مقالات متنوعة

مقال لصديق دبلوماسي أجنبي من أصل سوداني

 طه جعفر الخليفة
ليس لدينا مصلحة في عزل الاسلاميين من التجربة السودانية القادمة. في الواقع، ليس لدينا مصلحة في عزل اي تيار يعبّر عن احلام قسم من السودانيين و رؤاهم مهما كان رأينا في قصور هذا التيار وضرره. الاسلام السياسي حقيقة من حقائق واقعنا وهذه الثورة رد فعل له وهزيمة ماحقة لنسخة منه. أما عن السؤال: كيف يعدل الاسلاميون من رؤيتهم ويتأهلون للمشاركة في تجربة ديمقراطية لا تعرف حق آلهي محتكر لابن انسان؟ هذه قضيتهم وليست قضية الشعب السوداني. نعم لنا حزازات كبري مع نظام الأنقاذ. ابناء دار فور على وجه الخصوص لن يتسامحوا بأخوي واخوك مع نظام البشير ومع البشير شخصياً ومع بعض الذين تنفذوا من بعض الفاعلين من القبائل في دار فور في حرق القري الدارفورية والحقول والقتل والوأد. هذا يجب أن يحل من خلال القضاء وحكم القانون. ويقينى لا رغبه لأبناء دار فور من اصدقائي الذين أعرفهم في الانتقام، لا رغبة لهم غير احقاق الحق واسترداد الحقوق والعيش في سودان واحد. فاذا كنت اسلامي لم تشارك في حرق القري والقتل والتقتيل والتنكيل واغتصاب النساء ،حتي الاطفال منهن،  فلا خوف عليك من أبناء وبنات دار فور فلا أحد يأبه بك.
لكن الدعوات لخنق الاسلام السياسي والانتقام من تركة الترابي والأخوان المسلمين والأنتقام لفترة بيوت الاشباح هذا لا يجدي ولا ينفع في تأسيس دولة القانون والحقوق والديمقراطية. وأقول لك: لا شيء يعمي الانسان غير رغبة الانتقام العمياء الرخيصةالتى تم التعبير عنها في بعض وسائل الاتصال الاجتماعي. الاسلام السياسي تيار في الحياة السياسية والفكرية منذ فجر الحركة الوطنية في السودان لا يمكن مصادرته بقرار واحكام اعدام بدنية ومعنوية. هذا اذا اردنا أن نعيش في ظل ديمقراطية تعددية ونريد أن نضع بيننا وبين تجربة الاسلاميين الفاشلة المكلفة حداً للأبد.  اما عن المآسي التى ارتكبها نظام الانقاذ  في حقوق اهل السودان فالحساب ولد وبنت وأنسان.
على سبيل المثال، هنالك اشخاص محددين مسؤولين عن الجريمة النكراء المتمثلة في قتل الطبيب الشهيد على فضل. هؤلاء يجب تقديمهم فورا للقضاء. هنالك اشخاص مسؤولين عن احكام الاعدام الموجزة لضباط رمضان وهنالك اشخاص مسؤولين عن القتل الشنيع لضباط رمضان خارج نظام المحاكم العسكرية. هذا يعالج وتتم العدالة حوله وفقاً للقانون العام وقانون المؤسسة العسكرية ذات نفسها.
وكذلك الأمر  فيما يتعلق بتعذيب المعتقلين السياسيين.    يحاسب من اصدر قرار التعذيب حتي لو في القبر الان. يحاسب من اقر تنفيذه من التنفيذيين آنذاك ويحاسب من نفذه. أما عن ادانة كل أفراد الحزب الحاكم ومطاردتهم بهذه التهم فهذا لا يجدي. ولم يجدي من قبل حين حاول بعض القانونيين ادانة المانيا النازية عن بكرة أبيها في شخص كل  اعضاء الحزب القومي الاشتراكي العمالي الألماني، حزب هتلر. فأذا كنت اسلامي ولم تعذب أحد في بيوت الاشباح ولم تقتل أحد عبر عن رأيه فلا خوف عليك من ذوي الضحايا واهلهم وشعب السودان.
نحن نعرف أن من بين الاسلاميين أناس شرفاء لم تتلوث اياديهم بالدماء أو المال الحرام. هذه حقيقة ماثلة وواضحة للعيان، بعضهم استقال مرة واحدة وطفش من البلاد. هنالك من تورطوا في الاستفادة من ثمرات النظام وهنالك من روجوا له لكن لم يسفكوا دما. وهنالك من لم يثروا من وراء النظام راغم فصاحتهم في الدفاع عنه. تهديد كل من شارك في سلطة الانقاذ يفقدنا حلفاء محتملين لا غني عنهم الان.
لنا خير مثال في تفكيك دولة التمييز العنصري في جنوب أفريقيا.
جرائم الموت والقتل والتقتيل والاغتيال لا تغتفر. جرائم السرقة والاختلاس والثراء الحرام لا تغتفر لكنها أخف من سفك الدماء. كل ما أود قوله الأن هذه الثورة ثورة لكل ابناء السودان بما فيهم ربيبي الاسلام السياسي وقد دالت دولتهم. دالت دولة الاستبداد. فأن اراد الاسلاميون  تلمس حاجة شعبهم والاستجابة لها والانضمام لثورة السودان فيا ألف مرحب بهم.  و (كل نفس بما كسبت رهينة). تردد الاسلاميون، خاصة أعضاء المؤتمر الشعبي، في دعم الثورة السودانية يلحق أكبر الضرر بمستقبل الاسلام السياسي في السودان ويقنطره، مع نظام الإنقاذ،  لردة وغربة لا يعلم إلا الله مداها. سيضع ممثلى الاسلام السياسي دون فرز في خانة قوله سبحانه وتعالى: (وسمّاعون للكذب أكّالون للسحت))هذه خانة العزلة والمهانة الى يوم الدين.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..