أخبار السودان

احتجاجا على “سوء المعاملة”.. إضراب عشرات المعتقلين عن الطعام في السودان

منذ الاثنين الماضي بدأ ما لا يقل عن 100 معتقل بأحد السجون الرئيسة في العاصمة السودانية إضرابا عن الطعام احتجاجا على سوء المعاملة ومنع ذويهم من زيارتهم، فضلا عن عدم التحقيق معهم لمعرفة ما يواجهونه من اتهامات.

في حين يواجه سياسيون تهما تتعلق بخيانة الأمانة، لكن قانونيين يسعون لتفنيد هذه التهم والتأكيد أن الاعتقال سياسي ولا يستند إلى وقائع قانونية.

وتقدمت هيئة الدفاع عن “المتأثرين بالاحتجاز غير المشروع وشهداء القتل الجزافي”، الثلاثاء الماضي، بمذكرة إلى النائب العام تطالبه بالإفراج عن السجناء المضربين عن الطعام والمحتجزين بوجه غير مشروع؛ إلحاقا لمذكرة سابقة كانت أودعت في 31 يناير/كانون الثاني الماضي تدعو إلى النظر في حال 46 محتجزا وقتئذ، موقوفين في سجون عدة بالخرطوم من دون اتهامات بعد اعتقالهم من الأحياء وأثناء المواكب التي تنظمها لجان المقاومة للمطالبة بالحكم المدني.

اعتقال من دون اتهامات

وتقول عضوة هيئة الدفاع نفيسة النور حجر -للجزيرة نت- إن عدد المعتقلين حاليا بلغ نحو 110 بينهم طلاب جامعات في الفصول النهائية مهددون بفقدان العام الدراسي بانعقاد الامتحانات في غيابهم، كما أن بين الموقوفين عددا من الأطفال.

وتؤكد أن أكثر من 100 محتجز بسجن “سوبا” (شرقي الخرطوم) دخلوا في إضراب عن الطعام منذ يوم الاثنين، وأنهم متحفظ عليهم منذ أسابيع من دون بلاغات وبلا اتهامات أو تحرٍّ ومحرومون من كل الحقوق المشروعة.

وحسب المحامية، فإن هيئة الدفاع عن المعتقلين تحمّل السلطات الرسمية كامل المسؤولية إزاء ما يترتب على الوضع الصحي للمحتجزين جراء إضرابهم عن الطعام بخاصة أن بينهم من يعاني أمراضا مزمنة.

ودعت المذكرة المرفوعة للنائب العام، التي حصلت الجزيرة نت على نسخة منها، للتدخل بزيارة المحتجزين في سجن سوبا ودار التائبات للوقوف على أحوالهم والإفراج الفوري عنهم، وذلك بعد أن اتهم المحامون الموقعون عليها النائب العام بالتخلي عن مسؤولياته وسلطاته المنصوص عليها في القانون، مما أدى إلى تمادي جهاز الأمن والأجهزة التنفيذية الأخرى في ممارسة الاعتقال غير المشروع والقبض الجزافي، حسب نص المذكرة.

قلق طبي على أوضاع المضربين

وأفاد بيان المكتب الموحد لأطباء السودان أمس الأربعاء أن المعتقلين بسجن سوبا ما زالوا مضربين عن الطعام “احتجاجا على سوء المعاملة ومنع الزيارة عنهم”، كما تمنع السلطات وصول الأدوية إلى المعتقلين الذين يعاني بعضهم من أمراض مزمنة، مما ينذر باحتمال حدوث مضاعفات خطيرة قد تفقدهم حياتهم.

وأشار البيان إلى عدم توفر العناية الطبية الكافية للمعتقلين، وعدم تحويل المرضى منهم إلى المستشفى عند حدوث طارئ صحي.

وحمّل الأطباء السلطات المسؤولية تجاه أي ضرر يمس السجناء نتيجة الإهمال الطبي أو نتيجة مضاعفات الإضراب عن الطعام، الذي لجؤوا إليه كأحد وسائل الاحتجاج والمقاومة السلمية ضد ما أسماه البيان “القمع والاعتقال التعسفي”.

اعتقال سياسي

ومن بين المعتقلين المضربين عن الطعام أعضاء لجنة إزالة التمكين التي كانت معنية بتفكيك الواجهات السياسية والاقتصادية لنظام الرئيس المعزول عمر البشير قبل أن يقرر رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان تجميد عملها، ومن ثم فُتحت بلاغات في مواجهة نحو 5 من قادتها تحت المادة 177 المتعلقة بخيانة الأمانة.

