مقالات وآراء

الى البرهان وهجينِ حِلفِهِ الأوكَعْ: كُفُّوا عن مَضغْ “عِلكَة” الإنتخابات ..

 خالد الطاهر

* وعاد البرهان في حديثِهِ للبرنامج التلفزيوني (حوار البناء الوطني) يومَ أمس الى غَيِّهِ القديم مُلوِّحاً بفكرة اللجوء الى الانتخابات بعد عام ونيف، كما لو كان – هو ورهط أنصارِ إنقلابه اللئيم – عمىٌ “مسكو العكاز”، يهددون ويزايدون ليلَ نهار بالذهاب الى صناديق الإقتراع  بإعتبارها حلاً شافياً لمعضلات مأزقنا السياسي مترامي الأطراف – ضربةُ لازب !! ..

* لا يجادلُ عاقلٌ في مُسلَّمة إن السودان المستقل قد تأذَّى كثيراً مما عُرِفَ بالدورةِ الخبيثة التي تتضافرُ في إِنتاجها بَائِقَتان توطِّدُ إِحداهُما الأخرى: فلدى جنرالات الجيش شغفٌ دائم بالسلطة فيما تكابد تجارب الحكم المدني هشاشةً تغري العسكر لتقويضها ونقضِ غزلها .. تعوَدنا مرات ومرات أَن يسقط الحكم المدني الواهن تحت سنابك إنقلابٍ عسكريٍّ، يرزح السودان تحت كُلْكُلِهِ سنيناً حتى تطيح به  ثورةٌ شعبية بثمنٍ باهظٍ من الشهداء والمُكابدة، لتعود الديمقراطيةُ كسيحةً تنتظرُ  إنقلاباً آخراً ..

* لا فكاك من هذه السلسلة الجهنمية التي لازمتنا منذ الاستقلال إلَّا بأن نُرجِعَ البصرَ كرَّتين فيما نحن فيه .. فما ضَعضَعَ بناءَ التحوُّل المدني في أعقاب ثورة أكتوبر ٦٤ حزمةُ موبقاتٍ من  لُؤم اليمين الذي إفترَعَهُ بتحشيد الأنصار لإسقاط حكومة جبهة الهيئات (فيما عرف في أدب السياسة بعنف البادية) ثم بالتكالب والمكايدات السياسية الرخيصة التي إنتهت بضيق القوى المحافظة بالديموقراطية نفسها وإستهتارها بالدستور، فيما تُلقِي الحرب الأهلية المستعرةُ في الجنوب بظلالها الكئيبة على كاملِ المشهد العبثِي ..

* أمَّا ثورة ابريل ٨٥ فلم يَكُ حظُّها أقلّ تعاسةً من سابِقتها .. فقد تمخضت أيضاً عن برلمانٍ هزيل في بلدٍ تحتوِشُ أطرافه حربٌ أهليَّةٌ ضروس، تفوَّق رئيس وزراء حكومته في المُماحكة، وما إنفك يراوحُ مكانه  متردداً في حسم أمر السلام وتنفيذ شعارات الإنتفاضة، حتى صبيحة إنقلاب الإسلامويين المشؤوم !! ..

* ما من متأملٍ للساحة  بعد ثورة ديسمبر ١٨ المجيدة إلا وأيقن إن الملعب مفعمٌ بالشوك والحفر وشظايا الزجاج والحديد الصدِيء .. “دافوري” في ميدانٍ كهذا قطعاً لن تسلم فيه الكرة ولا أجسام اللاعبين!!..

* هنالك الكثير من أُمَّهات القضايا التي يجب على حكومة الإنتقال المدنية  تسويتها قبل التفكير في الإنتخابات .. تنتظرنا مهمة تفكيك نظام الانقاذ التي لم تكتمل .. تنتظرنا مهام إصلاح المنظومة العدلية، مراجعة وتقويم إتفاقية جوبا واستكمال السلام، العدالة والعدالة الإنتقالية، قيام المفوضيات القومية المستقلة، إصلاح المنظومة الأمنية وحل الميليشيات المسلحة بالدمج والتسريح، إصلاح الخدمة المدنية، إصلاح الحكم المحلي، المؤتمر الدستوري وصناعة الدستور، إيقاف نهب الموارد من قِبَل دول الجوار، الإصلاح الإقتصادي، التعداد السكاني، قانون الإنتخابات والتمثيل النسبي (بإعتماد كل السودان كدائرة انتخابية واحدة)، إعادة هيكلة النظام المصرفي، تقويم السياسة الخارجية، ايلولة شركات الجيش، ولاية وزارة المالية على المال العام … إلخ.

* كل هذه الهموم تشكِّل محتوى تدابير الفترة الانتقالية التي يستحيل لكل ذي عقلٍ القفز فوقها والمناداة بالانتخابات التي حتماً سيتمخضُ عنها نظامٌ ديموقراطيٌّ كسيح ما  لم نشرع في تنظيف الملعب بحسم ما أوردنا من قضايا ..

* فصناديق الاقتراع ليست غاية في ذاتها كما يظن قطيعُ الرعاعِ، ومن الأجدى ان يتأمل النادي السياسي في مأزق البلاد وأن يتصدى لتحديات اليوم التالي بعد إسقاط الإنقلابيين .. في إعتقادي إنَّ من الأفضل أن نمنح الفترة الإنتقالية الجديدة أربعُ سنواتٍ أو يزيد حتى تُنجزَ كافة مهامها الجسيمة  قبل إجراء الإنتخابات  ..

* من أجل ديموقراطيةٍ مستدامةٍ مُعافاة، خيرٌ لنا هذا الانتقال الطويل من ان “ننعم” في آخرِ المطاف بنظامٍ مدنيٍّ كسيح نتحَسَّرُ على مصرعه ببيان “رقم واحد” من ضابط  مغرور بعد حين ..

خالد الطاهر
[email protected]

تعليق واحد

  1. طالما ذكرت المؤتمر الدستوري وصناعة الدستور، إيقاف نهب الموارد من قِبَل دول الجوار، الإصلاح الإقتصادي، التعداد السكاني، قانون الإنتخابات ما كان تقفز فوق المؤتمر الدستوري وقانون الانتخابات وتقرر من عندياتك نظام التمثيل النسبي (بإعتماد كل السودان كدائرة انتخابية واحدة)، لماذا لا تكون ديمقراطية مباشرة بدون أحزاب ، دوائر انتخابية لانتخاب نائب واحد لكل دائرة جغرافية كانت أم مهنية أو فئوية شريطة أن يترشح فرداً مستقلاً لا يمثل غير أهل دائرته! وآخرون يوافقوننا فكرة تغيير التمثيل الحزبي ولديهم خيارات أخرى. ونتفق معهم على أننا لا نريد الأحزاب ولو تم تمثيلها جميعاً في البرلمان بالتمثيل النسبي! نحن لا نريد أن يكون البرلمان ساحة للمكايدات والتكتلات و التنازعات فيفشل وتذهب ريحه بمزيكا العسكر الانقلابيين كالعادة مرة أخرى! لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين وقد ظللنا نلدغ منذ الاستقلال مرة كل ثلاثة أو أربعةأعوام! كفاية بأه فالمؤمن كيس فطن.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..