
أصبحت لجان المقاومة قاطرة الثورة السودانية بلا منازع ، وفاقت تجمع المهنيين وتقدمت على قوى إعلان الحرية والتغيير في تسيير المواكب المناهضة لانقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر ، وعاد العالم يرفع حاجبي الدهشة مجددا من بسالة هؤلاء الشباب والشابات حتى أن جلسة الكونجرس الأخيرة والتي انعقدت لتقييم الوضع في السودان وأدانت العنف وتصرفات وسلوك الانقلابيين حيال المواكب وربما تترتب عليها عقوبات فردية تطال من يعيقون مسيرة التحول الديمقراطي في السودان .. حتى هذه الجلسة لم يخفي حضورها إعجابهم وانبهارهم بلجان المقاومة ، ولم تفلح كل حملات التشويه المقصودة من الفلول والانقلابيين في تشوية صورتهم ، لم يفلح دمغهم بأنهم مخربون في تشويه صورتهم .. وفشل دمغهم بالإرهاب والحديث عن كتائب ظل البمبان وغاضبون وملوك الاشتباك، لم يخصم ذلك من رصيدهم الثوري ولن يخصم ، وصفوهم بتعاطي المخدرات وبالعلمانية وحاولوا التشكيك في هتافاتهم وتأويلها وأنبري علماء السلطة من فقهاء (الحيض والنفاس) لمهاجمتهم فلم يفلحوا ولن يفلحوا .. لقد رأيناهم يصلون جماعة ، ورأينا من يحمل في حقيبته المسندة إلى ظهره مصلاته ، ورأينا شهيدا وجدوا في حقيبته وصية ووجدوا مبلغ (١٠٠) جنيه وهي كل ما يملك وقد كتب عليها ” لله” لتكون صدقة بعد استشهاده ، ورأينا الأخلاق والنخوة السودانية في إسعاف المصابين عبر الدراجات النارية ، وتشييع الشهداء واحترام حرمة الموت ووالله رأيناهم يلقنون إخوانهم الشهادة في الشارع عقب الإصابات المميتة ، ولم نراهم يزفون أحدا للحور العين ولم يدعوا أنهم شموا رائحة المسك أو العنبر تفوح من الشهداء ، ولم يقولوا يوما أن الملائكة هبطوا من السماء ليسيروا معهم في المواكب، أو أن القرود (رجعت) البمبان معهم ، أو جاءت السحب لتظللهم من حر الشمس وهم متوجهون للقصر الجمهوري ، فهل يفلح (أهل الهوس) في تشويه صورتهم ؟؟؟ .
مطلع فبراير أعلنت لجان المقاومة جدولها التصعيدي للشهر والجدول متزامن مع ما سمته اللجان بـ (ترنح الانقلاب) ومع اقتراب لجان المقاومة من بلورة ميثاق وطني واضح متفق عليه وفيه الإجابات الواضحة على تساؤلات من يسألون عن البديل ، ومتزامن مع كثافة ضغوط المجتمع الدولي على رموز الانقلاب ، ومتزامن مع إفلاس من يسمونهم الخبراء الاستراتيجيين الذين أصبح حديثهم ودفاعهم عن الانقلاب يتبلور حول عبارتين يرددونها فى (بغبغاوية) عمياء الأولى الاولى (إن هنالك طرف ثالث يقتل الثوار !!!!!!!) والثانية إن الحل فى الانتخابات !!!!!!! والأمر المؤسف ليس في حديثهم الفطير غير المنطقي ، وإنما أن هؤلاء هم وقادة الجيش الذي وصلوا إلى أعلي الرتب ولم تنفع استراتيجياتهم المدعاة في صناعة جيش وطني قومي موحد بعقيدة قتالية موحدة ، بل لم يرفضوا وهم فى الخدمة وجود المليشيات إلى جانب الجيش أتدرون لماذا ؟؟؟ لأنهم تركوا عملهم الأساسي وانشغلوا بالفعل السياسي وهم عسكريون نظاميون .. عملهم ليس السياسة لذا فشلوا في الدفاع والمرافعات السياسية عن الانقلاب .
