فك صادر الهجن.. هل حان وقت النجدة..؟
وزير الثروة الحيوانية: الحديث المتداول عن فك صادر الهجن غير دقيق

وزير أسبق د. علم الدين: استئناف صادر الهجن وفقاً للشروط…
مدير الأبحاث البيطرية: لم يتم استشارتنا في الحديث عن فك صادر الهجن
د.الفاتح : هناك وجود قدر من التهويل في هذه القضية وفي التعظيم من ضررها.
د.وائل: لا أرى هناك مبرراً قوياً لمنع صادر الهجن
الخرطوم : علي وقيع الله
يذخر السودان بمورد ضخم من ثروة الإبل، إذ أنه ثالث دولة من بين بقية دول العالم، إلا أنه لا يزال في مستنقع الفقر إذا ما قورن بتلك الدول، وردت أنباء الأسبوع الفائت عن إمكانية فك صادر الهجن؛ رغم نفي حقيقة ذلك من المسؤول الأول بوزارة الثروة الحيوانية، حافظ إبراهيم، وبذلك يمكن القول إن قضية فك صادر الهجن بعد حجرها بقرار من المجلس العسكري في العام 2019 آنذاك بتاريخ ٢١ يوليو والخاص بوقف كافة أنواع إناث المواشي (ضأن، ماعز، أبقار، إبل)، توحي بأن قطاع الماشية في السودان ما زال يترنح في مشاكله القديمة المتعلقة بالصادرات الحيوانية؛ نسبة لتجددها مع مرور السنوات، وظلت قضية صادر إناث الإبل تشغل أذهان المهتمين والمراقبين لفترات مضت وأخرى قادمة، لذا يطرح السؤال حول : ما هي تأثيرات صادر إناث الإبل على قطاع الثروة الحيوانية من جهة، وعلى الاقتصاد القومي من جهة أخرى..؟
يقول مختصون في الثروة الحيوانية إن فك صادر الهجن يستحسن من أجل الاستفادة بما يخدم مصلحة البلاد لجلبها قيمة مضافة تفيد الاقتصاد ككل، وفقاً للشروط الواجب اتباعها، فيما يعتقد مختصون أنه من الصعب أن تمنع أو تحتكر أية دولة صنفاً من الماشية باعتبار أن هذا تبادل للمصالح الاقتصادية، بحسب ما أفاد به خبراء في الاقتصاد أن فك صادر الهجن جزء من أزمة تصدير الموارد أو حتى تهريبها من السودان، والبعض يرى أنه لا يوجد مبرر قوي لمنع صادر الهجن؛ لأن هناك مربين للإبل يريدون الاستفادة منها في تحسين أوضاعهم الاقتصادية، ويؤكد آخرون وجود قدر من التهويل في هذه القضية وفي التعظيم من ضررها، وكأن السودان هو الذي يوفر لوحده حوجة الأسواق.
غير دقيق
في وقت وصف فيه وزير الثروة الحيوانية الاتحادي، حافظ إبراهيم عبد النبي، الحديث المتداول عن فك صادر الهجن بأنه غير دقيق، وأكد في تصريح صحفي، أن صادر الهجن يتسق وفق القرار ٢٨٥ – ٢٨٦ لسنة ٢٠١٩ الصادر من المجلس العسكري آنذاك؛ بتاريخ ٢١ يوليو والخاص بوقف كافة أنواع إناث المواشي – ضأن – ماعز – أبقار – إبل، وألمح الوزير إلى أن لجنة فنية من مركز دراسات أبحاث ثروة الإبل تعمل على معرفة الجدوى الاقتصادية من استناف صادر الهجن، وأكد أنه في حال أوصت اللجنة بذلك سيتم الدفع بها لقيادة الدولة، ويرى أنها ستسهم في مكافحة التهريب والحد من الظواهر السالبة.
