مقالات وآراء

عرضحال رجل أسمه النور عبدالرحمن (المساح)

 ايليا أرومي كوكو
أتسأل هنا كيف لا تسوء حال الخدمة المدنية وتهبط الي الجب الاسفل من الحضيض والتردي . ذلك اذ كان من يقودون دفتها  زهاء الثلاثين عام الماضية من هم علي شاكلة و فهم النور عبدالرحمن جادالله خميس. فهو الذي الحق  وافقد ادارة المساحة والعاميلن بها في ولاية  شمال كردفان كل حقوقهم المادية والادبية والمعنوية. فحاق بهم هذا الظلم والضيم والاضرار المادية والمعنوية النفسية الفادحة التي تنوء بحملها الجبال . فقد دأب هذا النور المظلم  الظالم علي هضم كل حقوق العاملين تحت ادارته بعدم الاهتمام والمطالبه بها من جهة ومن الجهة الاخري بالبخل والشح والتقطير في منحها واعطائها فهو يستكثر عليهم القليل القليل ويحرمهم أدني الحقوق والاستحقاقات . فالنور كان شحيحاً في اعطاء الحقوق اياً كانت بل كان شحيحاً مخلول اليد الي عنقه بأمتياز . لذك ظل يجسم منبطحاً علي كاهل  ادارة المساحة طيلة حكم الانقاذ مديراً مثالياً في الاقصاء والهضم وشل القدرات وتبثيط الهمم وتدميرها . فقد اقعد  المساحة عن اداء وتنفيذ عملها والقيام بالدور المناط بها علي الوجه الاكمل. كان النور مساهماً مجتهداً في تخلف هذه وفشلها وعجزها عن التطور والتمكن من الأداء الجيدة بغية تقديم الخدمة المطلوبة منها للمواطن . فالزائر لهذه الادارة سيقف بنفسه علي حالة البؤس واليأس والاهمال والخراب اليباب الذي يقف شاهداً عن نفسه  للمكان وأهله . فالبرغم من أن هذا النور قد  غادر هذه الادارة لفترة من الزمان الا ان التركة الثقيلة التي خلفها من الممارسات السلبية  والتشوهات الادارية لا تزال تلقي بظلالها علي هذه الادارة والعاملين بها ستظل قائمة لأزمان  و أمد  قادمات .

النور عبدالرحمن مثال حي للمدير الفاشل والقائد السيئ السادي الاناني الذي يفكر بالعقلية الشخصانية المحضة . فهو لا يري في مرؤسيه الا قطيع من الخدم  يتوجب عليهم العمل تحت أمرته بالطاعة العمياء لتحقيق رغباته الشخصية الذاتية . ولأنه هو المدير فهو وحده المستحق المكتب المؤسس المكندش الجميل والكرسي الدوار الكبير الوثير . ولانه محدود وضيق الافق والفهم  لمعني ومفهوم الأدارة  التي تتلخص معناها عنده ان المدير وحده هو الكل في الكل . انه الرجل الاول هو الشخص المهم  الذي يستحق التبجيل والتوقير و الاحترام حد التملق . فهو الاول الامر الناهي الذي يقبل النقد وله واحد يسخر كل معينات العمل العربة الفارهة التي لا تخدش و لا تتعطل او تتوقف لهذا السبب او ذاك. وطالما كان عربة السيد المدير جيدة فلا يهمه عطل او توقف كل عربات ادرته بل وتوقف وعطل دولاب العمل برمته . كل همه وفهمه في نفسه وعربيتي ني  خاصته وقودها متوفر وسائقها رهن الاشارة فهذا عنده هو كل المطلوب وبها تكون الامور ظابطه  ميه الميه . فهو يقدس عربته كما يقدس الهنود الابقار فأشتهر بتندر العاملين به كنية (عربيتي ني) . في الاستحقاقات  همه الاول والاخير هو ان يتربع  اسمه كل كشوفات الحوافز والاستحقاقات وان يكون حافزه واستحقاقه من نصيب الاسد . ومتي استلم حقه وقبض حافز  فليسقط كل اسماء وحقوق الاخرين مش مهم ابداً .

