مقالات سياسية
يوميات الانقلاب وقضية السلام والعدالة الاجتماعية (2)

خارج السياق
مديحة عبدالله
يعمل قادة الانقلاب بشكل ممنهج على ضرب إنجازات ثورة ديسمبر، لإفساح المجال لفلول العهد البائد للعودة لمواقع نفوذ تم تصفيتها عبر لجنة تفكيك نظام الانقاذ، وإعادتهم لمواقع عمل مؤثرة، وفصل وتشريد كوادر مدنية مؤهلة في مؤسسات التعليم العالي، انكار الحقوق الاقتصادية لأساتذة الجامعات والمعلمين والمعلمات، تلك التى تعهدت حكومة الثورة بتضمينها في ميزانية 2022.
إضافة إلى تجاهل مطالب المزارعين في تحديد سعر تأشيري منصف للمحاصيل الزراعية، مع إطلاق يد تجار العملة للعبث باقتصاد البلاد، يجري كل ذلك في ظل عنف متصاعد في كل أنحاء البلاد يصل حد مصادرة الحق في الحياة، وتراجع مريع في الحريات المدنية عبر مصادرة حرية التعبير والتنظيم، والاعتقال للمعارضين/ت بأساليب عنيفة، تدهور مستمر في الأوضاع المعيشية، وتدخل دولي متفاقم في الشأن السوداني. ويكشف المشهد أن قوى الثورة عليها أن تقوم بواجب التقييم للوضع، فالحراك الثوري في مسيرته الشجاعة أمر يقتضي التعلم من الدروس السابقة المؤلمة، بطرح سؤال أساسي هو كيف نحافظ على المكتسبات؟ والثورة تواصل مسيرتها من أجل تحقيق أهدافها؟
فرغم الضربات القوية التى توجهها قوى الثورة للانقلاب، عليها في ذات الوقت الإقرار أن القوى المعادية للدولة المدنية تعزز وجودها بتحالفات داخلية وخارجية، مسنودة بالسلاح والمال، مما يوفر لها فرص المحافظة على مصالحها حتى لو اضطرت لتقديم تنازلات محسوبة، بينما قوى الثورة في أمس الحاجة الآن للعمل المشترك باستراتيجية يكون هدفها الاسمى الآن هو المحافظة على الوطن متماسكًا قويا.
وهنا فالوطن ليس قطعة أرض، أو جغرافيا سياسية، يدافع الناس عنها لمجرد عاطفة مجردة، بل مرتبطة بحقوق اجتماعية واقتصادية وثقافية، ولم تقم الحروب في السودان إلا بسبب الظلم والقهر الاجتماعي، ولا يمكن أن تمضي الثورة في طريقها دون أن تطرح قضية السلام ببعدها الحقوقي الديمقراطي، ولا سؤال المواطنة ببعدها الثقافي، فمن الملفت التعارض بين شعارات الثورة وخطاب الكراهية والعنصرية المستشري الذي يهدف لتهيئة الأجواء لتفتيت الوطن، مما يدل على وجود خلل كبير يؤشر لغياب مشروع وطني متفق عليه بين قوى الثورة وهو أمر يجب تداركه وبسرعة..
قاوموا…
الميدان