الترتيبات الأمنية.. المال عقبة أمام الالتزام
محمد زكريا: على الحكومة الإيفاء والالتزام بالمنصرفات وفق جوبا

نور الدائم طه: الحركات المسلحة ليس لديها خيار سوى تنفيذ الترتيبات الأمنية
محمد الناير: من الممكن الالتزام بالاتفاق لكن دون المساس بقوت المواطن
تقرير: الخواض عبد الفضيل
بعد أن أعلن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان القائد العام للجيش السوداني انطلاق تنفيذ بند الترتيبات الأمنية بعد التفلتات التي شهدتها مناطق متفرقة في درافور إلا أن هذا القرار تواجهه عدة مشاكل تتمثل في الإنفاق المالي على هذا البند حتى يصبح على أرض الواقع خاصة وأن البلاد تشهد عجزاً مالياً في الموازنة العامة بالإضافة الى توقف المنح المخصصة لهذا البند من الدول المراقبة والصديقة حيث كان أثر ذلك واضحاً بعد المهلة المحددة بخروج هذه الحركات من المدن الكبيرة كبداية أولى، لكن لم يتم ذلك بالسرعة المطلوبة مما جعل الحكومة تمهل هذه الحركات مهلة أخرى للخروج من هذه المدن تقدر بسبعة أيام.
محمد زكريا: على الحكومة الإيفاء والالتزام بالمنصرفات وفق جوبا
وقال لـ(اليوم التالي) القيادي بحركة العدل والمساواة السودانية الدكتور محمد زكريا إن جملة اتفاقية السلام والمصفوفة الزمنية المرافقة لها مبيناً أن هنالك تأخير في تنفيذ بنودها باعتبار أن هنالك تحديات كبيرة أثرت على الالتزام بالمواقيت المضروبة بالإضافة الى ذلك الاتفاقية نصت على أن تلتزم الحكومة السودانية بمبالغ تجميع القوات المختلفة في مراكز التجميع المتفق عليها حتى الوصول الى المرحلة الأخيرة من جمع السلاح والدمج والتسريح وزاد أن هذه العملية مكلفة من ناحية تنظيمية ولوجستية ومن ناحية مالية مضيفاً أن جميع قوات الحركات المسلحة سلمت كشوفاتها وانتهى جزء كبير من هذه المراحل خاصة المتعلقة بتدريب القوات الخاصة بالحراسات للقيادات ولفت الى أنه قد تم تحديد لجان السيطرة والتحكم إضافة الى أنه قبل أيام تم اجتماع اللجنة العليا المشتركة للترتيبات الأمنية في الفاشر وشوهيد حرص كافة الأطراف بما فيها رئيس مجلس السيادة أن تتم كافة المتطلبات اللازمة المتعلقة بالدمج وقال أيضاً الدكتور محمد زكريا نأمل خلال الفترة القادمة أن نشهد بداية فعلية لهذا الدمج مشيراً الى أن المناخ العام السياسي غير المستقر له أثر في تأخير هذا الأمر خاصة الالتزامات الدولية المطلوبة في دعم اتفاق السلام له تأثير في تنفيذ بند الترتيبات الأمنية بالإضافة الى عدم تشكيل الآليات المعنية بمتابعة تنفيذ اتفاق السلام وإجازة قانون مفوضية السلام وفقاً لم نصت عليه الاتفاقية يجب إعادة تشكيل هذه المفوضية باعتبارها هي المشرفة على آلية تنفيذ المفوضيات الخاصة بتنفيذ الاتفاق وحول الصرف على اتفاق بند الترتيبات الأمنية حيث قال: هو التزام حكومة السودان الإيفاء بالمطلوبات المالية اللازمة لهذا البند بالإضافة الى عقد مؤتمر للمانحين كما نصت عليه اتفاقية جوبا كذلك إيفاء الأطراف الدولية بالوعودات التي ضربتها في دعم تنفيذ الاتفاق إضافة الى تجاوز القضايا الإجرايئة والإدارية يمكن أن تنعكس إيجاباً في التسريع في عملية التنفيذ وتيسير وصول الأموال كما أن هنالك صندوق للموارد يجب أن يتم تأسيس هذا الصندوق الذي يمثل ماعوناً يمكن من خلاله استقطاب الدعم الدولي والإقليمي للتنمية والإعمار وكذلك الترتيبات الأمنية
