
الدين من الحياة كالماء والهواء ، فهو بهذا لا يُشكل تفاصيل حياة الناس ، وفي نفس الوقت تستحيل حياة الناس بدونه “لون الماء لون إنائه”.
طبيعة الدين واحدة ، تعمل على مستوى وجدان “الفرد” العميق ، وفي ذلك يكون الدين صالحاً لكل الافراد وفي كل الأزمان .
وبالمقابل “دُستور الدولة” لا يعمل إلا في نطاق جغرافي وسياسي محددين ، وهي الحدود المعترف بها دولياً لأي دولة ، ويفقد قُوَّة نفاذه وإلزامه خارج حدود الدولة المعنية، وهذا لا ينبغي في حق الدين .
من هنا ظهرت معضلة الحركات الإسلامية التي لا تعترف بالحدود الجغرافية ، لظنها أن الدين دُستور دولة ، ودولة الدين لا حدود لها ، فتجد داعش تنشط في كل العالم ، والقاعدة والإخوان المسلمين والوهابية والشيعة وبوكو حرام وغيرهم لهم أذرع في كل بقاع العالم ، ذلك لانهم ظنوا أن الدين دُستور دولة ، بينما الدين بحكم طبيعته “نفَّاذ” لا يعترف بالدولة ولا تحده الحدود .
وهم في ذلك يؤمنون بمقولة منسوبة إلى هارون الرشيد (أمطري حيث شئتِ ، فإن خراجك لي) ! ويكفرون بقوله تعالى (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) ! .
الشيء الآخر الذي يدعم استحالة أن يكون الدين دُستور دولة ، هو أن الدين لا يُفرق بين البشر ولا يمايز بينهم ، بينما دُستور الدولة يُعطي تمييز للمواطن على حساب غير المواطن ، فالمسلم السعودي له حقوق في السعودية لا يتمتع بها المسلم السوداني والعكس صحيح .
خلاصة الامر : الدين نزل لخدمة الانسان في مستواه الانساني – الوجداني المشترك ، قبل ان يتجلى ويتمظهر في الخارج على شكل ثقافات ودول واقاليم ونحوه ! فالثقافات والدول والاقاليم هي مؤسسات يحكمها مزاج الناس وليس الدين .
لذلك قال الحبيب “من جاءكم من ترضون دينه وخُلُقه” فالخُلُق ليس الدين وإنما مزاج المتدين. فان كان المتدين بطبعه ليناً متسامحاً كانت اخلاقه هادئة كالحسن بن علي الذي صالح معاوية ، وإن كان طبعه حامياً كانت أخلاقه ثورية لا تقبل الحلول الوسط مثل أخيه (الحسين بن علي) الذي آثر الموت على الظلم ! وكلاهما مسلم .. عليهما رضوان الله تعالى.
الوعي ثم الوعي .. إياك ان تظن ان غيرك يفهم افضل منك فتتبعه فتخسر وتدمر ، استمع وتدبر فليس في الدين سادة ولا كُبراء.
((إياك ان تظن ان غيرك يفهم افضل منك فتتبعه فتخسر وتدمر ، استمع وتدبر فليس في الدين سادة ولا كُبراء))؟
أولاً: ليس في مجرد الظن بأن الغير قد يكون أعلم سوءٌ! بل هذا الظن هو الذي تقوم عليه كل العملية التعليمية والتلقينية في مراحل مبكرة من العمر. إن التعلم يستلزم طرق كل أبواب العلم وسماع كل رأي متاح ولكن المذموم هو الاتباع الأعمى والتسليم بكل ما يقول المعلم وكأنه معصوم وقوله الحق الذي لا يأتيه الباطل! وهذا يشمل حتى التعلم من الأنبياء فإتباعهم بعلمٍ خير منه بغير علم! فالمؤمن كَيِّسٌ فطِنٌ. والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير،،،،. فلا يجوز الاتباع بغير علمٍ أي دون أن تعلم صحة مايقول المتبوع إلا النبي صلى الله عليه وسلم فإنه معصوم في أمر الرسالة ولا مناقضة في ذلك للمقولات السابقة، فالخيرية في الفهم وليس في الاتباع؛ فاتباع الرسل واجب صرف النظر عن فهم تفاصيل الرسالة، ولكن الخيرية في الاتباع عن فهم واستيعاب.
ثانياً: الدول التي تزعم بأن القرآن دستورها فإن كان القصد هو جعله مصدر تشريع لأحكام المعاملات التي نص عليها صراحة وعلى خلفية أو في إطار الأخلاق الإسلامية المستمدة منه (كان خُلُقُه صلى الله عليه وسلم القرآن) فلا بأس، حيث ما سيطبق من التشريعات لن يخرج عن الأخلاق الاسلامية، ومعلوم أن السند الشرعي للقوانين هو الأخلاق قبل التشريع الذي يستند، بدوره هو كذلك، على الشرعية الأخلاقية، فلا يمكن تحريم ماهو مقبول للمجتمع ولا تحليل ما هو منافٍ للأخلاق العرفية للمجتمع.
