مقالات متنوعة

مظاهرات حلفا الجديدة وكسلا.. عندما يزول الإحساس بالعار

معمر حسن محمد نور

ثورة 19 ديسمبر ، متفردة في كل شئ. وليس هنا مجال تعداد فرادتها .ولكن ، من كان يتصور أن المدن التي لم تسجل حضوراً في دفتر الثورة ، يشعر غير المنتسبين للنظام فيها  بالعار !!؟لاحظ ذلك الكثير من النشطاء.وقد عايشت هذا الإحساس وشاركته مع كثيرين غيري ، كون أن مدينتي حلفا الجديدة ، وشقيقتها في قلبي كسلا ، لم تخرج منهما مظاهرات طوال هذه المدة.وكنت أعتقد أن تلازم حصاد المحاصيل الصيفية وتأسيس محصول القمح ، شغل شبابها الذي انكب على الزراعة في السنوات الأخيرة عما عداها. علاوة على أن حلفا الجديدة ، مخططة منذ الستينيات في مدنها وقراها . ما يسهل على الشرطة مطاردة المتظاهرين في أي شارع رئيسي أو جانبي بالسيارات كما عايشنا في 1973 عندما اندلعت مظاهرات شعبان . وكنت أقول .. لكن مالها كسلا ؟ فجاءني الرد سريعاً من المدينتين. شبابنا فوق تصور جيلكم. ما يجعلنا نلوح بالعمائم  ونرفع القبعات تقديرا لهذا الجيل الصاعد . فمظاهرة حلفا ، تمت في أكثر الشوارع سهولة لمطاردة المتظاهرين . وكانت خارج تصورنا من نوعية من شاركوا فيها وقادوها من الأطباء والصيادلة والبياطرة والمعلمين وغيرهم من الذين تم اعتقالهم. كل ذلك انعكس إحساساً عميقاً بالرضا . حتى أن زوجة صديق لي سألته عن سر سعادته اليوم. شكراً لكم شبابنا في المدينتين وكل مدن السودان. فقد أزلتم عنا ثقل الإحساس بالعار.وأي مشاهد للفيديو الذي نفد من مطاردة السلطات لحملة الجوالات للتصوير ، يعكس إلى جانب الإصرار. إحساساً بالسعادة والرضا بين المتظاهرين.

من جانب آخر ، لاحظت أن هنالك صراعاً بين سايكولوجيتين  أو روحين. روح الانعتاق الوثابة. وسايكولوجيا الرضوخ للأمر الواقع.فقد خلق تطاول سنوات النظام وإعلامه الموجه  لدى الكثيرين إحساساً بأن النظام القمئ هذا ، هو الصورة النهائية لصورة الحكم في السودان. وأن كان من تغيير ، فليكن بتعديلات داخله. لذلك كان التعحب مما يريده الثوار. والرغبة المعبرة عن الكسل الذهني في بقاء الأوضاع كما هي . وأن المتظاهرين ينبغي أن يجلدوا !!(هكذا) من أناس ربما لا يكونون أعضاء في الحزب الحاكم . وتجار . أما الأعجب ، ففي وسط بعض الموظفين. أما روح الإنعتاق التي جسدها الثوار في هذا اليوم ، فقد حشرت الفئة الأخرى في الزاوية. فبعضهم في موقف لا يحسدون عليه من وجود أطباء مثل دكتور شريف ، ضمن المعتقلين.ومنهم من هم زملاؤه ، بل في مجلس إدارة المستشفيات التي يعمل فيها.بين واجب السعي والمطالبة بإطلاق سراحه ، والعجز الذي تسببه سليكولوجية الرضوخ ، والتبرير لموقفهم بأنه اعتقل من الشارع !!ولو اعتقل من المستشفى لسعينا في ذلك!!!؟.وكأن المعارضة من داخل المستشفى لا تمثل معارضة. لكنها سايكولوجية الإنسان المقهور . تعجز عن تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر.لكن النصر في النهاية ، لروح الانعتاق الوثابة..شكرا جميلا كل من فك ريق المدينتين بالهتاف . والنصر للثوار ، والحرية للمعتقلين  . وتسقط بس.

[email protected]

‫2 تعليقات

  1. التحية لك استاذ معمر. يشهد الله اني كنت افكر في نفس النقطة وهي كيف سيكون حال اهل كسلا من الآن فصاعدا في نظر اهل السودان بعد ان تقاعسوا عن تسجيل حضورهم في دفتر الثورة؟ واتفق معك في ان العار كان سيجلل كل اهل كسلا لكن المفاجأة ليست في خروج شباب كسلا وتظاهرهم بل فاتوا الاخرين عندما تجمعوا امام بوابة الجيش وبدأوا في الهتاف بقوة تسقط تسقط تسقط بس غير آبهين بما يحدث لهم وكأنهم يقولون اننا على اتم الإستعداد ان اردتم اطلاق الرصاص علينا وسنتلقاه بصدورنا العارية. وما كان يمكن ابدا لشباب حلفا الجديدة ان يفوتهم عرس الوطن. سعادتي بكسلا الوريفة لا تحدها حدودها خاصة بعدما صرح واليها بأن مظاهرة واحدة لن تخرج من كسلا بل وحشدوا اللاجئين والبسطاء في موكب زور لكي يقولوا ان كسلا مع الطاغوت.
    التحية لك مجددا وانها لثورة حتى النصر , وتسقط بس.

  2. الإحساس بالإنهزامية والكسل المعنوي أمران طبيعيان بغياب الأدرينالين الذي يثير الحمية، وليس في ذلك عيب أو عار فلا شك أن النفس الأبية لا ترضى القهر، ولكن رد الفعل يكون رهين الأدرينالين. لكن ليس هناك حاجة للأدرينالين ولا لرد الفعل، فهذه ثورة سلمية سلاحها العزم والثبات والتحفز حتى يحين الإضراب السياسي العام … فقط على الفرد متابعة الحاصل والوعي التام… سدد الله خطاكم وكسلا وحلفا الجديدة ما هما بمتخاذلين وما عرف فيهم الخور ولا الانهزام.
    فقط كونوا على العهد وسبخوا: تسقط بس

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..