاف الثقافة وطريقة التفكير بين الجانبين ، خاصة أن البلاد خارجة من نظام استمر ثلاثة عقود خلف فيها تراكم كبيرا للثقافة الشمولية ، وكل جنرالات المؤسسات النظامية كانوا هم حماة هذه الثقافة الشمولية ، وكانوا مستبطنين هذه الثقافة ، وأصبحت تتحكم في طريقة تفكيرهم ، وبالتالي ليس بين يوم وليلة سوف يصبحوا ديمقراطيين ، المسألة تحتاج لوقت طويل تستطيع أن تنتج المؤسسات الديمقراطية (الثقافة الديمقراطية) المطلوبة التي تنداح على الثقافة الشمولية ، وكان على القوى المدنية أن تضع هذه في الاعتبار . السبب الثاني الميل لفكرة السلطة دون فكرة التحول الديمقراطي . ففكرة السلطة والسعي لها والرغبة في الوصول إليها تولد الصراع ، ليس فقط بين المدنيين والعسكر ، وأيضا بين المدنيين أنفسهم وهذا الذي حصل . وعندما يتحول الصراع داخل السلطة بين المدنيين والعسكر لابد أن يقع الانقلاب لآن العسكر هذه أداتهم ولا يملكون غيرها . فالعسكر لا يستطيعون التعامل في الصراع السياسي بأدوات السياسيين بل يتعاملون بالادوات التي يعرفونها أكثر .
في ظل هذا الوضع المـأزوم ، والذي زاد تأزما بانقلاب 25 أكتوبر ، ورفع شعارات صفرية ، لكن دائما العقل المفكر يفتح منافذ للحل في ظل هذه العتمة ، فجاءت مبادرات عديدة من مؤسسات أكاديمية وأجتماعية ، ورجال الأعمال ومبادرة الأمم المتحدة وغيرها ، وكلها محاولات تهدف لمحاصرة الأزمة ، وإيجاد حل عبر توافق وطني يؤدي إلي العمل من أجل انجاز مهام الفترة الانتقالية . لكن المطلوب كيف تستطيع القوى المدنية توحد خطابها السياسي وتخلق مركزية واحدة تستطيع أن تدير بها الأزمة . من جانب و من جانب أخر هناك ثلاثة قضايا بدأت تتخلق لتخلق واقعا جديدا ، وتتمحور في الأتي :-
1 – القضية الأولي : أن الميثاق الذي قدمته لجان مقاومة ود مدني وبعض لجان مقاومة في ولاية الخرطوم ، يعتبر نقلة نوعية وخطوة في اتجاه تنشيط العقل السياسي ، للخروج من دائرة الجدل البيزنطي الذي يعتمد على الشعارات كأرضيات للحركة السياسية ، والشعار نفسه بهدف ملء فراغ لم يستطيع الفكر إطالته ، أن المواثيق أو الميثاق كورقة مقدمة تحتوى على تصور كامل لحل الأزمة ، سوف يخلق واقعا جديدا في المسرح السياسي ، لأنه يفتح منافذا للحوار بين التيارات الفكرية المختلفة، والحوار الفكري هو الذي يقود نحو المسار الصحيح، لأنه يخرج الناس من دائرة الاتهامات والشكوك إلي حوار فكري إيجابي يتعلق بشروط التوجه إلي تأسيس الدولة المدنية الديمقراطية ، وتشكيل المؤسسات المطلوبة ، والمفوضيات والمؤسسات العدلية. وأن الاتهامات التي يطلقها البعض بأن اللجان التي صاغت الميثاق تتبع لحزب سياسي ، لا تقلل من قيمة الجهد المقدم . لآن الميثاق مطروح للحوار فيه الكثير من المتوافق عليه وأيضا من المختلف عليه ، لكنه يخضع للتمحيص والحوار لتطويره ويشكل قاعدة للتوافق الوطني .
2 – القضية الثانية : قال الناطق الرسمي بأسم قوى الحرية و التغيير (المجلس المركزي) جعفر حسن عثمان لقناة الجزيرة مباشر أن قوى الحرية مع تشكيل الوزارة من كفاءات مستقلة لها خبرات تساعدها على أنجاز مهامها ، وأن قوى الحرية لا تريد أن تدخل حتى في اختيارهم . هذه الحديث يقرب المسافات . كان المتوقع من القوى السياسية التى كانت في سلطة الفترة الانتقالية قبل انقلاب 25 أكتوبر ، أن تقدم تقييما موضعيا للشعب السوداني تبين فيه أسباب تعثر الفترة الانتقالية ، وتبين رؤيتها للحل . وهو بمثابة نقد تعلم فيه الناس السلوك الديمقراطي المفترض أن يكون ، باعتبار أن الأحزاب مناط عملية إنتاج الثقافة الديمقراطية ، وترسيخها في المجتمع ، وتكون بداية لمفارقة ثقافة التبرير التي اعتمدت عليها القوى السياسية طوال مسيرتها التاريخية ، فالنقد ليس عيبا بل هو تصحيح لمسار، كما أن النقد بالصورة العلمية يقلل فرص تشكيك وفاعلية أدوات الثقافة التي خلفها النظام الشمولي.