مصلحة البلاد
وزير الثروة الحيوانية الأسبق الدكتور، علم الدين عبد الله أبشر، يعتقد أن زيارة وفد فني من وزارة الثروة الحيوانية والسمكية للمملكة العربية السعودية لتجديد البرتكول ومناقشة بعض الشروط الفنية التي لها علاقه بصادر الماشية الحية؛ خاصة أن هناك بعض الشروط الفنية التي أجلت لبداية العام ٢٠٢٢، وقال أما في ما يخص صادر الهجن فعلاً أنه تم إيقافه بقرار من المجلس العسكري في ٢٠١٩، وأكد أن السودان من حيث تعداد الإبل يعتبر ثالث دولة، ودعا عبر تصريح ل(اليوم التالي) للاستفادة منها بما يخدم مصلحة البلاد، ذاكراً أن الفائدة الاقتصادية منها حيث لا يقل سعر إبل الهجن الواحدة عن عشرة آلاف دولار و بمواصفات محددة؛ خاصة أنها غير منتجة، ولفت إلى أن هناك بعض الدول أنشأت مضامير لسباق الإبل، وقد تهرب لها بعض الإبل السودانية.
استئناف بشروط
وهنا شدد د. علم الدين بضرورة استئناف صادر الهجن بشروط متمثلة في ضمان عودة حصائل الصادر، بجانب الاتفاق على عدد محدد شهرياً، بالإضافة إلى ضبط الرقابة وضرورة الفحص البيطري لضمان عدم التلاعب في مواصفات إبل الهجن، وناشد بضرورة تكوين لجنة لهذا لضبط ومحاسبة المتلاعبين، وأوضح أن صادر الهجن يدر العملة الصعبة للدولة، وبالتالي تفيد المنتجين حيث يبيعون المواشي بمبالغ محترمة، وتساعد في تنمية القطاع، وأضاف قائلاً : لو صدرنا 100 رأس إبل هجن في الشهر لتكسبنا ما لا يقل عن مليون دولار من النقد الأجنبي للبلد.
تبادل المصالح
وقال بالنسبة لصادرات إناث الماشية عموماً
اليوم لو طلبت من أي دولة تمتلك ثروة حيوانية أي نوع من الحيونات أبقار لبن أو منتجة للحوم؛ فإن تلك الدولة لن ترفض، وأبان أن المسألة تبادل مصالح اقتصادية بحتة، وأشار إلى أن بعض الدول تسمح بتربية عدد محدد من الحيوانات والفائض يصدر، سواء كانت ذكوراً أو إناثاً، لأن الزيادة تؤدي إلى ضغط في المراعي وغيرها، وبحسب د. علم الدين فإن أحد الأعمام في ولاية الجزيرة ذكر بأن الإنجليز في مشروع الجزيرة كانوا يسمحون لكل فرد يريد تربية حيوانات بعدد محدد لا أزيد منه، ورهن السماح بتصدير إناث الماشية بضرورة تسجيل السلالات الحيوانية الموجودة في البلد (معرفة الجينات الوراثية) تسجيلها عالمياً ، بالإضافة إلى عمل تعداد حقيقي للثروة الحيوانية ومقارنتها بحجم المرعى، فإن كان هناك فائض يسمح بتصديره حتى و لو كان إناثاً بشروط تمنع الفساد وتعود بفوائد اقتصادية للبلد.
محدودية عملها
إلى ذلك قال مدير الأبحاث البيطرية بوزارة الثروة الحيوانية، مجدي بدوي، إن إناث الإبل سبق وأن تم صدور قرار بإلغائه، وأوضح أن المسألة في يد وكيل الوزارة وإدارة المحاجر، وكشف عن محدودية عمل الأبحاث البيطرية حول تشخيص العينات وإصدار الشهادات، نافياً، عبر تصريح ل(اليوم التالي)، عن استشارتهم في الحديث عن فك صادر الهجن، وقال هناك اتفاقية عالمية تنص على تبادل المصالح للاستفادة من الأصناف الحيوانية، ويعتقد أنه من الصعب أن تمنع أو تحتكر أية دولة صنفاً من الماشية باعتبار أن هذا تبادل للمصالح الاقتصادية.
