أخبار السياسة الدولية

مفاتيح الحل في اليمن… مشاورات تشمل الجميع وفتح الباب للقوى الصاعدة

من المُستحيل إرساء مداميك الحل السياسى في اليمن عبر “المفاوضات المجتزأة”، التي تنفرد بها قوى سياسية مُحددة وتُستثنى أخرى، ولعل أصحاب هذا الرأي يظنون أن إقصاء القوى الفاعلة على الأرض يعزز من رصيدهم السياسي، والحقيقة أن جماعة الحوثي تستفيد من هذا الوضع الذي كان السبب وراء استمرار النزاع لسبعة أعوام وتعثر كل المشاورات السياسية عن الوصول إلى غاياتها.

وقال مصدر سياسي، إن القوى السياسية اليمنية أخفقت في قيادة دفة السلام ووفرت كل السبل للحوثيين للإستمرار في النزاع. واضاف: “أبعد من ذلك اعتقدت هذه القوى أن الإبقاء على نفوذها يستدعي مواجهة القوى السياسية الصاعدة مثل المجلس الانتقالي الجنوبي، والمكتب السياسي للمقاومة الوطنية؛ لكن ما حدث كان العكس، حيث ازدادت شعبية هذين المكونين في مقابل تراجع زخم القوى التقليدية”.

والمجلس الانتقالي الجنوبي تشكل بقيادة اللواء عيدروس الزبيدي في مايو 2017، ليكون الحامل السياسي للمقاومة الجنوبية، وفي مارس 2021 أُعلن عن تشكيل المكتب السياسي ليكون الحامل السياسي للمقاومة الوطنية بقيادة العميد طارق محمد عبدالله صالح نجل شقيق الرئيس الراحل؛ غير أن هذا التطور اللافت في مسار الأزمة قوبل بالعداء والممانعة والرفض من قبل القوى السياسية المسيطرة على قرار وتوجه الحكومة.

وتابع المصدر يشرح نقاط الخلل في تعثر جهود السلام قائلا: “جولات التشاور مع الحوثيين خاضتها القوى السياسية المعروفة، التي تتقاسم النفوذ داخل الحكومة، وهذه الأحزاب تقدم مصالحها الخاصة على المصلحة الوطنية وانخرطت في التشاور مع الحوثيين بلا مشروع واضح، بينما كان الحوثيون يبذلون أقصى ما بوسعهم لتحقيق أهدافهم من التشاور، وعلى رأسها إطالة أمد النزاع”.

ونوّه مصدر سياسي ثانٍ، إلى أن المرحلة الحالية تحتاج إلى الدفع بالقوى الجديدة إلى واجهة المشهد، في إشارة منه إلى المجلس الانتقالي الجنوبي والمكتب السياسي. واستطرد: “سيسهم إشراك هؤلاء في اي مشاورات قادمة في تحريك المياه الراكدة وبوسعهما احداث فارق”؛ لافتا إلى أن المجلس الانتقالي والمكتب السياسي “يميزهما أنهما لم يتلوثا بالاجندة الخارجية ويمتلكان رصيد ميداني وحضور شعبي يعتمدان عليه في موقفهما السياسي”.

وتتألف المقاومة الجنوبية من عشرات آلاف المقاتلين من أبناء المحافظات الجنوبية، وتحت هذا المسمى تندرج قوات ألوية العمالقة والأحزمة الأمنية، وقوات النُخب المنتشرة في المحافظات الجنوبية، وهذه القوات مجتمعة استطاعت تحرير كل المحافظات الجنوبية التي وصل إليها الحوثيون وصولا إلى مناطق في المحافظات الشمالية مثل الساحل الغربي ومأرب، في حين أحرزت المقاومة الوطنية نجاحها في الساحل الغربي حيث تعسكر الآن ضمن ائتلاف ما يعرف بالقوات المشتركة.

وفي نوفمبر 2019 حظي المجلس الانتقالي بثقة دول التحالف العربي في اليمن (تحالف عسكري تقوده السعودية) خاصة السعودية والإمارات، عندما تفاعل بشكل إيجابي مع اتفاق الرياض الموقع بينه وبين الحكومة لفض النزاع في محافظة أبين، حيث دخل بعدها للمرة الأولى منذ تشكيله ضمن التشكيل الحكومي الجديد بعدد من الحقائب الوزارية.

ولدى المكتب السياسي للمقاومة الوطنية ثالث أكبر كتلة برلمانية في مجلس النواب. وفي هذا السياق يشير المصدر إلى “وجود حالة من التعاطي الدولي الإيجابي مع المجلس الانتقالي والمكتب السياسي تمثلت باللقاءات التي عقدها مسؤولون من الولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة سواء بشكل مباشر أو عبر تقنية الفيديو مع مسؤولين من المكونين كل على حده”.

وأفاد المصدر بأن عوامل “التعاطي الدولي الإيجابي، القاعدة الجماهيرية المعتبرة، المكاسب الميدانية الوازنة، تؤهل هذين المكونين ليكونا في صدارة المشهد السياسي”. منبهًا إلى أهمية “تفهم الحاجة لوجود قوى سياسية فاعلة في الميدان تستطيع أن تواجه الحوثيين سياسيا كما واجتهتهم عسكريا”.

ومنذ 2011 حتى اليوم تعاقب 4 مبعوثين دوليين إلى اليمن جميعهم فشلوا في حل الأزمة سياسيا نتيجة تصلب الحوثيين، رغم قيادتهم 4 جولات مشاورات عقدت اثنتان منها في سويسرا، والثالثة في الكويت، والرابعة في ستوكهولم “الأمر الذي يفرض البحث عن حلول منطقية لتجاوز هذا الإخفاق ومنع القوى السياسية المحكومة بأجندة خارجية من الاستئثار بالقرار والتفرد في تمثيل كل الأطياف المناهضة للحوثيين في المشاورات”.

صلاح الاغبر كاتب صحفي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..