نعم لقد تقزم الوطن

صدقوني لقد تقزم الوطن..
وتقزم الانسان ..
وتقزمت الاخلاق ..
وتقزمت الامانة ..
وتقزمت الوطنية ..
وتقزمت الشهامة ..
تقزمت كل الصفات الجميلة ..
وهو في الحقيقة تقزم من صنع ايدينا ..
فالمفاهيم الكبرى التي كانت تبني الوطن وتخلد معناه الحقيقي قد تقزمت..
وأفرغت من مضامينها ومحتوياتها ..
فارتفعت في الانحاء اصوات نشاز لم نعهدها..
وأضحي السلم الاجتماعي مقولة غائبة في حياتنا ..
ولم تعد الأخلاق هي الاسمنت الذي يشد به بناء الانسان السوداني ..
وكأن حديد اثاثه قد تهالك واصابه الصدء ..
نعم كان ذلك يوم تخلينا عن تاريخنا وارثنا الحضاري ..
فاصبحنا للاسف الشديد لا نعرف حقيقة أصولنا ..
ولأي ثقافة نتبع ؟..
و أية نافذة يجب ان نتنفس منها؟..
وهكذا  فعلنا بالجغرافية الوطنية حيث ضاعت هامتنا الإنسانية ..
وطغت علينا  الجهوية السوداوية .. والعصبية القبلية..
والعنصرية البغيضة ..
وهذا ما جناه علينا من حكمونا منذ الاستقلال ..
فلقد فشلوا في بناء وطن حقيقي ..
وتلاعبوا بالمقدرات ..
فتقطعت اوصاله ..
فكيف لا  يخرج علينا  من ينادي بالانفصال ..
وكيف لا تتهافت علينا إلايديولوجيات الغريبة ..
وكيف لا ينتشر بيننا التخوين ..
الامر اخوتي جد خطير ..
وان لم  تندمل فينا جروح الجهوية والقبلية والعنصرية والمحاصصات ويكون العدل الحقيقي والسلام والحرية فلن نكون ..
وهذا ما ينادي به  شبابنا الثوري الذي يقتل في الشوارع ..
وحقا فهم يملكون القدرة على بناءه ..
فمشاعل الثورة لن تسقط ابدا من ايديهم ..
والوطن لن يبنيه إلا المخلصون ..
ولن يحميه او يدافع عنه الا الوطنيون ..
ومازلنا ننادي بالصوت العالي ان اتركوا هذا الجيل الثوري يحلق بالوطن عاليا..
وعودوا انتم الي كهوفكم القديمة فلقد فشلتم وذهبت ريحكم ..