3 –  القضية الثالثة : قبول القوى السياسية بمبدأ الحوار ، باعتباره الآلية الناجعة للخروج من أزمات الثقة ، وسوف تخلق واقعا جديدا . قد تبين ذلك من خلال قبول الجميع لتلبية دعوة فوكلر رئيس البعثة الأممية ، ومهما حاولت بعض الأحزاب أن تبرر ذهابها لفوكلر ، لكن تلبية الدعوة نفسها شيء إيجابي ، باعتبار أن الدولة المدنية الديمقراطية لا تبنى بالأمنيات ، والشعارات ، بل تحتاج لعمل دؤوب وصراع فكري وثقافي متواصل ، لغيير كثير من الأفكار الخاطئة والمغلوطة ، وتقديم تنازل من قبل الجميع ، ويجب الضغط على الجراحات. إذا أخذنا جنوب أفريقيا مثالا لهذا التسامح : رغم الاضطهاد العنصري الذي تعرض له الأفارقة في وطنهم والقتل والتعامل الدوني ، لكن دائما الذين يصنعون التاريخ يعرفون كيف يتعملوا مع هذا الواقع الأليم ، لكي يصنعوا وطنا مستقرا أمنا ، وتنمية مستدامة . نظام الأبرتايد سجن نلسون ماندلا 26 عام من 1964إلي 1990م عندما طلب بعض المؤمنين بقضية الديمقراطية والوطن للجميع أن يقنعوا رئيس المؤتمر الوطني الحاكم بيك بوتا أن يلتقي بنيلسون ماندلا في حوار لحل مشكلة جنوب أفريقيا، التقي بيك بوتا وماندلا على مائدة عشاء في منزل بوتا ، وجاء ماندلا للعشاء من السجن مباشرة ، وتم الحوار ، وطلب ماندلا من بوتا أن يناصر عملية التغيير ، لكنه تردد ، ورجع ماندلا السجن حتى انتخب ديكليرك رئيسا لحزب المؤتمر الحاكم ، سار ديكليرك في طريق التغيير ، واتفق مع ماندلا على عملية التغيير ” الحقيقة والتسامح” وخرجت جنوب أفريقيا من نظام الآبرتايد العنصري. عندما سئل ديكليرك لماذا اختار ماندلا المسجون وليس قيادة حزب المؤتمر الأفريقي . قال ردا على ذلك : أن الرجل الذي يسجن طوال هذه السنين و لا يتردد أن يذهب لسجانه لكي يتحاور معه في منزله على مستقبل وطن وشعب ، هو الذي ينطلق من منصة وطنية خالصة . لآن نظرته سوف تكون من أجل الوطن وليس لشيء أخر . الأوطان لا تبنى بالشروط التي تعلق السلاسل في اعناق الآخرين ، بل أن تحرر الكل من القيود التي وقعوا فيها حتى المخطئين ، أنت تصحح أخطاء الماضي من خلال قيم جديدة فاضلة يلتزم بها الجميع ، سقطت الإنقاذ لأنها حرمت الآخرين من حقوقهم السياسية ، وسقطت الإنقاذ لآنها ذهبت في طريق الفساد ونشر الفرقة بين ابناء الوطن الواحد ، وأي مسار في هذا الطريق تحت أي مبررات لا يقود إلا لعدم الاستقرار .
المشكلة غير المنظورة في المجتمع ؛ أن الإنقاذ خلقت حالة من الاستقطاب الحاد في المجتمع ، ليس وسط العامة والبناءات الأولية في المجتمع . ولكن وسط النخب السياسية والمثقفة، لذلك أصبحت الفئة المناط بها أن تسهم مساهمة كبيرة بفكرها وتصوراتها للخروج من الأزمة ، وطرح المبادرات الوطنية ، هي نفسها وقعت أسيرة لعملية الاستقطاب ، وباتت جزء من المشكلة ، هذا الواقع لابد أن يحدث فيه تغييرا جوهريا ، أن يعود العقل لكي يؤدي مهامه في عملية الحل والبناء . والخروج من دائرة الاستقطاب إلي تقديم مبادرات وطنية تهدف إلي حل أزماته . والسؤال هل بالفعل أن النخب السياسية والمثقيفن قادرين على التفكير خارج الصندوق؟ وهل أيضا يملكون الطاقات الإبداعية التي تجعلهم في حالة مساهمة إيجابية؟ وأيضا قادرين مغادرة منصات الصراع الأيديولوجي؟ نسأل الله حسن البصير.