المدير وحده هو المستحق الترقيه دون سواه فهو المسئول الاول و سيظل كذلك وليس لأحد غير ان يترقي او يقارب درجته الوظيفية .  كان يخشي ان ينافسه أي شخص اخر ويزاحمة في دفة الادارة التي يحرص عليها بالمدارة والتحويط . لذلك ظل هو المدير المكنكش مديراً  بدون نائب لأكثر من الربع قرن هو العضو الدئم الوحيد الممثل في كل لجان الترقيات الحريص علي ترأسها لضمان ترقية نفسه وتعطيل ترقيات باقي الحاشية وتأخير تقدمهم في السلم الوظيفي ما أمكن ذلك سبيلاً بالاساليب المشروعة والغير مشروعة فهو يجيد  خلق الاسباب الكافية للنيل من الاخرين فأن انعدمت فهو قادر علي التسبب فيها واختلاقها فالريس يعرف كيف بيجيب الهوا من قرونه .

ان مكتب ادرة المساحة القابع او الملاصق لمتحف شيكان في الناحية الشمالية هو متحف لكن من نوع أخر . انه متحف  لنوع اخر من الأثار التراكمية من الهوان والاهمال والفشل الاداري العارم الخلاق . فهذا المكتب المشيد منذ بداية ستينيات القرن الماضي ظل هو هو كما هو لم يتغير و لم يتطور الا قليلاً. ادخل مكتب المهندسين لتري بنفسك الجدران الأيل للسقوط والترابيز القديمة المحشورة حشراً  في الزوايا حيث لاتوجد  كراسي لجلوسهم دعك من جلوس المواطنين الطالبين للخدمة .  لذلك تجد كل المهندسين  يقضون جل اوقاتتهم جلاسين خارج المكتب علي الكنبات القديمة تحت  ظلال الاشجار . وكل من يدخل هذه المكاتب تستفزه الحالة المتردية المزرية وبالتالي تجد بعضهم يستفزون المهندسين ويسخرون منهم شتماً وسباب فتسمع من وقت لأخر قولة بالله دي مكاتب حكومة و لا دا مكتب مهندسين .  فمن يهن يسهل الهوان به وليس لجرحه ايلام . السور الخارجي الخرب  لأدارة المساحة هو عنوان كبير وخير شاهد للخراب والدمار والتردي الحادث بالداخل . ولان الشيئ بالشيئ يذكر فقد كان الاستاذ خالد مصطفي ادم الشهير بخالد تبيش وانتم تعرفون من يكون . هذا الخالد التبش ولا داعي لذكر صفته كان خالداً  كثير الاتيان الي المساحة . لكنه للأسف الشديد كان لا يدخل المساحة  من بابه بل يدخله بالقفز اليها ناطاً سورها الحديدي العتيق .  دأب خالد و اخرين علي تكرار هذا المشهد من التصرف السلوك المشين  الغير حضاري في دولتنا الحضارية . هذا ما استفز احد العاملين الزملاء وجعله يكب او يصب  الزيت الراجع علي السور حتي لا ينط عليه خالدنا  الشهير بالنطيط . فلا غرابة اذاً ان نطي المدعو خالد في ليل بهيم ويوم مشئوم علي بيت الحكومة في ولاية شمال كردفان والياً ، حدث ذلك في غفلة من الناس والزمان ! .