محمد الناير: من الممكن الالتزام بالاتفاق لكن دون المساس بقوت المواطن
وفي ذات الصعيد قال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الناير المجتمع الدولي لا يرجى منه لا في دعم الترتيبات الأمنية ولا في قضية دعم الاقتصاد السوداني بصورة عامة وجزم بأن السودان إذا أراد أن يعتمد على المجتمع الدولي فسينتظر طويلاً، وهذا يساهم في تعقيد المشهد كثيراً مضيفاً أن عملية الترتيبات الأمنية تشكل أهمية كبيرة في نفس الوقت قال: إذا لم يتحقق الاستقرار الأمني والسياسي من الصعب أن يكون هنالك استقرار اقتصادي لذلك عملية الترتيبات الأمنية مهمة والاستقرار الأمني مهم، وأضاف: من المفترض على الدولة أن تلتزم التزاماً قاطعاً وكذلك الحركات المسلحة في ما تم الاتفاق عليه من مبالغ لهذا الغرض ونوه الى أنه قد تكون وضعت مبالغ كبيرة معتمدة على التمويل الخارجي خاصة في تلك الفترة التي كانت بها وعود وأشار الى إمكانية أن يتم هذا الإجراء بالحد الأدنى، والممكن من الموارد الذاتية وبعيداً عن المواطن ولا نريد هذه القضية أن تكون على حسابه بمزيد من الضغوط والأعباء عليه مؤكداً: ممكن يكون الصرف على الترتيبات الأمنية من الدولة، لكن بعيداً عن المواطن وبالحد الأدنى بدراسة هذا الأمر بسياسة جيدة بحيث لا يكون هنالك استيعاب لزيادة حجم القوات للفترة ما بعد اتفاق جوبا بمعنى أن تكون هذه القوات منتمية للحركات ما قبل الاتفاق، بمعنى كل من انتمى لهذه القوات بعد الاتفاق لا يكون معنياً بهذا الأمر لذا يجب المراجعة والتدقيق في القوائم الأساسية والفعلية وهذه تحتاج الى صحوة ضمير أكثر من الحركات المسلحة والدولة لأن هذه العملية تتطلب قدراً من الوطنية وليس جمع الأموال فقط، فعلى الدولة أن تجد في هذا الموضوع والاعتماد على الموارد الذاتية دون المساس بقوت المواطن، هذه هي المعايير التي يجب العمل بها بصورة أساسية لأنها في النهاية تحتاج أموالاً كثيرة ودعماً خارجياً، كما لابد من المراقبة حتى لا تكتب أسماء في الكشوفات المرفوعة من قبل الحركات الموقعة على السلام بدون وجه حق خاصة شهدنا بعض من الحركات التي بدأت بالتجنيد داخل الخرطوم.
عبدالعظيم المهل: قطر كانت هي الأجدر برعاية اتفاق جوبا للسلام
من جهته قال الخبير والمحلل الاقتصادي عبد العظيم المهل إذا أرادت الدولة أن تصرف على بند الترتيبات الأمنية من الخزينة فهذا غير ممكن، مضيفاً أن ميزانية الدولة في الأصل (80%) منها يصرف في الأمن والدفاع والقطاع السيادي، و(20%) لباقي الخدمات الأخرى خاصة وأن جيب المواطن أصبح هو مورد الحكومة والآن هو متضجر من زيادة بعض السلع الخدمية والاستهلاكية وجزم بأن الخطأ الكبير الذي وقعت فيه حكومة الفترة الانتقالية أنها وقعت الاتفاق في جوبا كان من المفترض أن يوقع في قطر لأن قطر لديها الخبرة والقدرة المالية في الصرف على تنفيذ الترتيبات الأمنية على أرض الواقع وجزم بأن قطر لعبت دوراً بارزاً في الاتفاقية السابقة في عهد النظام السابق وقامت بإعمار جزء كبير من مناطق درافور
الفاتح عثمان: المبلغ المطلوب للترتيبات الأمنية لن يمثل مشكلة للموازنة
وقال المحلل سياسي الدكتور الفاتح محجوب إن الإنفاق على الترتيبات الأمنية لا أحد يعرف بالضبط المبلغ المطلوب، لكنه غالباً لن يمثل معضلة كبيرة للموازنة لأن العدد الحقيقي لجنود الحركات ليس كبيراً، وغالباً يتم التوصل لصيغة ترضي الحركات المسلحة ولا تبعد كثيراً عن الأرقام الحقيقية.