لقد خرج جدول التصعيد الثوري في وقت إحكام “ترس الشمال” وترس الشمال أكبر إحراج يواجهه الانقلابيون ومناصريهم ، فالترس جاء بعد إغلاق العقبة والمطار وموانئ السودان وحينها ادعى من يمسكون بالسلطة الان أن ذلك الترس فى الشرق عمل سياسي لا علاقة لهم به ، والان أهل الشمال يمارسون عمل سياسي ويجب أن لا يكون لهم علاقة به ، إذ يكفي إحراجا أن ( اعتصام الموز) وصل إلى القصر بلا بمبان ولا رصاص ولا مواجهات عنيفة أو حتى غير عنيفة ، وبعد الوصول استراح (المعتصمون) في الخيام أيامهم بين ” المحشي والموز والخطابات السياسية المصنوعة والرقص مع “التوم هجو” وتفرقوا بعد أن قبضوا الثمن ، أما الان فقد أعلنت السلطات الانقلابية أن ذات مكان الاعتصام السابق أصبح من المناطق المحرمة والحساسة التي لا يجب الوصول إليها ..!! لقد نسيت الزمرة الانقلابية وهي تمهد للانقلاب بحفر حفيرة السوء أن توسع مراقدها في هذه الحفرة والمثل السوداني يقول : “يا حافر حفيرة السوء وسع مراقدك فيها ..) !! لقد أصبح السودان الان كله عباره عن ترس كبير فماذا أنتم فاعلون .
وفي هذا الخضم المتلاطم من عهد (اللادولة) في السودان تبرز أخبار اقتصادية مزعجة حول التراجع المريع في التحويلات المالية من الخارج إذا أصبحت بضعه آلاف دولار بعد أن كانت ملايين الدولارات ، وظهرت الفجوة مرة أخرى في العملات الأجنبية بين سعر البنك والسوق الأسود، وتوالى ارتفاع الدولار بعد أن استقر طويلا ، وتوقف كل الدعم بما في ذلك برنامج ثمرات الذي مس معاش الناس بشكل مباشر، وتوقف التهريب الذي كانت تمارسه الحكومة عبر الحدود السودانية المصرية رغم ضحالة عائده بالعملة المحلية المزورة بفضل مكافحة المواطنين للتهريب ، ومن المضحكات المبكيات أننا لأول مرة في تاريخ البشرية نرى حكومة تمارس التهريب !! والمواطن يكافح التهريب !!!! وبعد كل هذا التردي الاقتصادي اسقط في يد وزير مالية الانقلاب جبريل إبراهيم واحتارت حكومة تصريف الأعمال (البرهانية الجبريلية الانقلابية) فلم تجد أمامها غير زيادة تعرفة الكهرباء وحتى هذه عجزت عن اتخاذ قرار واضح بشأنها بسبب ترس الشمال فالزيادة تنفذ فعلا وتنكرها وزارة المالية ، ثم يأتي ذلك المنسوب (للبرطمانيات) ويعلن إلغائها !!! ثم تعود الزيادة من جديد !!! ويحكم الترس قبضته وتشتد (الدوشة) على جبريل فيحاول أن يجد أمرا يشغل به الناس في الجانب الاقتصادي فيدعي قرب عودة برنامج ثمرات ..!! بلا أي مؤشرات للعودة ولا دليل ، بل أن المجتمع الدولي يتأهب لمزيد من العقوبات على البلاد ، والمعروف أن برنامج ثمرات أحد برامج الحماية الاجتماعية للبنك الدولي الذي أوقف مساعداته للسودان فمن اين لجبريل بهذا الحديث ؟؟ اهو امر حلم به جبريل في المنام ؟؟ ام هي بركات ستهبط على السودان من السماء في هذا الزمن الأغبر لتنقذ وزير مالية الانقلاب من حالة انسداد الافق الاقتصادي التي وقعت على البلاد بسبب الانقلاب الذي دعمه جبريل ، ودعك من هذا فجبريل الذي أسندت له حقيبة المالية فى حكومة حمدوك المنقلب عليها ليمول تنفيذ اتفاق جوبا للسلام من اين له الان التمويل اللازم لتنفيذ الاتفاقية وقد أصبح وزيرا للمالية بلا رئيس وزراء !!!!، بل من أين للبرهان وحميدتي تمويل الانتخابات التي لا يجدون حديثا غيرها كلما ضاقت عليهم الأرض بما رحبت .. اللهم أحفظ بلادنا وأحقن دماء شبابنا واجعل أعداء السودان عبرة لمن يعتبر .
كفيت ووفيت .. كتر من البل دة يا أستاذ عوض عبد البارئ .. وكلها حقائق واقعية ومنطية ..
والله لك التحايا كلام في الصميم