أثر التصدير
يقول أستاذ الاقتصاد السياسي، محمد عيد كليس، بالرغم من أن سباقات الهجن أصبحت تمثل رياضة ذات رواج شعبي في منطقة الخليج، لما تصنعه من تسلية وترفيه للهواة الذين يشاهدونها، وأضاف؛ نجدها أيضا تساهم في رفع نسب تشغيل لبعض القطاعات الاقتصادية مثل الفنادق الاستراحات والشاليهات بنسبة 70%، هذا بجانب تشغيل قطاع الخدمات والنقل وتحريك عجلة التجارة وخلق فرص وظيفية موسمية لسكان المنطقة المحلية، وبالتالي رفع الناتج المحلي، ونوه إلى أنه ينبغي أن يخضغ تصدير إناث الإبل السودانية وإناث الثروة الحيوانية إلى رقابة وإشراف متكامل من قبل وزارتي التجارة و الثروة الحيوانية ومراكز الأبحاث المتخصصة والخبراء في المجال البيطري كجهة فنية، وأرجع ذلك – في حديثه ل(اليوم التالي)- لتوضيح أثر تصدير إناث الضأن والإبل السودانية على إنتاج السودان من هذه السلالات، حتى لا يفقد السودان الخصائص الوراثية لإناث الإبل المصدرة، ويؤكد وجود خصائص وراثية متميزة لإناث الإبل عن غيرها من الإبل في البلدان الأخرى خاصة من ناحية جودة الألبان واللحوم والسرعة وخلوها من الأمراض، ومن ناحية أخرى يعتبر د. محمد أن مسألة تصدير إناث الأبل جزء من أزمة تصدر الموارد أو حتى تهريبها من السودان، ويعتقد أن مشكلة تصدير الموارد الخام في مجملها تتمحور حول غياب الإرادة السياسية القادرة على وضع حلول تفضي إلى توظيف الموارد بطريقة صحيحة بعيداً عن أية هدر أو تهريب حتى تساهم في الناتج المحلي.
مبرر قوي
و يرى المحلل الاقتصادي الدكتور، وائل فهمي بدوي، أن يتم التفكير بعقلية ساسة لإدارة اقتصاد دولة يختلف تماماً عن التفكير بعقلية ساسة رجال الأعمال، ويعتقد أن انقطاع الإمداد التمويلي الأجنبي جعل العقلية تفكر بالنوعية الثانية من العقليات الكثيرة في هذا البلد، وأشار إلى حديث وزير الثروة الحيوانية بفك صادر الهجن، قائلاً : لا أرى هناك مبرراً قوياً لمنع صادر الهجن، بحجة أن هناك مربين للإبل يريدون الاستفادة منها في تحسين أوضاعهم الاقتصادية، وتابع أنه منذ عهد رئيس مجلس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، رأينا أنه لابد من اتخاذ سياسة واضحة تجاه صادر الهجن، لأن منعه ليس من مصلحة البلاد – بحسب قوله.
فلسفة التسليع
ويؤكد حول تحديد سعر الرأس الواحد (إناث أو ذكور دون تميير) بما يعادل 100 ألف دولار، أنه يشير بوضوح إلى فلسفة التسليع النيوليبرالية لكل شيء دون أي تمييز، وذلك بالموافقة على تصدير إناث الإبل، وذلك دون أي مراعاة لأي مبادئ وأسس اقتصادية تختص بالمدى الطويل في تمويل تطور الاقتصاد الوطني، ومضى قائلاً : هذه هي عقلية ساسة رجال الأعمال كما برر منطقها بهدف تحسين أوضاع أصحاب الإبل، كما أفاد بذلك الخبر، وكأنما لا حل إلا التصدير لتحسين أوضاع أصحاب الهجن.
