أخبار السودان

انخفاض التضخم.. تقديرات الخطأ والصواب

الخرطوم: علي وقيع الله

على مدار شهره الرابع، ظل معدل التضخم يشهد تراجعاً نسبياً في البلاد، وبحسب ما ذكره جهاز الإحصاء المركزي، أمس الأول أن الانخفاض وقفت تقديراته عند 58.42 نقطة، وما يعني ذلك مسجلاً 259.79% لشهر يناير المنصرم مقارنة بمعدل 318.21% لشهر ديسمبر في 2021، ومن حيث النظرية الاقتصادية تعني أن التضخم يتبلور في ارتفاع جميع أسعار السلع والخدمات، بما يشير إلى أنه أصبح من أكثر المشكلات التي تواجه السياسات النقدية في وقتنا الراهن نظرياً وواقعياً بما يؤثر على معاش الناس، ولتفادي تذبذب التضخم بين الارتفاع والانخفاض يحتاج لمعالجة جذرية عبر وجود آلية اقتصادية بصورة علمية حديثة، في الوقت الذي تزداد فيه الأسعار العامة بصورة مخيفة.. هل تقديرات جهاز الإحصاء المركزي صائبة أم خاطئة..؟

المناطق الحضرية

وسجل معدل التغير السنوي (التضخم)، انخفاضاً مسجلاً 259.79% لشهر يناير، مقارنة بمعدل 318.21% لشهر ديسمبر 2021، بانخفاض قدره 58.42 نقطة، وأوضح جهاز الإحصاء المركزي، أن التضخم لمجموعة الأغذية والمشروبات انخفض، مسجلاً 154.87% لشهر يناير 2022، مقارنة بمعدل 191.60% لشهر ديسمبر 2021، كما انخفض التضخم الأساسي (بدون مجموعة الأغذية والمشروبات)، مسجلاً 364.25% لشهر يناير 2022م، مقارنة بمعدل 443.48% لشهر ديسمبر 2021م، وأكد الإحصاء انخفاض معدل التضخم للسلع المستوردة في سلة المستهلك إلى 153.88% لشهر يناير 2022م، مقارنة بمعدل 196.67% لشهر ديسمبر 2021م، ووفقاً للبيان الصحافي للجهاز المركزي للإحصاء الصادر الثلاثاء، فإن معدل التغير السنوي (التضخم) للمناطق الحضرية لشهر يناير 2022 انخفض، مسجلاً 244.05% لشهر يناير 2022، مقارنة بمعدل 301.69% لشهر ديسمبر 2022م، كما انخفض لمجموعة الأغذية والمشروبات، مسجلاً 163.67% لشهر يناير 2022م، مقارنة بمعدل 195.64% لشهر ديسمبر 2022م.

 

المناطق الريفية

وانخفض معدل التضخم للمناطق الريفية، مسجلاً 271.16% لشهر يناير 2022م، مقارنة بمعدل تغير 330.83% لشهر ديسمبر 2021م، كما انخفض لمجموعة الأغذية والمشروبات، مسجلاً 149.7% لشهر يناير 2022م، مقارنة بمعدل 189.09% لشهر ديسمبر 2021، أما بالنسبة لمعدل التغير السنوي (التضخم) حسب الولايات لشهر يناير 2022 فقد انخفض معدل التغير السنوي التضخم لأسعار السلع الاستهلاكية والخدمية في جميع الولايات بمعدلات متفاوتة خلال شهر بناير 2022، وكان أعلى انخفاض في ولاية القضارف حيث بلغ 135.06% نقطة وأدناه في ولاية شرق دارفور بلغ 13.6 نقطة، ورغم انخفاض معدل التغير السنوي في ولاية القضارف إلا إنها سجلت أعلى ارتفاع في معدل التغير السنوي (التضخم)، حيث بلغ 521.80%، بينما سجلت ولاية جنوب دارفور أدنى معدل بلغ 162.09%، أيضاً سجلت ست ولايات معدلاً أعلى من المعدل العام للتغير السنوي (التضخم) البالغ 259.79، بينما سجلت بقية الولايات معدلاً أدنى من المعدل العام.

