مقالات وآراء سياسية

أوكرانيا درس لثورتنا

تأمُلات 
كمال الهِدى
. بالأمس كنت أتحدث هاتفياً مع أخي عبد العزيز المقابلي فسألته عن مسيرة الأباء والأمهات وكان رده أنه قضى نهار الأمس بعيداً عن الخرطوم ، لكن ما لاحظه هناك أن الغالبية منهمكة في متابعة ما يجري في أوكرانيا.
. صحيح أن الأوكرانيين الغلابة يواجهون ويلات مجرم دموي وخبث غربي، لكن كل ما يهمنا في الوقت الحالي هو الإستفادة من هذا الدرس .
. ففينا المكفينا وما يواجهه شعبنا ليس أقل مما تعانيه كافة شعوب العالم مجتمعة.
. كما أن ما ينتظر وطننا مرعب حد الرعب إن لم نفق من سباتنا .
. الأهم هو الاستفادة من الدرس القاسي ، لأننا شعب سريع النسيان ، أو قل نسقط كل ما مضي من حساباتنا ونتوقع أن تمضي الأمور وفقاً لرغباتنا .
. فعندما كان الناس يرددون شكراً حمدوك ويعقدون المقارنات غير المعقولة بين الإستقبالات التي حظي بها رئيس حكومة الثورة في بلدان الغرب وبين ما كان عليه حال (الساقط) البشير ، ظناً منهم أن ذلك كان يحدث لبراعة حمدوك الشخصية وتميزه عن بقية الخبراء السودانيين مع أن شباب الثورة هم من قلبوا ذلك الوضع وأجبروا قيادات الغرب على ذلك التعامل مع رئيس الوزراء المدني لأنهم يخافون من شعوبهم ، وقتها إن ذكرت السودانيين بما آلت له الأوضاع في الصومال والعراق وأفغانستان واليمن وليبيا وأضفت بأن السودان لن يكون استناءً تجاهلك أكثر الناس وعياً وطالبوك بأن تتفاءل خيراً وألا تتحامل على حمدوك.
. ولو تجرأت حينذاك وأتيت بكلمة ناقدة لود لبات تكون قد عرضت نفسك لردم السنين ظناً من (الرادمين) بأن الموريتاني الشقيق خدمنا برعاية وثيقة ستبلغنا بر الأمان.
. وحتى بعد انقلاب (البغيض) البرهان تعرض كل من انتقد بيانات الغرب الشاجبة للسخرية ووُصِف بالسطحية وعدم فهم ما بين سطور بيانات أمريكا وصويحباتها (توهماً) منهم بأن العالم يقف الآن ضد الانقلابات وأن مصير البرهان إلى زوال عبر الضغوط الدولية.
. كل ما تقدم كنت أصفه وقتها بالوهم وهو كذلك فعلاً.
. وها نحن أمام عالم غربي يقبل بالغزو والاحتلال ولا يواجهه سوى بقليل من عبارات الشجب وعقوبات إقتصادية لم تردع طاغية في يوم ، لكنها ستخدم على المدى القصير مصالح الغربيين ، أما شعب أوكرانيا فلا يهمهم كثيراً .
. من كان يسمع وعود الناتو قبل الغزو الروسي يظن أن روسيا بوتين لو أطلقت رصاصة واحدة صوب أوكرانيا سوف تتلقى العشرات من صواريخ الناتو .
. فهل تحقق شيء من تلك الوعود! .
. بالطبع لا.
. والسبب أننا نعيش في عالم قذر لا تهمه سوى مصالحه حتى وإن أدى ذلك لفناء كل شعوب البلدان الضعيفة التي تُربِع شعوبها أياديها انتظاراً لعون الخارج ، ولهذا ظللنا ننتقد تقاعس حمدوك عن تأمين أوضاعنا الداخلية مستعيناً بالشباب الذين أوصلوه لذلك المنصب .
. لكنه للأسف توجه على الدوام للخارج ولم يهتم بالداخل كثيراً ، ولهذا كان رأيي ولا يزال أنه شكل جزءاً أصيلاً من لعبة كونية في هذا السودان .
. بالأمس خرجت جموع الأمهات والأباء في مسيرة هادرة أسعدت الكثيرين ، لكن شخصي الضعيف ربما من قلة سعدت  بالمسيرة سعادة منقوصة.
. والسبب أنها تأخرت كثيراً وبدت وكأنها مناسبة خاصة مع إن الثورة زخم مستمر ومتواصل على مدار الساعة.
. كم مرة وصف البرهان وصعاليقه الذين وزعهم على بعض القنوات الفضائية الشباب المتظاهرين بأنهم إما شيوعيين ملحدين ، أو مساطيل مغرر بهم ومحرضين ! .
. فلِمَ لم يأت الرد سريعاً في كل مرة من الأباء والأمهات علي طريقة الأمس ! .
. لماذا نتأخر دائماً في خطواتنا ونبدو وكأننا مشحودين على دعم شبابنا ، بينما لا يفوت أعداء الوطن والعملاء ثانية واحدة إلا وأضافوا فيها وجعاً جديداً ! .
. منذ أيام الاعتصام كنا ندعو لمليونيات ومواكب خارجية لردع البلدان التي تفكر في التأثير على ما يجري في بلدنا ، فتأخرت الخطوة .
. وحين تقاعس وزير الإعلام فيصل في حسم ملف الإعلام الذي أكدنا مراراً أنه سيقصم ظهر الثورة دعونا لمليونيات تطالب بإقالته لأن الثورة لن تبلغ مراميها في وجود إعلام يسيطر عليه الكيزان،  وقد وعدت والدة الشهيد دكتور بابكر (رحمه الله) آنذاك بقيادة إحدى المليونيات إن لم يجد فيصل في التعامل الصارم مع ملف الإعلام ، لكن لم يتحقق المراد .
. وحين أصر حمدوك على احاطة نفسه بمجموعة لا علاقة لها بالثورة واستمر في اهمال ملفات داخلية هامة مثل السلام الذي قاد مفاوضاته حميدتي والكباشي والتعايشي تنادى البعض أيضاً وطالبوا الثوار بأن يضغطوا لإيقاف تلك المؤامرة قبل أن تكتمل ، فتأخرنا أيضاً ولم يترك جماعة “شكراً حمدوك” للناس مجالاً للتفكير فيما هو أهم .
. عدت لكل ذلك لسبب واحد هو التذكير بأننا كلما تباطأنا أو أهملنا أمراً ما تعقد الوضع وبات الحل عصياً.
. فهل نتعظ هذه المرة ونشهد تصعيداً في التظاهر السلمي وتغييراً في التكتيكات مع التركيز على تتريس وتأمين كافة حدودنا مع مختلف الجيران الذين تُهرب لهم مواردنا وثرواتنا لتدخل الأموال في جيوب بعض الخونة والعملاء ! .
. وهل سيستمر الأباء والأمهات في الخروج إلى جوار بناتهم وأبنائهم لحين زوال هذه الغمة ، أم أننا سنتغنى بمسيرة الأمس لبعض الوقت كحالة استثنائية !! .