لم يحظ العاملين بالمساحة علي وجه الخصوص دون سواهم من العاملين في وزارة التخطيط العمراني والبني التحتية بالترقيات لسنوات عددا . فأنا مهموم  بالترقيات الخاصة بالعاملين بادارة المساحة لأنها مربط الفرس كما اشرت سلفاً . فالمترقي المستحق الوحيد دائماً  هنا في كل الترقيات هو النور عبدالرحمن جادالله وفي حالات نادرة المحسوبين او المقربين اليه . والي عهد قريب قبيل اندلاع الثورة كان كل العاملين الكبار او القدامي في المساحة كلهم في الدرجة الخامسة ودونها ما عدا السيد المبجل النور عبدالرحمن جادالله خميس. فهو وحده الذي وصل بقدر قادر الي الدرجة الثانية او الاولي لست ادري و بأمتياز دون سواه . ذلك لأنه ظل مديراً لهذا الادارة لأكثر من الربع قرن علي التوالي كما قلنا ورددنا . ظل  لا يبارحها ولا يغيب عنها علي الاطلاق لا في يوم عطله او مرض ولا اجازة او سفر. فقد سأله احد العاملين في وقت من الاوقات قائلاً انت ما تمشي الخرطوم عشان تشوف موضوع قطعتك هناك فرد مغاضباً بزعل : (ني أروح الخرتوم واخليكم لي منو) . يجدر الاشارة هنا الي ان جل المساحين القدامي في شمال كردفان هم من الدفعات الذين تم تعينينهم مع النور عبدالرحمن في الاعوام بين 1980 م الي 1989 م أي قبيل ثورة الانقاذ الخاشم لا أعادها الله . اما عن شخصي الضعيف فقد  أتيت المساحة منقولاً اليها من هيئة توفير المياه الريفية  في منتصف العام 1995م. و كان ذلك في نهاية ادارة الباشمهندس الشهم  الباسل  الراحل عبدالوهاب تبن . و لعبدالوهاب تبن أيادي بيضاء وتاريخ ناصع في لوح الشرف الخاص بمن تولوا ادارة المساحة . هؤلاء الرجال طيبي الذكر امثال محمد ابوضفير وميرغني عمر والامين عبدالقادر وغيرهم من من يضيق بهم هذا المجال هنا بذكرهم . فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله . هذا الاسماء الامعة ظلت ولاتزال تذكر وتجري علي الالسن بمأثرها والمواقف الشجاعة والادوار الكبيرة التي قاموا بها . عصرت عبدالوهاب تبن في نهايات ايامه وكان رجلاً هاشاً باشاً كريماً طيب الخلق  والمعاشرة . فهو الذي قام بأحتضان النور عبدالرحمن عندما نقل من الدلنج  فحذره الزملاء العارفين للنور بأتخاذ الحيطة والحذر من هذا النور عبدالرحمن قائلين له بأن من يربط الافعي في خصره لن يسلم من عضته. وهذا ما كان فقد التف النور ورحطه حول تبن بالمؤامرات والمكايدات والتدليس فأطاحوا به ظلماً . وبذلك تمكن هذا النور الذي كان يحسب نفسه كادر اسلامي تمكن من الاستيلاء علي ادارة المساحة بفقه الولاء المعروف لديكم جميعاً . وكانت الزميلة الباشمهندس فوزية تلك المرأة الحديدية واحدة من الضحايا الجندرية . وظل الباشمندس عثمان محمد عثمان مقصياً لعقود في أم روابة مع انه الكادر الكفوء الجدير بالادارة .

تم تعييني في مصلحة المياه الريفية في نهاية العام 1988م أي قبيل انقلاب الانقاذ بنحو سبعة اشهر . وكانت فترة تعييننا هي نهايات الازمنة والعهود الذهبية للخدمة المدنية في كل السودان . جاءت الانقاذ علي السودان كله وعلي الخدمة المدنية وجه الخصوص بالساحق والماحق والبلاء المتلاحق. وبدأت الانقاذ سياسات الخصخصة لكل السودان ولكل مؤسساته وادارت الدولة الحية والحيوية  من ارث تاريخي جغرافي اقتصادي أمني واجتماعي. حتي العلاقات الدولية والاعراف التقليدية مع الدول الجارة والصديقة والمجتمع الدولي برمته أتت عليها الانقاذ وشوهتا ودمرتها واستعدت الجميع علي السودان .