أسعار مغرية
وقال: في تقديري أنه، و في إطار زيارة السيد وكيل الوزارة إلى السعودية لتحديث برتكول صادر المواشي، يريد توسيع أسواق صادرات الإبل إلى جانب السوق المصرية الاستهلاكية الرئيسية للإبل (في توقيت إغلاق طريق شريان الشمال)، وأوضح أن الفلسفة النيوليبرالية التسليعية لكل شيء هو مبرر كاف لدى أصحاب هذه الفلسفة لتصدير إناث الإبل باعتبارها سلعة كالذكور من الإبل وبقية أنواع المواشي، ويلفت د. وائل عبر إفادته ل(اليوم التالي) تركيز وزيرة الثروة الحيوانية التلميعي على أسعارها المغرية في ظروف قطع الطريق للسوق المصرية، وتوقف التمويلات الأجنبية وضعف عائدات الصادر عموماً بسبب ما تثبته الأخبار اليومية سواء بالوسائط الاجتماعية او الأخبار بالصحف الرسمية أو إعلام وزارة الداخلية بالتمكن من البعض المهرب للخارج، وقال لا أرى أي مبرر آخر غير سيادة عقلية رجال الأعمال النيوليبرالية هذه أمام ضعف حلولها في الصدمات السياسية والاقتصادية (كما تم تأكيدها من قبلنا في العديد من المنابر والصحف) بحيث تجعل أي مبررات أخرى غير مبررة في منطقها سواء من منظور الاقتصاد السياسي أو العلاقات الاقتصادية الدولية.
معنى الموافقة
في الوقت نفسه.. أبدى المحلل الاقتصادي خشيته من أن يكون القرار الذي ذكره وزير الثروة الحيوانية حول تكوين لجنة فنية من مركز دراسات أبحاث ثروة الإبل لتحديد الجدوى الاقتصادية مثلها في قرارات لجنة مراجعة تعريفة الكهرباء التي أعادت التعريفة بعد رفع الدعم من بعد إلغائها أي بمعنى الموافقة على تصدير إناث الإبل كما أرادها السيد الوزير منذ البدء، محذراً من أنه سيفقد السودان، مستقبلاً، أسواق للماشية عموماً والتي كان من الممكن تصنيعها محلياً لحوماً وألباناً وجلوداً، وقال يبدو أن السودان سيعاني من وزراء نيوليبراليين – كما سابقيهم – المتحكمة في مستقبل الاقتصاد السوداني، و ذلك بعقلية رجال أعمال وليس بعقلية رجال اقتصاد دولة وليس حتى بعقلية الاقتصاد الليبرالي أو الاقتصاد السياسي الحر المعروف.
لا توجد إشكالية
وبحسب ما قاله المحلل الاقتصادي الدكتور، الفاتح عثمان محجوب، إن صادر إناث الماشية من الضأن أو الماعز قد يؤدي لتدمير سوق الماشية السودانية في السعودية، إذ أن هذه السلالات يمكن بسهولة توطينها هناك، ويضيف أما إناث الأبقار أو الإبل فالغالب أنه لا توجد فيه ذات الإشكالية، بل إن سلالات الإبل والأبقار في مصر وليبيا ربما أكثر جودة من مثيلتها في السودان من حيث إنتاج اللحوم والألبان، واستبعد عبر تصريح ل (اليوم التالي)، وجود أي ضرر يذكر من ذلك بل إن قوافل الإبل المصدرة إلى ليبيا تشتمل غالباً على إناث الإبل منذ عشرات السنوات، وذلك بسبب ضعف الرقابة على الحدود ومع ذلك لم تتأثر أسواق الإبل في ليبيا بذلك؛ لأنها أصلاً تمثل نسبة قليلة من الطلب على الإبل سواء في الأسواق المصرية أو الليبية، وقال أما صادر الأبقار فهو أصلاً موجه إلى مصر وبكميات لا زالت ضئيلة جداً إذ أنها لم تتمكن قط من تجاوز حاجز 200 ألف من العجول؛ بل غالباً ظلت دون 100 ألف عجل، وأكد وجود قدر من التهويل في هذه القضية وفي التعظيم من ضررها، وكأن السودان هو الذي يوفر لوحده حوجة الأسواق لدول الجوار المصرية والليبية أو الخليج من الماشية، وهذا غير صحيح؛ بل إن نسبة اللحوم السودانية في مصر أقل من 5% من اللحوم في الأسواق المصرية، لكنه حث السلطات السودانية التشدد في تصدير إناث الضأن خاصة، لأن أي تفريط فيها قد يدمر تماماً صادر الضأن في غضون خمس سنوات فقط.
اليوم التالي
لماذا لا تصدر مزبوحة بدلاً من حية كي نحافظ عن الثروة ولماذا تصدر الاناث…. وسمعنا كثير عن شرائها بعملة محلية مزورة من جانب .المعروف ان الصدار دائما يكون بعملة دولية.