[email protected]

‫6 تعليقات

  1. انت مشكلتك شنو مع المؤسس ! نعم المؤسس غصبا عنك .. حمدوك لم يجد ابدا الطريق مفروشا بالورود ففى كل جرة قلم كانت تصوب البنادق فى وجهه ولم ينفذ اى قرار له وتوضع العراقيل أمام خطواته حتى الوثيقة التى لم يكن احد موقعيها لم يكن السبب فى عدم تنفيذها هل لاحظت كيف بعد انقلاب البرهان توفر الخبز والدقيق والمواد البترولية !

  2. يا جميل الشعوب الحرة المحب للسلام تتحرك بشعارات لا للحرب، وها هم الروس ينتفضون رغم العسف لا وألف لا للحرب، فالشعوب ترفع رايات الإنسانية . لا تجعلوا قلوبكم أفكاركم رهن تخوفات المؤامرة .

  3. الشي الذي لم يدركه الكثيرون ومنهم كاتب المقال هو ان الحرب علي اوكرانيا “شرك” نصب لبوتين للخلاص منه انها حرب الوكاله وهي لابد منها ياستاذ اذا كان المتحاربين يملكون السلاح النووي
    ما ذا كنت تريد من الغرب ؟
    الحرب المباشره مع روسيا … ؟
    سيفني العالم
    هذه حرب مخطط لها للخلاص من بوتين شعبيا ليتم التفرغ للصين

  4. استاذ كمال: اولا – لا اعتقد بأن هنالك منقذ للسودان سوى حمدوك ولكن هل وجد المساندة والدعم اللازم لكي يقود السودان الى بر الامان؟ انت تعلم بأن حمدوك لم يستهدف فقط محليا بل حتى بعض الجوار سعت بكل ما تستطيع للتخلص منه لانها تعلم بأنه ربان سفينة ماهر ولولا انقلاب البرهان وقفزته الغبية والكارثية في الظلام لتحقق الكثير. ثانيا – الشعب السوداني لا يحتاج لدرس من احد بل هو معلم الشعوب وشعب واعي ويعلم تماما بأن اعتماده على الغرب او الشرق لحل مشاكله في مواجهة الانقلابيين والعملاء والخونة لن يفيده لذلك ظلت نار الثورة متقدة وسوف تظل كذلك حتى الاطاحة ببرهان وجوقته.

  5. اذا كان هنالك درس مستفاد من حرب اوكرانيا فهي الا تضع نفسك بين المطرقة والسندان فاوكرانيا هي تقود حرب بالوكالة وهي الخاسر الاكبر من هذه الحرب التي تجري على اراضيها والمؤمن يجب ان يكون كيس وان يتفادى كل ما يعكر صفوه فقد كان اجدى بقادة اوكرانيا ان يبعدوا انفسهم من تجاذبات السياسة الغربية والشرقية فموقعهم الجغرافي لا يسمح لهم ان يكونوا اعضاء في حلف النيتو فروسيا لن ترضى بذلك واذا كنت انت مضطهد من قب لشخص لا تقوى عليه فعليك بخيارين لا ثالث لهم اما ان تهادن هذا الشخص وتعيش تحت رحمته وتتحاشى الدخول معه في مواجهة او ان تختار المواجهة لو الاستعانة بصديق لا تضمن مدى ملازمته لك وهذا ما اختارته اوكرانيا وهي تتحمل المسؤولية عندما رضيت باستفزاز الروس والتهديد بالانضمام لحلف النيتو

  6. التحليل السياسي يختلف تماما عن تحليل الكورة يا خينا
    العمله حمدوك في أقل من سنتين تاني ما بتعمل في أضعاف هذه الفترة
    سيبوا الحسد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..