وتجزم عضوة هيئة الدفاع عن الموقوفين في هذا البلاغ، إقبال علي، في حديثها للجزيرة نت، بأن اعتقال قادة لجنة إزالة التمكين “سياسي في المقام الأول” وإن تدثر بالمادة 177، وتستشهد على ذلك بأن الإيقاف على ذمة البلاغ ذاته ينبغي أن يكون في حراسة الشرطة ويسمح بمقابلتهم على نحو اعتيادي.

وتكشف إقبال عن احتجاز عدد آخر بموجب المادة نفسها التي أوقف على إثرها 5 من قادة لجنة التمكين كانوا في مناصب تنفيذية، مضيفة بالقول “المواطنون المقبوض عليهم في هذا البلاغ موجودون بقسم شرطة الخرطوم شمال، في حين رُحّل قادة اللجنة التنفيذيون إلى سجن سوبا مع حرمانهم من أبسط الحقوق القانونية وهو ما يؤكد أنهم معتقلون سياسيا”.

وطبقا للقانون، فإن الاتهامات التي تصل فيها العقوبة إلى أكثر من 10 سنوات لا يجوز فيها الإفراج بالضمان العادي، لكن قانونيين يقولون إن العرف في السودان درج على فتح الباب أمام الإفراج بالضمان إذا كانت التهمة خيانة الأمانة باعتبار أن إثباتها قد يتطلب وقتا طويلا.

لا ضمان من دون إيداع المبلغ

وكان مستشار رئيس مجلس السيادة العميد الطاهر أبو هاجة قال، في تصريح في العاشر من فبراير/شباط الجاري، إن توقيف قيادات لجنة التفكيك المجمدة كان بموجب أوامر قبض تستلزم دفع المبالغ محل البلاغ للإفراج عنهم بالضمان، ورفض أبو هاجة محاولات إظهار التوقيف بأنه “اعتقال سياسي”، في حين أن الخطوة تمت بموجب بلاغ. وقال “هنالك فرق كبير في الكلمتين، لأن أمر الاعتقال يصدر من الأجهزة الأمنية، أما أمر القبض فيصدر من الأجهزة العدلية سواء أكانت النيابة أم القضاء”.

وألقي القبض بموجب بلاغ خيانة الأمانة على كل من وزير رئاسة شؤون الوزراء السابق خالد عمر يوسف، ومقرر لجنة تفكيك التمكين بحكم منصبه، كما أوقف على إثره المتحدث باسم اللجنة ومقررها وجدي صالح، وأمينها العام الطيب عثمان، وألقي القبض قبل يومين على عضو مجلس السيادة السابق نائب رئيس اللجنة محمد الفكي سليمان.

طلب لشطب البلاغ

ويؤكد عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين في هذا البلاغ كمال الدين المصباح، للجزيرة نت، أنهم لم يتمكنوا حتى أول أمس الثلاثاء من مقابلة موكليهم لتذرع السلطات بعدم اكتمال التحري، وقال إنهم أعدّوا طلبا بشطب البلاغ بالاستناد إلى أن المعتقلين يتبعون لجهات سيادية وليسوا موظفين عموميين، ومن ثم يجب استثناؤهم من التعامل بموجب قانون الخدمة المدنية. ويوضح أن الوزير خالد عمر -على سبيل المثال- يخضع لمراقبة مجلس الوزراء وعند تدخل أي جهة أخرى بإجراء فيعدّ مخالفا للقانون ويصبح غير معني بهذا البلاغ.

وفي 14 فبراير/شباط الجاري جددت النيابة حبس كل من وجدي وخالد عمر 15 يوما على ذمة التحقيق، وتحولت قضيتهما لاحقا إلى جنائية لمخالفة القوانين الخاصة المتعلقة بالتعامل بالنقد الأجنبي، ومخالفة الإجراءات المالية والمحاسبية، ومخالفة قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه وغير ذلك.

وأفاد وكيل النيابة الأعلى ماهر سعيد بأن النيابة العامة تتولى التحقيق في البلاغات المذكورة مع تمتع المشتبه بهم بجميع الحقوق المنصوص عليها في القانون.

المصدر : الجزيرة
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..