وكانت الاحالات الجماعية للصالح والتصفيات المهولة للكوادر والتكنقراط والعلماء والمفكرين . هذه الاحالات الغاشمة التي شمل كل القطاعات وكل العاملين من الموظفين والمهنيين والاساتذة والاطباء من الكفاءات والتخصصات النادرة . كل اؤلئك تم الاقتصاص منهم وترشريدهم بين ليلة وضحاها . هذا الصالح العامة هي السياسة التي اتبعت الجبهة الاسلامية لسحق الخصوم والمخالفين لأيدلوجيتها  كانت بمباثة المجزرة الحقيقة للخبرات ولخيرة ابناء السودان المتعلمين والمثقفين المميزين من العلماء الغيورين الحادبين لمصلحة وطنهم . تم التنكل بالصفوة المنتقاة  في مجزرة بشعة للقدرات البشرية النوعية التي كانت تصنف من الموارد الاستراتيجية العظمي للسودان . الاحالة الي الصالح العام هو المأساة الكبري لكل الوطن العزيز ولا يساويه في الخسارة وهدر الامكانيات الا مجزرة فصل جنوب السودان .
لم ينل ولم يتلق العاملين بالمساحة أي نوع التدريبات والكورسات والدورات التأهيلية التي تعينهم في النهوض وتطوير اداهم الفني والاداري . فحتي الفرص القليلة النادرة التي كانت تأتي الي المساحة كان يتم دسها وأخفائها والتكتم عليها من قبل سيادة المدير وجهازه الاداري حتي تنتهي فتراتها ومن ثم يعلم العاملين بوجود تلك الفرص الضايعة . هذا  مع ان الجميع كان يطالب بالتأهل والتدريب لكنهم كانوا يفوتون الفرص المواتيه بسبق الاصرار والترصد لأشياء معروفة في نفس يعقوب المساحة. فالجهل مصيبة والجاهل عدو نفسه وأهله وهنا يصح القول (جو يساعدوه في دفن ابوه قام بدس المحافير) فيا  للأسف الشديد هذا القول ينطبق بحذافيره علي الرجل المدعو النور عبدالرحمن .

هذا النور المتغطرس المتكبر علي الفاضي لم يتعلم من الايام الا الغل و الحقد والتأمر واحتقار الاخر . للغرابة فهو  مع تكبره وخيلائه وجهله ، يدعي العلم والمعرفة ودائماً ما يردد متبجحاً قائلاً في الفارغة والمقدوة (ني عارف أي حاجه ، ني عارف كل حاجه) مع انه لا يعرف أي الحبة . فهو فاقد لبوصلة المساحة المساحة واتجاهاتها الاربعة عاجز عن تمييز الشمال والجنوب من الشرق والغرب . لا اقول هذا الكلام جزافاً فقد قام بتنفذ مخطط الجلابية النموذجية اب سايت داون فاتجاه الشمال جنوب صار بقدرة الخالق وفهم وعلم صاحبنا الخارق القاصر  صار شرق غرب والشرق غرب بقي جنوب شمال ولله في اتجاهاته وخلقه شئون .

علي الظالم تدور الدوائر وانتم تذكرون جيداً حادثة طائرة نائب الرئيس علي عثمان محمد طه . تلك الطائرة التي حطت ذات صباح اسود بمطار الابيض  شمال كردفان ومنها كانت تقصد قرية الشوك القريبة الابيض . لكنها ضلت طريقها الي الشوك الاخري في الحدود الشرقية لولايات شمال دارفور . كان ذلك بسبب خطأ فني في الاحداثيات ولتشابه الاسماء بين شوك كردفان و الشوك في دارفور وقع علي عثمان في كمين نجي منه بأعجوبة . تم ذلك  نسبة لعدم ثقة السيد المدير في كادره الفني بأدرته في المساحة  فاستعان بأحداثيات أحضرت له من مصلحة الاحصاء تلك كانت المفارقة الغريبة . المساحة برمتها والمرجعية والارشيف تستعين بالاحصاء في الاحداثيات . احدثيات الاحصاء تلك التي تم استخدمها في الاحصاء والتعداد السكاني. كانت دقيقة بس تقول شنو عن الخفة والرجفة والارتباك والاستعجال والهلع والخوف التي تصيب مديرنا كل مرة عندما يتعلق الامر بالمسئولين الكبار وأوامرهم المنزلة . فأوامر المسئولين تصيبه في مقتل وتحيله الي حالة الهستيريا التوهان  تفقده الصواب وتدخله في دوامة من التخبط والقلق واهتزازات المشاعر والعواطف . هذا النوع من المرض او الخلل يسميه العلم الحديث عندنا بحاله نقصان انزيم انسيموفوبيا الشجاعة والمواجهة . وهذا الانزيم هو الانزيم المسئول الاول عن الثبات والقدرة الادبية علي كيفية تلقي الاوامر وتنفيذها بهدوء وطمئنينة . لكن في حالة نقصانه يدخل  المصابين به دومات وازمات فقدان الثقة بالنفس فتطاير روح الثبات عند الملمات في لحظات المواجهة وتحمل المسئولية . المصابين بهذا الداء الغير مستعصي علي العلاج يفتقدون الثقة في انفسهم وهذا ما يجعلهم  يلجأون الي العمل في الظلام كما الخفافيش حبكاً للدسائس وتصفية الخصوم في الدهاليز المظلمة وخلف الستائر .