‫4 تعليقات

  1. الماأذق يتشكل في ماهي الاليه للتخلص من دولة الكيزان العميقه عسكر ومدني توجد طبقه مصاللح عسكريه و مدنيه لها مصالح حياه او موت لها المعركه بالنسبه لها ثانيا بعض حركات الكفاح المسلح هي حركات نهب وارتزاق و متاجره بقضايا الضعفاء لو تم التخلص من هذين العاملين بناء دوله ديمقراطيه راشده عادله سهل

  2. في احد الفيديوهات كان التعايشي في احد المظاهرات يناقش بعض المتظاهرين. فقام متظاهر بحث زميله على ترك النقاش “العقيم” مع التعايشي لأن هذا يؤخرهم عن فضيلة المشاركة في المظاهرة.
    وهذا ينطبق أيضا على النقاش عن الأحزاب السياسية والمثقفاتية ولومهم والرجاء منهم بعمل كذا وكذا. فالحل هو المضي قدما وعدم إضاعة الوقت “في الفارغة والمقدودة” فالزبد يذهب جفاء ويبقى الفعل العملي الذي ينفع الناس. الزمن لا يسع بالانتظار. وقضايا المرحلة واضحة .
    لا خوف فالواضح من التجربة الراهنة ان مخرجات الحوار والحلول تأتي تباعا من رحم العملية الثورية نفسها. هذا لا ينفي الاجتهادات الفردية ولكن ليس بالتعويل عليها.

  3. 1-نعم للسودان دون أحزاب نحو فكر جديد نعم لما يجمعنا لا لما يفرقنا
    السودان دون أحزاب كل 100000 ( مائة ألف ) مواطن و مواطنة يختارون من يمثلهم في نظام الحكم في السودان في جميع مستوياته الثلاثة محلي إقليمي إتحادي و 50 % للرجال و 50 % للنساء في جميع مستويات الحكم . السودان لجميع السودانيين و لابد من تسليم السلطة من العسكر و الشرطة دون أي قتل أو مزيد من الظلم و إراقة الدماء و قتل النفس المحرم شرعا و إزهاق أرواح الأبرياء الذين يطالبون بحقوقهم في وطنهم السودان . و الحرص على الخزينة العامة للدولة و رفع الظلم عن جميع المظلومين و وقف المظاهرات و العبث و مضيعة الوقت و تعطيل الوقت للإنتاج و عمل ما ينفع الناس و وقف تخريب الشوراع و أعمدة الكهرباء 3 سنة مضت كان يمكن للشعب السوداني هذه اللجان المقاومة مع المحليات يتم توزيع أراضي زراعية كل أسرة 3 فدان بالرقم الوطني في جميع أنحاء السودان و زراعة هذه الأراضي بدلا من المظاهرات 24 ساعة تضيع هباء و ملايين تصرخ و تصيح بدلا أن تزرع الأراضي السودانية متى يكون للسودانيين الإنتاج هو الحل ؟ و الحوار هو الحل ؟ و إحترام الرأي الآخر و نجمع و نطبق ما نتفق عليه و ما نختلف عليه يطرح للإستفتاء من الجميع السودان لجميع السودان و سودان دون أحزاب لكل مواطن أو مواطنة شخصيته الإعتبارية أمام الله و أمام الشرع و القانون في الدنيا و الآخرة و لن يفلت قاتل أبدا و أقسم بالله العظيم أمره لله

    الأحزاب السودانية ممثلة في الحرية و التغيير سرقت ثورة شباب و شابات السلمية السودانية و أضاعتها .
    الأحزاب السودانية لا تختلف عن المؤتمر الوطني نسخ مكررة و أفكارها حب السلطة و تهميش الجميع و خدمة المصالح الذاتية و ليست خدمة جميع المواطنين في السودان

    نعم للسودان دون أحزاب نحو فكر جديد نعم لما يجمعنا لا لما يفرقنا

    لا نريد تجمع المهنيين و لا تحالف الثورة الإنتخابات الآن كل 100000 مواطن او مواطنة في جميع أنحاء السودان يختارون من يمثلهم في نظام الحكم في السودان ثلاثة مستويات الحكم محلي إقليمي إتحادي 50 % للرجال و 50 للنساء كفاية جغمسة الحرية و التغيير و تخبط الأحزاب السودانية و تفريط تجمع المهنيين و الأحزاب السودانية .
    السودان دون أحزاب و لا تجمع للمهنيين .

  4. هل تعلم بأن تحالف عصابة الباشبوزق الإستعمارية التى كوّنها كتشنر السفاح و التى سماها قوة دفاع السودان و من ثم أصبحت عصابة خريجي كليته الحربية الإستعمارية و عصابة ال دقلو الإرتزاقية الإجرامية العالمية و عصابة فكي جبرئل العنصرية و المرتزق مناوي قاطع الطريق المتعنصر، هو تحالف عريض يشن حرباً على الشعب السوداني و ينهب ثرواته بقوة السلاح و مسنوداً من جانب جميع دول العالم؛ و لكن إرادة الله قدّرت ثم شاءت أن تتحول الثورة إلى نمط حياة في عقول الشباب و الأطفال و الكبار و أن الإستشهاد في هذه الثورة أصبح نوط بسالة و جدارة و شجاعة يتسابق جميع الشباب لوضعه على صدورهم و إن كان الثمن توقف النبض على صدورهم؛ إننا نشهد تسونامي رهيب يحدث في جميع أنحاء السودان، و هو في مصلحة الجماهير السودانية و إن كانت له خسائر.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..