مقالات سياسية

استقالة شباب (الشعبي)..!!

بالأمس كتبتُ في هذه الزاوية أنَّ حزب المؤتمر الشعبي لا يمكنه لعب دور إيجابي في حل قضايا السودان الحالية بسبب ارتباطه الوثيق بحزب المؤتمر الوطني، ولا يجب أن يتوقع أحد أنه سيلعب دوراً مختلفاً عن الوطني، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على جميع الأحزاب التقليدية وأحزاب (الفكة) المستولدة منها والتي خرجت لاعتبارات شخصية، ثم مضت في ذات الطريق وإن تعذرت بالتجديد والخروج عن جلباب الطائفية. طبعاً بالإضافة إلى أحزاب الحركات تلك الشركات الخاصة، وحقيقة كلها أحزاب غير مؤهلة لتحقيق أحلام وطموحات الشعب السوداني.

بالأمس أكد شباب المؤتمر الشعبي ما ذهبت إليه فقد قررت مجموعة منهم الخروج عنه وتقدموا باستقالة جماعية من الحزب، انتقاداً لمواقفه إزاء الأحداث الجارية في البلاد، وقالوا إنَّ موقفهم جاء انحيازا للشارع حتى لا يقفوا مكتوفي الأيدي تجاه ما يحدث. وانتقدوا إصرار (قيادة الشعبي) على الحوار والمشاركة مع النظام رغم عدم التزامه بتنفيذ مخرجات الحوار، كما أن القيادة لم تمتثل لإرادة القواعد الملتحمة مع الجماهير ولم تراعِ المسؤولية الأخلاقية والسياسية، وهذا ديدن أغلب الأحزاب السودانية.

قيادات الأحزاب في السودان هم سبب المصائب والأزمات التي يعيشها السودان وشعبه اليوم، وحقيقة لا مفر من الثورة عليها جميعاً، وقناعتي الشخصية أنه لا يمكن إعادة تأهيلها أو إصلاحها فهي ميئوس منها، فقادتها يستغلون أتباعهم أسوأ استغلال من أجل أن يحافظوا على وجودهم في القمة سنين طويلة متجاوزين أجيالاً من أبناء الشعب، وخلقوا مرضاً عضالاً في الدولة اسمه متلازمة (الكنكشة) التي ذبحوا من أجلها الكثير من القيم والأخلاق، وسخروا لها الدين أيما تسخير فدخل بسببها السودان في المأزق الذي نعيشه الآن. ولو كان هناك تجديد وتغيير مستمر لما وصلنا إلى هذا الدرك.

واحدة من المفارقات العجيبة في السودان تتمثل في أنه دولة شابة، أي عدد الشباب فيها أكثر من نصف السكان، ونسبة كبار السن قليلة جداً ورغم هذا هم من يقودونه، وحتى يخرج السودان من أزماته الحالية فهو أول ما يحتاج إليه هو ضخ الحياة في مؤسساته السياسية، وليس من سبيل إلى ذلك من دون إزاحة الشيوخ الذين يجلسون على قمتها ويرفضون التنازل، وقد آن الأوان ليقوم الشباب بهذا الدور، وأعتقد أنهم الآن يضعون أقدامهم في الطريق الصحيح ويجب أن يساندوا بعضهم ويتخلوا عن هؤلاء القادة فوراً.

الخطوة التي اتخذها شباب الشعبي تعتبر شجاعة وجيدة ولكن تمنيت أن تكون انسلاخاً وليس استقالة وقفل الباب أمام الرجعة، وهذا ما يجب أن يمضي فيه كل الشباب في جميع الأحزاب بما فيها الوطني. وأعتقد أن الانتصار لمعركة الوطن تحتاج إلى الخروج من هذه الأحزاب الواهنة فوراً وتركها تموت لوحدها، فهي لو لا الأعضاء الشباب فيها لما عاشت لحظة. وحقيقة الشباب في السودان لا يستحق أن يكون جزءاً من هذه الأحزاب المضرة، وعليهم أن يناصروا بعضهم وخاصة الشباب الذين لا ينتمون إلى هذه الأحزاب ويمثلون الأغلبية.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..