مقالات وآراء

مشفي للعيون ام مركزاً للفنون

مشفي للعيون في معرض للفنون أو معرضاً للفنون في مشفي للعيون !  

إسماعيل آدم محمد زين
 

مركز السودان للعيون

يجد الداخل إلي ذلك الصرح الكبير بشارع محمد نجيب ، قريباً من جهاز المغتربين وهو يتجول في ردهاته وصالاته الكبيرة ، لوحات ورسومات جميلة ، لاتشك بأنها من إبداع أيدي ماهرة وعقول جميلة ، وقد يخالجك الشك ! أفي دار لعلاج العيون ؟ أم دار للفنون ؟ وسرعان ماتجد الرابط بينهما ! لعل الطبيب الفنان أراد تذكير زواره بنعمة البصر وهي تتمعن جماليات اللوحات التي أبدعتها عقول جميلة ! طبيبنا أحدهم وقد عرفت بأنه ماهر في كلا الحرفتين – الطب هواية والفنون هواية ، سعيد من يعمل في هوايته ! .

لكنك تعود وتري الجالسن في إنتظار الدخول لأطباء العيون و هم يتعجبون لذلك الذي يشخص ببصره إلي الجدران ويبدو عليه الاستمتاع والنشوة بجمال الفنون. أخرجت الموبايل وجلت الطوابق كلها ناقلاً لتلك اللوحات – بعضها مرفق . وصاحب المشفي د. كمال هاشم أحد مبدعيها . فنان ضل طريقه إلي طب الابصار والنظر أو طبيب هرب إلي دنيا الفنون والتشكيل . لعله أراد تذكير الناس ممن ينشد إصلاح بصره ، بضرورة الاستمتاع ببهجة الطبيعة والخيال، الألوان والأضواء ! ويا لها من متعة ! لن تحس بها في موقع آخر .

أخبرني أحد شباب الاستقبال في كافتيريا المشفي ، بأن المبني لدكتور كمال هاشم والتصاميم من عمل والده المعماري المعروف د.هاشم ، فقد تلقينا شيئاً من معارف العمارة أثناء تدريسه لنا في شهادة الماجستير . عليه الرحمة ، فقد كان محباً للعمارة ولديه برنامج إذاعي يقدم من خلاله عالم العمارة والبناء .

أضاف الشاب “لوحات د. كمال تعكس الثقافة النوبية” وقد أشار إلي عالم الآثار شارل بونيه و تأكيده علي أن الحضارة النوبية هي أصل الحضارة الفرعونية !” و من يعاشر السعيد يسعد ! وفي مكتب آخر ، إكتشفت علي جداره لوحة أُخري جميلة -شابة جالسة علي بنبر وحولها دجاج يلقط الحب ، لعلها تصنع قهوة ! الضؤ يأتي من قبل الباب وقد تدخل الشاب معلقاً علي اللوحة وجمالياتها بحديث فنان وناقد – ولا تملك إلا أن تعجب ، فقد سرت عدوي الفنون إلي العاملين ! .

ولنعد إلي المشفي أو مركز السودان للعيون ، فقد سألت رجل الاستقبال عن المشافي المماثلة ، لعلة معرفة الأفضل ولترقية الآداء و تحديد الأسعار ، هكذا تنتقل المعارف ويتنافس المتنافسون، لخدمة الناس . ذكر منها” الزرقاء ، الشامي ، مكة ، نور العيون …”

يعمل الشباب كخلية نحل وكل يؤدي دوره مع زحمة العمل وكثرة المستشفين .