خطأ جسيم أنتهي برحلة النائب الاول علي عثمان طه لتحط به علي مرمي حجر من تخوم حركات دارفور المسلحة . حينها كادت الاقدار ان تردي طه ردي المهلاك .

ولطول عمره عاد النائب الاول الي الابيض سالماً مخطوف القلب . وفي  مطار الابيض وجد نفسه في مأزق من نوع اخر . فقرر فوراً الاطاحة بمدير ادارة المساحة كضحية اولي والثانية  مدير مطار الابيض . ولقصة الاطاحة بمدير المطار رواية اخري لكن دعنا نزكر في ضحيتنا الذي اقتصت منه الاقدار لتسببه المباشر في سقوط الكثيرين من الضحايا افتراءاً وظلماً . فيا ظالم ليك يوم .

أوقف السيد النائب الاول  السيد مدير المساحة من العمل عقاباً له فقامت الدنيا ووقفت الكرة الارضية برمتها علي حيلها تضامناً مع النور عبدالرحمن الذي تم التأمر عليه . حشد قبلي غير مسبوق اجتماعات ومؤتمرات وسفراء . شيئ رسل للوالي والنائب الاولي استرجاءات واسترحامات. اخيراً شفاعة فقد وصل السيد فيصل محمد ابراهيم والي ولاية شمال كردفان رسالة مدوية مفادها أن السيد النور عبدالرحمن سيقضي نحبه ويموت ان لم يتم تدارك الامر والنظر في ارجاعه الي العمل !!!!! .
إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس ، فتذكر قدرة الله عليك .

لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً … فالظلم ترجع عقباه إلى الندمِ

تنام عيناك والمظلوم منتبهٌ … يدعو عليك وعين الله لم تنمِ

اما حكاية الاحداثيات الخطأ فلها علاقة مباشرة بعدم التدريب والتأهيل كما اشرنا ومفهوم دس المحافير يكمن هنا . لم تتاح للفنيين من المساحيين فرص التدريب الكافئ علي استخدام اجهزة المساحة المتوفرة بالادارة واستخداماتها والتمكن من العمل بها .  حتي جهاز الجي بي أس هذا الجهاز الحديث البسيط المتوفر في كل مكان ولكل الناس كان هذا المدير الذي يجهل استخدمة ويستحي من طلب تعلمه كان يرفض اعطائه للمساحين . هذا دعك من جهاز التوتل استيشن . فقد دخلت معه في معارك في غير معتركة عندما طلب مني الذهاب في مأمورية لتخطيط مدينة سوداري . طلبت منه وقتذاك ان اخذ معي جهازي ال جي بي أس والتوتل استيشن فرفض بشدة ان اخذها . ومن جانبي رفضت تنفيذ المامورية . و لما كان امر تنفيذ المأمورية مستعجل ومهم ومتابع من قبل الوالي ومعتمد سودري توسط لي وترجاني متراجعاً عن رفضه وتنازل عن قرار رفضه طالباً مني اخذ الجي بي أس وترك   التوتل استيشن بحجة انه جهاز حساس جداً وطريق سودري طريق وعره وهو يخشي عطل الجهاز جراه الدقاق ! .