 

سياسات نقدية

وأوضح المستشار الاقتصادي شاذلي عبدالله عمر أن التضخم يعني ارتفاع مستمر في جميع أسعار السلع والخدمات في الاقتصاد، موضحاً أنه يعني تناقص معدلات الدخول بنسبة التضخم، وقال في حديثه لـ(اليوم التالي): أصبح التضخم من أكثر المشكلات التي تواجه السياسات النقدية في وقتنا الراهن نظرياً وواقعياً بما يؤثر على معاش الناس، ويشير إلى أن كثير من بلدان العالم الثالث الموبوءة بالحروب الأهلية وعدم الاستقرار السياسي بسبب الثورات المستمرة، ويرى أن علماء الاقتصاد حاولوا البحث عن حلول لهذه المشكلة وضبط تبعاتها التي قد تؤثر على الاقتصاد ككل.

 

رفاهية عادية

ولفت شاذلي إلى أنه يجب أن نتفق بناءً على ما سبق بأن التضخم ليس مشكلة المواطن السوداني الوحيدة، وإنما هناك عدد من الأمراض الاقتصادية (البطالة، الناتج المحلي الإجمالي، ارتقاع الأسعار، الاحتياطي النقدي، الدين الخارجي) قائلاً: إنها أثرت على طموح المواطن السوداني في تحقيق وفرة في المواد الأساسية والخدمات الضرورية من لدن الصحة والتعليم وغيرها من مقدمات الرفاهية العادية، وقال إن هذا يؤكد عدداً من التخمينات: أولها أن الأزمة غير حقيقية وتسمى بالمفتعلة لأسباب سياسية براغماتية، وفي أدبيات الاقتصاد أي ظهور تدهور اقتصادي مفاجئ مصاحب بفترة ازدهار قصيرة، ومن ثم تدهور وهكذا، لذا قد لا نستبعد هذا النوع كمؤشر لانخفاض التضخم.

 

قفزات كبيرة

يقول ثانياً إن الجراحات الأخيرة التي قامت بها القيادة الاقتصادية من تعويم الجنيه، وتوحيد الجنيه الجمركي ورفع الدعم أو ترشيده، والقفزات الكبيرة في ملف إعفاء الديون الخارجية بواقع 14.1 مليار دولار، وغيرها كلها تعتبر أسباب لتحديد معدلات التضخم الجديدة بشرط تنفيذ مبادرة رئيس مجلس الوزراء المستقيل وتنفيذ مخرجات بيان الاجتماع الذي تلاها، وبين أن المغتربين يتم فيه تحويل ملايين العملات الأجنبية عبر النوافذ الرسمية دون الاعتماد بشكل كبير على الأسواق السوداء، موضحاً أن هذا يعني زيادة كبيرة في عرض العملات الأجنبية والتي بدورها أثبتت فاعليتها في قيادة وتسبيب تغيرات الأسعار في السودان، في بعض الدول مساهمة المغتربين تقدر بـ50 مليار سنوياً، مما انعكس إيجاباً على ثبات أسعار العملات الأجنبية في الفترة ما قبل إجراءات الجيش في شهر أكتوبر الماضي، مبيناً أن هذا يتطلب دراسة جادة واستراتيجية لزيادة ثقة المغترب السوداني.