المشفي كما ذكرت من تصميم أستاذ العمارة بجامعة الخرطوم ، عليه الرحمة – المبني يخدم وظيفته جيداً في طبابة العيون وقد جاء تصميمه موفياً لهذا الغرض . توجد صالة خارجية كبيرة ينتظم فيها المرضي ومرافقيهم وعند أوان الدخول ينادون علي المضي بارقامهم التي قدموها لهم عند دخولهم ومن بعد يقدمون كمامة لكل داخل ويتم تعقيم الأيدي . ولكن ثمة مشكلة وهي أن المدخل والمخرج واحد مع وجود أبواب أخري! كان في وسعهم إستخدامها في زمان الكورونا هذا و لكن درج الناس علي إغلاق كثير من الأبواب في غالب المؤسسات – الحكومية و الخاصة . و بذلك يضيقون واسعاً.

عليك إجراء فحص أول للعيون و فحص ثانٍ للدم للفيروسات – ليتم منحك صورة منه ولكنها توضعفي ملف ورقي ! لا أدري وجود شبكة للمعلومات أو تحوطاً للمشاكل . وكان في وسعهم إعطاء كل مريض نتيجة فحصه ، فهي قد تسا عد في حالات أخري.

عند الذهاب للعملية حاولت إستخدام السلم، تفادياً للمصعد الكهربائي ، وقد وجدت الباب موصداً ! وكان لزاماً أن أصعد مع زمرة من الناس ! .

في داخل العملية تجد الطبيب يقف بعيداً ولا يتواصل مع المريض ، ربما خوفاً في زمان الوباء! علي الرغم من وجود نتيجة الفحص ! في العالم الأول يتبس الطبيب مع المريض ويشرح له ما يقوم به من مهام ، مثل نوع العملية وطريقة عمل الجهاز ، إننا نحلم ! ودعونا نحلم .

من الملاحظات السالبة صعوبة فهم الروشته ، بالرغم من كتابتها بلغة العرب ! سألت الطبيب ، فأخبرني بأنهم سيقدمون كل المعلومات ! ومع ذلك إضطررت للرجوع إلي الهاتف الموجود علي الروشتة – وقد فوجئت بأنه لا يرسلك إلي طبيب ، بل إلي الصيدلية والبصريات و…و عند السؤال عن حاجتي للطبيب فوجئت بأنهم لا يملكون رقمه ! في إحدي المرات ، إتصلت بالصيدلية وطلب مني أن أعاود الاتصال بعد إغلاق الهاتف ! هذه مشكلة في التواصل تحتاج لعلاج .

من الملاحظات الجيدة فقد إستغل المعماري المساحة بشكل ممتاز ، حيث خصص موقفاً للسيارات وكافتيريا مع المسجد وإستقبال كبير.

لوكنت مسؤولاً لمنحت هذا المشفي جائزة للتميز بالرغم مما ذكرت من هنات. لذلك قد يكون مناسباً تقديم توصية لوزارة الصحة وضع معايير التميز وإختيار أحد المشافي في كل عام لتقديم جائزة وإشادة ، تعزيزاً للخدمات الصحية وضبطاً لجودتها.

من الملاحظات الأخري عدم قبول بطاقة الضمان الصحي لشوامخ وما أسهل الحل لهذه المشكلة لو رغب العاملون علي التأمين الصحي لمساعدة المؤمنين لديهم . وذلك بخلق شراكة مع ألبنوك أو شركات الاتصالات أو الكهرباء والتي تتوفر لديها سيولة نقدية لاستثمارها فيما يشبه إعادة التأمين – بأن تدفع هذه الجهات تكاليف الخدمات التي تقدمها لحاملي بطاقة شوامخ كل شهر أو كل إسبوعين خلال فترة وجيزة – لا تزيد علي يومين ، مثلاً .

كانت في زمان مضي وحدة للمباني المدرسية متخصصة في ذلك الشأن ، ما أحوجنا اليوم لوحدة متخصصة في مباني الخدمات الأخري ، مثل المستشفيات ، لتخدم أغراضها بشكل جيد. وعدم تصديق أي مبني لا يحمل تأشيرة تلك الجهة الرسمية ، علي أن تتم الاجراءات بشكل يضمن العدالة.

وهكذا وجدت مشفي للعيون في معرض للفنون أو معرضاً للفنون في مشفي للعيون!  .

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..