لقد تبين للحكومة أن التأخير في تنفيذ الترتيبات الأمنية مكلف جداً وبفارق كبير مقارنة مع التلكؤ في تنفيذها وما أحداث الفاشر ببعيدة وهي أحداث يمكن أن تتكرر في كل مدن السودان إن لم يتم الإسراع في تنفيذ الترتيبات الأمنية.
إذن الخوف من الآثار السالبة لتأخير تنفيذ الترتيبات الأمنية هو ما جعلها تحتل أولوية في الإنفاق من بنود الموازنة.
نور الدائم طه: الحركات المسلحة ليس لديها خيار سوى تنفيذ الترتيبات الأمنية
وقال مساعد حركة جيش تحرير السودان القيادي نور الدائم طه لـ(اليوم التالي): عملية الترتيبات الأمنية في حد ذاتها غير مرتبطة بالأموال، وإنما تحتاج الى إرادة قوية من الأطراف لتنفيذ الاتفاق السياسي الذي من أجله حملت الأطراف السلاح وزاد: الترتيبات الأمنية مرتبطة بالبروتكولات الأخرى مع بعضها البعض لافتاً الى أن بروتكول النازحين له الأولوية من الترتيبات الأمنية وبروتكول العدالة الانتقالية والثروة كذلك الملفات الخاصة بالتعويضات وبروتكول السلطة مشيراً الى أن كل البروتكولات متداخلة مع بعضها وذات أهمية قصوى، وأضاف: لأن السلاح أصلا ًرفع من أجل البروتكولات الأخرى وليس في حد ذاتها هي قضية وتابع: التركيز على الترتيبات الأمنية دون تناول البروتكولات الأخرى يؤدي الى خلل كبير وأكد نور الدائم على حتمية توفير الأموال من المانحين والدولة لتنفيذ كل البروتكولات رغم أن هنالك نوايا قوية من جانب الحكومة السودانية ومن جميع الأطراف للبدء الفوري في تنفيذ الترتيبات، ونوه الى أنه لن تكون هنالك جدوى لها إذا لم يتم تنفيذ البروتكولات الأخرى لأنها عملية مكملة ومتداخلة وجزم بأن الحركات المسلحة ليس لديها خيار سوى تنفيذ اتفاق الترتيبات الأمنية وتنفيذ اتفاق السلام وتحيقيق الأمن والسلام ويتحقق ذلك على الأرض منوهاً الى أن تأخير الترتيبات الأمنية ليس له علاقة بإرادة الحركات المسلحة، بالعكس هي الأكثر حرصاً على لتنفيذ الاتفاق ودخول الحركات في الحكومة واستلام المواقع المختلفة يؤكد الرغبة الأكيدة لحركات الكفاح المسلح بأن يكون جزءاً من عملية الاستقرار في البلد وقال إن عملية الترتيبات الأمنية أنا على ثقة بأنه سيتم تحقيق ذلك ويمكن أن يتأخر لكن في النهاية لابد من وجود ترتيبات أمنية قوية لخلق جيش وطني مهني بعقيدة عسكرية واحدة كما تم الاتفاق عليه في جوبا.
-=–=
اليوم التالي