نفذنا مامورية سودري مع الفرقة وقبل ان نكمل الاسبوع هاتف المحلية طالباً مني ارجاع ال جي بي أس فلم اذعن للأمر . فظل يهاتف يومياً دون ان اكترث لأمره . وفي النهاية ارسل مندوباً بخطاب ملح ومستعجل طالباً فيه عودة الزميل سماني بسرعة وبصحبته الجهاز . وجاء في الذكر انه كان يخشي ان يعلم  ايليا ، السماني التمرد والي هنا تتضح الصورة القاتمة وتنداح كل الغشاوات والرعونات . ولا تخفي عليكم محتوي القصة والحكاية بجلاء . وبالطبع لم استجب لتعليماته وأخرت مندوبه المستعجل لأكثر من اسبوع في سودري لأرجعه اخيراً بخفي حنين لا جهاز ولا سماني فدعهم  يحزنون .

كان يتعقبني ومتجسساً  علي متابعاً حركاتي وسكناتي في العمل . في يوم من الايام قام بتتبعي بمسافة وانا ذاهب لتنفيذ عمل حقلي ما . عندما شعرنا به أوقفت العربة ونزلت منها فأمر هو الاخر سائقه بأيقاف عربته علي بعد ثلاثون فرسخاً . تأهبت واشرت اليه بلغة الصم قائلاً : يا زول انت مجنون ولا شنو . وفي صباح من اليوم التالي دخلت مكتبه منفعلاً لأقول له يا زول دا كلام شنو القاعد تعمل فيهو انت ما نصيح ولا شنو . حاول تهدئة مخاطري معتذراً انه لم يكن يقصدني بهذه المطاردة الساخنة بل كان قصده شخصاً اخر . فقلت له هذا ليس بتصرف زول مدير مسئول ابداً فأن كنت انا المقصود او اخر فالتجسس والتربص كانت شيمته ودا كل الحاصل .

لم يكن النور عبدالرحمن يحترم او يقدر ويعرف معني روح الزمالة والاخوة و الملح والملاح فمصالح ظلت تطغي فوق وعلي كل اعتبار . كان يحقد علي زملائه ويحسدهم ويحتقرهم ويزدريهم ويتغيبهم . فعلي سبيل المثال لا الحصر كان النور يستخف بزميله التجاني اسماعيل ويستهزئ به شامتاً بمناسبة ودونها . فهو لا يتورع من قول التجاني شنو التجاني دا زول ايفه ساكت . ولعلمكم هذا التجاني الايفة هو المدير العام (الوزير) الحالي لوزارة التخطيط والبني التحتية . فهي ما دوامة ولو كنت تدوم ما وصلت الي النور عبدالرحمن . بس تقول شنو فالكرة واللعبة أضحت في مرمي الايفه . وما هذا النور الذي لا يستحي ابداً الا ان يغيير ملاحمه الحربائية وهذا ما حدث يحدث . ان السيد النور  لا ينقطع او يتردد من التردد علي مكتب الايفه باستمرار. ذهب النور عبدالرحمن الي الحج وتلك كانت الفترة الوحيدة الطويلة التي غاب فيها عن المساحة . تولي التجاني الادارة في فترة حجه الذي عاد منها علي عجل من أمره فور انتهاء المناسك . بعد عودته مباشرة من الحج بدأ عمل مستفتحاً بمعاكسة زميله التجاني اسماعيل بالمعاكسة في تكملة اجراءات موقع  التجاني استثماري الخاص.  رفض النور وتسوف كثيراً في تمرير وتكملة اجراءات التجاني بحجج واهية تنم عن الحقد والحسد والانانية وعدم حب الخير للزميل . تدخل الزملاء لأثنائه عن هذا الامر الغير مبرر لكنه تمترسه في موقفه الرافض. عندما علمت مصادفة بالامر دخلت علي النور علي انفراد لأقول له بالحرف انما تعمله ضد زميلك واخيك التجاني هو عيب وعار بحقك وبحق الزملاء وهو عار علي  الزمالة والاخوة معاً مترجياً اياه بمراجعة الامر وقد كان . عندما عاد الحاج النور عبدالرحمن من وجد كل الامور تسير ضده. فقد عاد ليجد بأن  الاوضاع العامة تغييرت تجاهه تحسس انظار الزملاء تجاهه في المساحة والوزارة لا تصب في مجري هواه كما لاحظ كثرة تردد التجاني اسماعيل بصحبة الاخ مبارك الحاج الدود علي الوزارة وتأخرهم بها من ناحية . ومن ناحية اخري  لاحظ ارتياح المسئولين بالوزارة للتجاني مفضلين  في الاستمرار في التعامل معه . التجاني فاشتم رائحة امكانية ازاحته وتبديله بالتجاني . قلق واضطرب وطار النوم من عينيه ذعر وارتعبت فرائصه تحسس كرسي ادارة المساحة فوجدها تهتز تحته فحبس انفاسه . ظل يخرج من مكتبه الفينة والاخري متسائلاً كمن لمسه جان : أنت ناس التجاني ومبارك قاعدين يمشوا الوزارة كل يوم  ويقضوا كل الاوقات هناك بيعملوا في شنو . وكانت وتيرة اضطراباته تزداد مع اشراقة كل صباح جديد وكل يوم  والقلق بيزيد حبتين ودقات القلب المفزوع تتسارع ترتفع وما معروف الضغط وغيره من متلازمات الهواجس كانوا بيعملوا شنو مع الراجل . فأضطر صاحبنا الذي أضحي ضحية نبوبات هواجسه وتوتراته . اضطر كلما غاب مبارك الدود والتجاني اسماعيل عن المساحة ان يهاتفهم طالباً منهم العودة والرجوع فوراً الي المساحة . كان ذلك يحدث كل يوم بموضوع وفي اغلب الاحاين  بدون موضوع .

