الجستابو جهاز الأمن الشعبي

أكرم إبراهيم البكري
ولعل الكثيرين الان يتحدثون عن وحشية مليشيات النظام الحاكم في السودان وتلك الممارسات المنافية للإنسانية اثناء الاحتجاجات الأخيرة التي هزت عرش الديكتاتور السوداني لأول مرة بصورة مباشرة منذ 30 سنة.
أن طريقة القمع الرهيبة التي ابتدعها النظام تعتمد بصورة كبيرة على جهاز الامن الشعبي بعضويته التي هي نفسها عضوية الحزب الحاكم.
والتاريخ يحدثنا بان الأنظمة العرقية القائمة علي العنصرية والبغض واقصاء الاخرين لها نفس التركيبة الشمولية باختلاف النوعية ، فالذاكرة الإنسانية مشحونة بالمأسئ التي تؤرخ لأقوى الأجهزة القمعية علي مر التاريخ البشري جهاز الاستخبارات الألماني النازي (الجستابو ) فقط وباختلافات نوعية فان وجه المقارنة شاخص ما بين مليشيات النظام ممثلة في جهاز الامن الشعبي وجهاز المخابرات الألماني في منتصف القرن العشرين.
الجستابو او البوليس السري الألماني من اكثر الأجهزة الأمنية وحشية،ويكون تمحور الجهاز علي حسب ما تراه القيادة وهو حماية الدولة من كل ما يحاك ضدها من اعمال تخريبية او خيانة الامر الذي ادي الي تغيير القانون الألماني بحيث يجعل افراد الجهاز يتحركون بحرية وبعيداً عن المساءلة القانونية.
وقد كانت هناك مقولة مشهورة لأحد القضاء الالمان في تلك الحقبة تقول ( طالما تتحرك الجستابو بمشيئة الحزب فأن حركات الجستابو وأفعاله قانونية.
كانت بداية الجستابو في العام 1934/1933 واسند هتلر قيادة الجهاز الي هيلمر والذي اصبح رئيساً لجميع قوات الشرطة الألمانية في يونيو 1937 وهذا الامر في حد ذاته ادي الي تقوية مركزية الدولة الي حد كبير ومنح الجهاز صلاحيات قوية.
وما نشاهده اليوم في الخرطوم باختلاف الطبيعة النمطية للجهازين فان الجستابو جهاز قوي يعمل ضد كل من له اختلاف مع الحزب النازي الا ان عملياته كانت خارج المانيا بصورة اقوي اما جهاز الامن الشعبي التابع للمؤتمر الوطني فان اغلب عملياته وان لم تكن كلها دائما ما تكون علي شعبة الأعزل مع تبني نفس الخطي في الطبيعة الوحشية والشرسة في قمع المناهضين.
نكتب هذا وفي البال ما صرح به راس البلاد في العام 2013 بعد هبة سبتمبر التي قتل فيها الامن الشعبي جستابو المؤتمر الوطني ما يفوق 200 سوداني في اقل من أسبوع قال يومها المشير البشير موجها سخطه علي شعبة المناهض لسياسته في إدارة البلاد.
(الناس الخرجوا الي الشوارع ويتظاهروا نحنا ممكن نجيب ليكم مجاهدين حقيقيين) ولكى يكون التماهي اكثر دموية اقدم راس النظام الحالي في السودان علي خطوة تصعيدية في جعل كل مراكز القمع تدار بصورة مركزية للمتابعة و التدقيقية فكان ان اصدر قرار بضم جميع القوات الموقعة على اتفاقية الدوحة بكل فصائلها الي قوات الدعم السريع التي منها فصيل اصيل تابع للأمن الشعبي بدلاً من ضم تلك القوات الي المؤسسة العسكرية لشكوك منطقية من النظام في ولاء الجيش للمنظومة الحاكمة.
كما تم أيضا استدعاء لأغلب الكوادر التي لها مصلحة في بقاء النظام لارتباطات ليس من ضمنها أي بعد ديني كما كان سابقاً .
اذن فان آلية القمع التي تحاول اجهاض الثور الان مركزية تحت امرة شخص محدد هو البشير نفسة بقيادة عماد الدين حسين وتخطيط كادر امني له علاقته الخارجية القوية يدعي الفاتح عروة.
وبنفس عقلية الجستابو التي قامت بعمليات عديدة شملت الأحزاب السياسية المناهضة للفكر النازي وضربت كل الحركات المعارضة باستخدام كل الأساليب من قتل بصورة بشعة واعتقال وتعذيب و ابادة جماعية للأقليات العرقية بنفس تلك الخطي سار نظام البشير .
فالملاحظة التي وقفنا عندها كثيرا عند قرأه تاريخ المانية النازية وجهاز الاستخبارات (الجستابو ) بانه كان يعتمد بصورة كبيرة على كوادره الذين يعملون موظفين مدنيين عاديين او في اعمال حرة مستمتعين بالصلاحيات من الحزب الحاكم ، وهذا بعينة ما نراه الان في مليشيات الامن الشعبي للنظام والذين يتم استدعاؤهم في كل امر ضد السياسة التي ينتهجها حزب المؤتمر الوطني.
اشتهر الجستابو بانة يتمتع بقدرة فائقة علي جمع المعلومات وتحليلها فقد كان يجمع معلوماته عن المناهضين بواسطة العملاء وشراء الذمم والتخويف للمعارضين للفكر النازي انظر بالله عليك وانت تتمعن الحديث أعلاه مقارنا ما يفعله النظام الان في معارضيه حتى اصبح الجستابو اسطورة مخيفة تلاحق المعارضين وتثير الرعب في نفوس المناهضين وفى سبيل تحقيق اهداف الحزب النازي كان كوادر الجستابو لا يتورعون في القتل والتعذيب للمخالفين الراي بدون أي اذن قضائي او محاكمة بل يقوم أعضائه بتنسيق عمليات القتل الجماعي وهذا الامر كان واقعاً من قبل جهاز الامن الشعبي في احداث سبتمبر وما يحدث الان في الاحتجاجات الاخيرة.
انظر رعاك الله أيها القاري اليس الامن الشعبي الذي اخترعه النظام يشابه في مقوماته ما كانت تقوم به المانيا النازية اليس هنالك تشابه كبير في شكل العمل والاهداف.
ذكر فتحي الضوء في كتابة بيت العنكبوت تفاصيل كثيره عن الامن الشعبي مشرحا تكوينه ما قبل المفاصلة الشهيرة ومحدداً قياداته وطرق تمويله بحوالي 6 مليار جنية سوداني ويعتبر مبلغاً كبير لدوله تعاني في كل مرافقها مبلغ مثل هذا لجسم خلق مخصوص لحماية قيادات النظام.
ومع كل هذا الزخم الأسطوري الذي تم زرعة عن جهاز المخابرات النازي الا ان نهايته كانت مروعة ففي العام 8 مايو 1945 تم حل الجهاز وقتل جل قياداته وفي مقدمتهم هيرمان.
وهذا بالضبط ما يسير اليه النظام الحاكم بجاهز الامن الشعبي فكل الدلائل تشير الي ان الغبن المسيطر على السوانيين سوف يصب جحيم على النظام وعضويتة ولان مبداء الانتحار ليس من ضمن قيادة النظام الحالي ليس لابعاد دينية ولكن لخوف وجبن من هم على سدة الحكم من فكرة الموت فهم من قال فيهم الله تعالي: (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ۚ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ)
[email protected]
يناير 2019