ثالثاً: قولك: (الدين من الحياة كالماء والهواء ، فهو بهذا لا يُشكل تفاصيل حياة الناس ، وفي نفس الوقت تستحيل حياة الناس بدونه “لون الماء لون إنائه” قول متناقض لأنه إذا كان كالماء والهوا فهو، على عكس قولك، يشكل تفاصيل حياة الناس، ولكن كيف؟ طبعاً بشكله الأخلاقي الديني الشخصي أو التديني الفردي في المجتمع وما الأخلاق العامة التي يقننها التشريع إلا مجموع الأخلاق الدينية التي يدين بها أفراد المجتمع. فتشريع الدستور والقوانين لا تنص على القواعد الأخلاقية الفردية – أو إن شئت، على كل التفاصيل التدينية للأفراد، وانما الأخلاق العامة (public or common morals ) بغرض التطبيق العام القسري وليس الاختياري أو الأخلاقي أو التديني الفردي. ولذلك فإن الدستنور لا يكون دينياً وانما أخلاقياً يقنن الأخلاق العامة لمجتمع ما، متديناً كان أم لا، ولا يتعداه للمجتمعات والبلدان الأخرى، وهذا يمثل خطل فكر جماعات الاسلام السياسي والداعشي الطائشة العابرة للأقطار والقارات!
فاتباع الرسل واجب صرف النظر عن فهم تفاصيل الرسالة”؟
اين هم الرسل الان؟ ام تدعونا لاتباع ما يسمى بالعلماء الذين يفسرون ما قاله الرسل؟
إياك أن تظن أن غيرك يفهم أكثر منك، وردت مشروطة ب (استمع وتدبر)..؟ واظنها على هذا النحو تبريء نفسها مما ذهبت أنت إليه.
أما الاتباع فهو مذموم في كل الاحوال اذا لم يكن على فهم، ذلك لان الانسان لا يحقق انسانيته إلا إذا أتبع عن فهم، لذلك أُمر النبي عليه الصلاة وأفضل التسليم بان يجادلهم بالشتي هي احسن …!
أما كون الدين من الحياة كالماء والهواء، فهي ليست متناقضة .. فقط فكر في الخرسانة والحديد من البناء، فلا يكون البناء الا بهما ولكنهما في نفس الوقت لا يحددان شكل البناء، فالمهندس هو الذي يحدد شكل المبنى وحجمه وعدد طوابقه.. لذلك هنالك مهندسون ومقاولون وعمال الخ … الدين يضع الاخلاق والمواد الأولية لبناء المجتمع والإنسان هو مهندس حياته وهذا هو فحوى التكليف.
كل السعادة والمحبة والجمال 🌺🌹
السيد سيمبا، نتكلم عن مفاهيم، والرسل موجودون؛ هم نفس الرسل؛ اختر من أصحاب الرسالات الباقية منهم من تريد! إذا درست الرسالات ستجد أن الرسالة المحمدية هي الخاتمة، واذا علمت أن الأديان السماوية السابقة من نفس المصدر الإلهي فالمنطق يقودك إلى التفكير في اتباع الخاتمة فهي النسخة المحدثة بلغة المعلوماتية اليوم. فلا أحد يستخدم البرمجيات القديمة إن كان قد تم تطويرها بنسخة حديثة!
أما كاتب المقال هل فهمت ما أردتُ قوله من تعليقي هو أن لا وجه للمقارنة بين الدين والدستور الذي هو قانون إدارة الدولة وضبط تعاملات أفراد المجتمع؛ فالدستور والتشريعات المستندة عليه لا تستمد من الدين مباشرة وإنما من القيم والأخلاق العامة المستمدة من الدين. بعبارة أخرى الدستور والقانون لا يقنن التدين الفردي والأخلاق الفردية ولا يتدخل فيها، وانما ينظر المشرع فقط إلى القيم والأخلاق العامة وهي خلاف التدين الفردي المتعلق بالعباد والطقوس والشعائر والنسك والصلوات وخلافها فهذه من التدين الشخصي الذي لا يجوز للدولة التدخل فيه لا بالدستور ولا القوانين التي لا دخل لها بذلك إلا من باب كفالة وحماية حرية التدين ومنع التغول عليها. وعليه فلاعلاقة مباشرة بين الدستور الدين ومن ثم فلا يجوز أن يكون الدين دستوراً أصلاً؛ فتلك عقيدة الدواعش ومذاهب الاسلام السياسي التي فرختهم
كلمة دستور تعني قانون. الدين ليس قانون الدين عقيدة وعبادة وقانون