كسرة اخيرة : لا يزال الاخطبوط العنكبوتي الهلامي المتنفذ يعمل حتي بعد احالته للتقاعد في نسج خيوط المؤامرات في مثلث ادارات التخطيط العمراني الاراضي والتخطيط والمساحة . لا يزال ينفح فحيح سموم تعطيلاً لمصالح العباد علي حساب مصالحه واجنداته الخاصة . فهو قادر علي تفعيل المكر السيئ عاجزاً كل عن العمل الصالح الايجابي للمصلحة العامة . ولهذا مساحة سنفردها في وقتها ولكل أمر تحت الشمس وقت .

اخيراً وليس اخرأ أستلف ﻗﺼﻴﺪﺓ / ﻋﺒﺪﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﻤﻘﺎﻟﺢ

ﺳﻨﻈﻞ ﻧﺤﻔﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺪﺍﺭ

ﺍﻣﺎ ﻓﺘﺤﻨﺎ ﺛﻐﺮﺓ ﻟﻠﻨﻮﺭ

ﺍﻭ ﻣﺘﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺠﺪﺍﺭ

ﻻ ﻳﺄﺱ ﺗﺪﺭﻛﻪ ﻣﻌﺎﻭﻟﻨﺎ

ﻭﻻ ﻣﻠﻞ ﺍﻧﻜﺴﺎﺭ

ﺍﻥ ﺍﺟﺪﺑﺖ ﺳﺤﺐ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ

ﻭﻓﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻴﻒ ﺍﻟﻘﻄﺎﺭ

ﺳﺤﺐ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺭﺑﻴﻌﻨﺎ

ﺣﺒﻠﻰ ﺑﺎﻣﻄﺎﺭ ﻛﺜﺎﺭ

ﻭﻟﻨﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﺠﺪﺏ ﺍﻟﻌﻘﻴﻢ

ﻣﺤﺎﻭﻻﺕ ﻭﺍﺧﺘﺒﺎﺭ

ﻭﻏﺪﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻻﻧﺘﺼﺎﺭ

ﻭﻏﺪﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻻﻧﺘﺼﺎﺭ

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..