مقالات وآراء

استغاثة طاغية

محمد حسن  شوربجي

نعم هي قصة استغاثة طاغية ..
اني اتنفس تحت الماء..
اني اغرق..
وماذا عساني ان افعل لايقاف هذه الثورة الشعبية ؟..
فلقد ضاقت بي الارض بما رحبت..
واشتد بي الخناق..
وكادت جدران القصر  ان تطبق علي انفاسي..
فماذا أنا فاعل ايها المستشارون..
وماذا انا فاعل ايها الخبراء الاستراتيجيون..
هل اخاطب الشعب أم لا اخاطبه ..
و منذ متى كان الشعب يصدقني..
ومنذ متى كنت أُحسن الكلام أو التحدث اليه..
فانا مدرك تماما أن لا أحد سيصدقني..
فلا فائدة الان للخطب الحماسية الرنانة علي المنابر..
وهل أقول لهم سامحوني انا أخطأت..
وهل اقول لهم سامحوني لانني قتلت منكم المئات وندمت..
وهل اقول لهم سامحوني لانني شردت منكم أجيالا بأكملها ..
وهل اقول لهم سامحوني لانني اعتقلت نصف الشعب خلف القضبان ووضعت النصف الآخر رهن الإقامة الجبرية واسفت ..
وهل اقول لهم سامحوني لانني عذبت المعتقلين في بيوت الاشباح وحزنت..
وهل اقول لهم سامحوني لانني ضاعفت عدد العاطلين عن العمل وتأثرت..
وهل اقول لهم سامحوني لانني منحت الشركات والبنوك وكل رؤوس الأموال لاهلي واقاربي ..
هل أخرج لهم معتذرا عن كل جرائمي وإساءاتي..
هل اعتذر لهم عن كل استبدادي وتآمري ..
وهل اصلا سيعذرني الشعب..
هل سيعذرني الاطفال الذين حبست آبائهم..
هل سيعذرني اليتامي..
هل ستعذرني الارآمل..
هل سيعذرني الأب الذي أهنت كرامته..
لا أحد سيسمعني  في طول البلاد وعرضها..
ولا اظن ان الجيش سيحميني..
ولا الشرطة ستحرسني..
ولا ألامن سيدافع عني..
فالكل سيلعن حكمي..
فقد كنت اظن ان اي رئيس معصوم عن ارتكاب الحماقات والجرائم..
وكنت اظن ان الحصانة ستحميني من غضبة الشعب..
حقا لقد  كنت ضحية المحيطين بي من وزراء و مستشارين ومعاونيين مخادعين..
سأقول للشعب تعالوا معا لنبدأ صفحة جديدة..
ولكنهم لن يصدقوني ..
اكيد هم يريدون تمزيقي..
واكيد هم يريدون اعدامي..
سأقول لهم انني عملت كل حياتي من أجل مصلحة  الوطن..
بدرجة انهم اشاروا علي “بالاستعانة بالجن المسلم لاستخراج البترول”..
ولا اظن انهم  سيصدقوني..
ساقول لهم انني سجنت كل الوزراء الفاسدين..
وحبست كل انصار النظام السابق ..
واعتقلت كل سراق المال العام..
لا لا لن يصدقوني ..
سأقول لهم أن الحكومة أخطأت..
ساقول لهم ان  الوزراء اخطأوا..
ساقول لهم ان الضغوط الخارجية كانت قوية علي..
وانني الآن سأوسع لكم في الحريات والديمقراطية..
وساقيم لكم كل العدل..
واقيم لكم كل المساواة..
واقيم لكم الدولة المدنية..
وسأجعل الشعب سيد نفسه..
ولكن يارباه هل سيصدقوني..
انا في ورطة حقيقية ايها الحراس..
ما هذه الضوضاء بالخارج ايها الحراس..
ما هذه الاصوات بالخارج ايها الحراس..
انه الشعب  سيدي الرئيس..
يهتفون : الشعب يريد اسقاط النظام..
وآخرون يهتفون: يسقط يسقط حكم العسكر..
وهناك من يقول  ١٣٠ المشنقه بس..
انهم الشعب سيدي الرئيس وقد حاصروا القصر من كل جانب..
انها التظاهرات..
انها المسيرات..
انها المليونيات..
انها الثورة الشعبية..
يهتفون ضدك سيدي الرئيس..
ويقولون انهم لن يقبلوا اعتذارك ..
فما عاد الشعب العظيم في انتظارك..
ولا يريد ان تخطب فيهم من ديارك..
فما عادت  خطبك النارية تستهويهم ..
ولا الرقص علي المنصات تستهويهم..
ولا الحماسة في خطاباتك تستهويهم..
اهرب ايها الرئيس بسرعه ولا تنظر ورائك..
فانك ان نظرت فلا محالة هالك..
فالحجارة التي يقذفونها علي القصر موسومة بدعوات امهات الشهداء..
وهي حقا سترجمك ولن ترحمك..
اترك البلاد ايها الرئيس واهرب..
اهرب ايها الرئيس قبل فوان الآوان..
اهرب فلن تفيدك مقولات الطغاة السابقين :
(انا خلاص فهمتكم)
(الحسو كوعكم)
(من انتم)
(هؤلاء شذاذ آفاق)
(انا من علم السودانيين اكل الهوت دوق)
(تحملوا الجوع بتنفرج)
(مصر ليست كهنة)
(اذا دقت المزيكا كل فار حيدخل جحره)
لا لن اهرب ايها الحراس فاضربوا الشعب بالرصاص..
ابيدوا الشعب عن آخره..
اضربوه بالدوشكات..
اضربوه بمضاضات الطائرات..
اضربوه بالدبابات..
اضربوه بالطائرات..
اقيموا في طريقه الحاويات..
استخدموا الاسلحة الكيميائية..
لا فائدة ايها الرئيس..
لقد استخدمنا كل شيء..
ولا فائدة..
انهم كالامواج الهادرة..
انهم يحاصرون غرفة نومك..
استسلم ايها الرئيس..
لا صوت للرئيس..
اين انت ايها الرئيس..
لقد قضي الامر..

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..