 

اختراق كبير

ويضيف شاذلي أن المزاج الاستثماري الأجنبي المباشر الذي تم التسويق له دولياً عبر (مؤتمر باريس)، من خلال التحركات التي أجراها رئيس مجلس الوزراء المستقيل عبر الانفتاح على المجتمع الدولي، وقد صرح المدير التنفيذي للشركة عن التغيير السياسي في البلاد بجانب الاختراقات الكبيرة في ملف الانفتاح على المجتمع الدولي، كعوامل مهمة على بيئة الاستثمار الأجنبي المباشر في السودان، معتبراً أن هذه الخطوة لها ما بعدها لأنها تصريح وإعلان رسمي للشركة للقيام بأعمال تعدين الذهب في البلاد، لافتاً إلى أنه يقدر له أن يضخ أكثر من 5 مليارات دولار سنوياً، معتبراً أن هذا المبلغ يفوق العجز المتوقع في السنوات القادمة للميزان التجاري.

 

رفاهية منشودة

ويرى أن الخروج من هذه الأزمة ينبغي على القيادة السياسية في البلاد أن تسرع في تنفيذ الخطط إن وجدت بكل شفافية وحزم، من أجل تحقيق إصلاحات اقتصادية حقيقية مبنية على أرضية إنتاجية عالية واستغلال أمثل لطاقات الشباب العاطلين عن العمل وإشراك المواطن السوداني في تحقيق التنمية والرفاهية المنشودة لهذا الشعب المعلم العظيم.

 

طموحات مواطن

ويقول نائب رئيس حزب اتحاد قوى الأمة “أقم”، جمال أبو سيل أحمد، إن الملف الاقتصادي في السودان بهذه الطريقة لا يمكن أن يسير بالأوضاع الاقتصادية المتردية إلى بر الأمان، وبرر ذلك لأن انخفاض وارتفاع معدلات التضخم غير مستقر، وأرجع ذلك لعدم وجود آلية اقتصادية بصورة علمية حديثة، وأضاف أن بهذه الطريقة العقيمة التي يدار بها الاقتصاد لا يمكن أن تلبي طموحات المواطن في معاشه، مستشهداً بما يشاهد الآن من تردٍ في الخدمات والغلاء المبالغ فيه في السلع الاستهلاكية والدواء والمواصلات والسكن.

 

إرادة قوية

وقال أبو سيل إن الحلول تكمن في إرادة قوية وإدارة رشيدة واستغلال الموارد المتاحة بصورة علمية مواكبة وتشجيع المنتجين، إضافة إلى توفير سبل الإنتاج وإيجاد السوق والتسويق للمنتجات الزراعية والحيوانية والمعدنية، إلى جانب التنقيبية والسياحية والموانئ الأربعة الجوية والبحرية والنهرية والبرية.

 

استقرار أوضاع

وطالب بضرورة تكوين جمعيات تعاونية في الأحياء والمربعات بصورة علمية بآلية تقنية، ذلك لتسهيل وتوصيل المواد الاستهلاكية للمواطن عبر نوافذ الجمعيات التعاونية، كما طالب بضرورة الرجوع لدعم بعض المواد كالدواء والدقيق ووقود المواصلات والتعليم، مشيراً إلى أن هناك معضلة حقيقية تواجه الإنتاج والاقتصاد، موضحاً أنها تتمثل في الحروبات القبلية وعدم استقرار الأوضاع الأمنية، قاطعاً أن هذا أضعف المنتجين وجعل صغار الرعاة والمزارعين يلجأون إلى المدن تاركين الإنتاج وأصبحوا عبئاً وعالة على المدن.

 

جوانب إيجابية

ويوضح أن هناك عوامل كثيرة متداخلة ومتشابكة مباشرة وغير مباشرة أدت إلى تحجيم عملية الإنتاج، لافتاً إلى أن هناك فشل في التنسيق بين المواقيت والتحضير خاصة المشاريع المروية والمطرية، وأوضح أن نجاح أي عمل اقتصادي لا يتم إلا بدراسة كل الجوانب الإيجابية للنجاح لدعمها والجوانب السلبية التي تؤدي إلى الفشل بتفاديها، وأشار إلى أن تفادي تذبذب التضخم بين الارتفاع الانخفاض يحتاج لمعالجة جذرية.

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..