تكميم الأفواه مرة أخرى !!!

أصحى يا ترس
بشير اربجي
لم يتبق لقادة الانقلاب العسكري ومعاونيهم من المدنيين المتواطئين إلا مصادرة الصحف وإغلاقها كما كان يفعل المخلوع، فبعد سحب وكيل وزارة الإعلام المعين من قبل قائد الإنقلاب لترخيص الجزيرة مباشر وإيقاف المراسل محمد عمر، ها هو أمين مجلس الصحافة بالعهد البائد والمعاد تعيينه من قبل قائد الإنقلاب يرسل خطابا لتكميم الأفواه للصحيفة، يقول فيه لقد تلاحظ أن صحيفتكم تطلق صفات على السادة (كما أسماهم) رئيس وأعضاء مجلس السيادة لا تليق بالمقام السيادي، مما يعد مخالفة صريحة للمادة (26) من قانون الصحافة والمطبوعات، وعليه حسب خطاب أمين مجلس الصحافة الانقلابي يطلب الإلتزام بمنطوق الصفة الدستورية وفقا للقانون كما قال، مذكرا فيما يشبه الوعيد بشروط التصديق الممنوح من قبل المجلس للصحيفة،
ورغم أن الخطاب نفسه وجد استنكارا واسعا من قبل كل ألوان الطيف الإعلامي والسياسي باعتباره رده عن الحريات الصحفية، تماثل ردة الانقلاب العسكري الذي قام به البرهان وحميدتي بمعاونة أمثال أمين مجلس الصحافة على الثورة المجيدة، إلا أن أمين مجلس الصحافة يبدو أنه يريد أن يكون ملكيا أكثر من الملك، فقد أستمع الجميع لعضو مجلس السيادة الغير شرعي والمعين بدون سند من دستور برطم فى لقاء تلفزيوني، وهو يقول إن ما قام برهان حسب رأيه الشخصي إجراءات تصحيحية ويمكن أن يسميها من يرفضها بالإنقلاب، كذلك فإن رئيس مجلس الوزراء المستقيل حمدوك فى خطاب الإستقالة ذكر بوضوح أن ما حدث هو إنقلاب على تلفزيون السودان،
فما الذي يجعل عبد العظيم عوض يطالب الصحف والصحفيين بتسمية الأشياء بخلاف مسمياتها، وهل يريدنا أن نقول عن الإنقلاب أنه غير ذلك في تكذيب للواقع كما كان يفعل هو نفسه بعهد المخلوع، وهل يتوقع منا أن نسمي الإنقلاب العسكري المشؤوم بغير إسمه الحقيقي، للعلم هو إنقلاب كان يتم الإعداد له منذ 13 أبريل العام 2019م، وقد تم قتل قرابة الألف ثائر من قبل العسكر والمليشيات حتى يتم إكمال هذا الإنقلاب وقطع الطريق على الثورة المجيدة وتحقيق أهدافها، ولن يجعل منه التعتيم الإعلامي أي شيء آخر غير ماهو عليه كما أن الإفلات من العقاب لا يجعل من القتلة أبرياء.
وعلى الرغم من القمع الشديد الذي يمارسه الانقلابيون ومليشياتهم المسلحة الآن بالطرقات، فإنهم لن يستطيعوا الردة على هذه الثورة المجيدة، وإن كانت أساليب النظام البائد وزبانيته تحقق لهم البقاء فى الحكم ما كان سيكون هناك مجلس سيادة أصلا، لأن السقوط ما كان سيكتمل أساسا للمخلوع نفسه، ولا أدري كما لا يدري الجميع السبب الذي يجعل الانقلابيون يجربون نفس الطريقة ويتوقعون نتيجة مغايرة، ومهما فعلت أجهزة الدولة التي يقف على رأسها داعمي الدكتاتوريات والانقلابات العسكرية، يظل الشعب السوداني متمسكا بأهداف ثورته وسيحققها فى نهاية الأمر ولن يفلت من العقاب أحد، سواء من قاموا بالإنقلاب بشكل مباشر أو من دعموهم بمثل هذه الطريقة، فقط هى مسالة زمن ويتحقق النصر بشكل متكامل وماهو ببعيد بإذن الله.
الجريدة