أخبار السودان
بعد الانهيارات الجديدة في سعر صرف الجنيه.. هل يصل السودان إلى تصنيف “الدولة الفاشلة”؟

يمر الاقتصاد السوداني بمرحلة أكثر تعقيدا بعد حالات التضخم والركود التي عاشها طوال السنوات الماضية، وهناك مخاوف كبيرة من وصول البلاد إلى مرحلة الانهيار الكامل والتي تعجز فيها عن الوفاء بالتزاماتها تجاه مواطنيها، ما قد يضعها تحت تصنيف الدول الفاشلة عالميا.
يرى مراقبون أن ما يحدث الآن من انهيارات جديدة لسعر صرف الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية وبنسب كبيرة وغير معهودة، هو مقدمة لمرحلة خطرة قد يصل إليها السودان إن لم يتم تدارك الأمر سريعا، مشيرين إلى أن الاستقرار الذي شهده سعر الصرف خلال الأشهر الأربع الماضية لم يكن ناتج عن سياسات اقتصادية، بل هو نتاج للعزوف عن الاستيراد نتيجة السعر الجديد للدولار الجمركي والذي وصل إلى مستوى قياسي.
أخطر المراحل
من جانبه يقول الخبير الاقتصادي السوداني، عبد الله الرمادي: “كثيرا ما حذرنا من دخول البلاد إلى مرحلة يحدث فيها الانهيار للعملة، حيث مر الاقتصاد بالعديد من المراحل قبل أن يصل إلى الوضع الحالي، ففي السنوات الأخيرة من عمر الإنقاذ بدأ الاقتصاد في التدهور وتمثل ذلك في ارتفاع معدلات التضخم، وحذرنا من هذا الوضع فدخلت البلاد في مرحلة الركود، وكانت السنوات الثلاث الأخيرة مريرة وازدادت مشاكل الناس بزعم تطبيق روشتة صندوق النقد والبنك الدوليين، والتي دعت لرفع الدعم الكامل عن كل السلع”.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”: “إن كل تلك الأزمات المتتالية تحدث في بلد لديه من الإمكانيات ما لا يمكن أن توجد في بلد واحد مجتمعة، حيث الأراضي الزراعية وموارد المياه من سبعة أنهر وأمطار موسمية تكفي منفردة احتياجات السودان ويصدرها، ناهيك عن مخزون المياه الجوفية، كل هذا ويجوع السودانيون ويستجدي الغذاء من الآخرين”.
الركود والكساد
وأشار الرمادي إلى أن السودان عبر مرحلة الركود إلى مرحلة الكساد الاقتصادي الذي يعجز فيه المواطن عن شراء السلعة، نتيجة لفقد النقود التي يتحصل عليها لقوتها الشرائية، وإن لم يتم تدارك الموقف في تلك المرحلة فسوف ندخل إلى مرحلة الانسداد الاقتصادي، وفي تلك المرحلة تضطر المنظمة الدولية إلى إعلان السودان “دولة فاشلة” لأنها عجزت عن الوفاء بالتزاماتها تجاه العاملين بها، وهذا ما بدأت تظهر ملامحه الآن، حيث أن بعض أساتذة الجامعات لا يستطيعون الحصول على رواتبهم، والمرحلة الأخيرة من الانهيار الاقتصادي تبدأ بمثل هذا التدهور الذي يحدث الآن في كل القطاعات ويترجم في سعر صرف العملة المحلية.
حيث فقدت العملة السودانية نحو 8 في المئة من قيمتها خلال ساعات أمس الأربعاء، وجرى تداولها عند حدود 530 جنيها مقابل الدولار الواحد في الفترة المسائية مقارنة بـ 490 جنيها في الفترة الصباحية.
ويعاني الاقتصاد السوداني من أزمات كبيرة بعد التدهور المريع الذي طال كافة القطاعات بسبب الفساد الكبير الذي استشرى خلال فترة حكم الرئيس المعزول عمر البشير التي استمرت منذ 1989 وحتى الإطاحة به في ثورة شعبية في أبريل 2019. وأثرت تلك الأزمات على معظم الشرائح السكانية.
وشرع السودان خلال الفترة التي أعقبت سقوط عمر البشير في الانفتاح نحو المجتمع الدولي بعد شطب اسمه من قائمة الإرهاب، وحصوله على تعهدات بشطب جزء كبير من ديونه البالغة 66 مليار دولار، ووعود بمساعدات تقدر بنحو 3 مليارات دولار، لكن المجتمع الدولي أوقف كل تلك التعهدات في أعقاب الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر/تشرين أول الماضي بحل مجلسي الوزراء والسيادة وإعلان حالة الطوارئ.
سبوتنيك