الإسلاميون والرهان على الزمن

زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن عملية التحول الديمقراطي التي تعثرت من قبل التحالف السياسي ( العسكري – المدني) الذي حكم البلاد خلال الثلاث سنوات الماضية من الفترة الانتقالية ، و فشل في أنجاز مهامها ، والمعارضة التي تمت لهؤلاء ، وقادت في النهاية لانقلاب عسكري . كان المتوقع أن القوى السياسية جميعها تعكف على دراسة التجربة، و تقيمها ، لمعرفة الأسباب التي قادت للفشل والانقلاب ، لكن القوى السياسية لم يكن لها الاستعداد للدخول في تجربة تقييم للفترة ، ربما يكون ذلك ناتجا لضعف الثقافة الديمقراطية ، أو مرده ثقافة شعبية تعتقد أن الاعتراف بالفشل وتحمل مسؤولية هذا الفشل سوف يضعف قوة التنظيم في الشارع السياسي ، ولذلك هي تتجنب الخوض في مثل هذه التجربة ، خاصة أن الأحزاب السودانية اعتمدت منذ بداية تكوين الأحزاب في اربعينيات القرن الماضي أن تتبنى المنهج التبريري ، باعتباره منهجا لا يكلف السياسيين غير البحث عن شماع يعلقون عليها أخطائهم ، ويراهنون على ضعف الذاكرة الشعبية.
هناك حقيقة تحاول النخبة السياسية تغبيشها ، هي أن نظام الإنقاذ قد انتهى ، ولا رجعة له مرة أخرى . وحتى العسكر الذين كانوا جزء من اللجنة الأمنية للنظام ليس في مصلحتهم عودة النظام السابق ، ربما يكونوا هم أنفسهم طامعين في السلطة ، ولكن لا يضمرون فكرة العودة للنظام السابق . وفكرة الدولة العميقة نفسها هي (شماعة التبرير) هناك حقيقة أن تراكمات الثقافة الشمولية للنظام السابقة موجودة ، وستظل فترة زمنية طويلة يتعامل بها في الساحة السياسية ، حتى تنتج العملية السياسية الديمقراطية ثقافتها ، ولكن القوى السياسية ليست حريصة الآن للميل لفكرة إنتاج الثقافة الديمقراطية ، لا داخل الأحزاب ولا خارجها، أن سعي الذين يريدون العودة مرة أخرى للسلطة ، والذين يناهضونهم في ذلك يمينا ويسارا أيضا غير حريصين على إنتاجها من خلال فاعلياتهم ونشاطهم . لأن تغيير الثقافة الشمولية يتطلب تغيير داخل البناء التنظيمي للأحزاب وأيضا مراجعة حقيقية للمرجعيات الفكرية التي تتعارض مع الديمقراطية. أن عملية التحول الديمقراطية سوف تحدث تغييرا جوهريا داخل الأحزاب ، لذلك جميعهم يريدونها شعارات معلقة في الهواء ، ومعلوم أن أنقسام الساحة السياسية سوف يمد من عمر السلطة التي تحكم الآن ، وهي تبحث عن كل السبل التي سوف توقف بها المسيرات وحتى تضعفها ، القوى السياسية تجاهد بأن لا تتوقف المسيرات ، لكنها لا تبحث عن دعمها من خلال خلق توافق وطني داعم للعملية الديمقراطي ، هناك البعض الذين يضعون شروط للحوار بين القوى السياسية ، وكل ذلك يصب في مصلحة السلطة القائمة الآن . الكل يبحث له عن طرق تمكنه للوصول للسلطة لكي يحاول أن يخرج الفترة الانتقالية بتصوره وليس توافقا وطنيا ، وهذا يصب في مصلحة الشمولية .
في حوار كانت قد أجرته (العربي 21) مع غازي صلاح الدين العتباني رئيس كتلة (الإصلاح الآن) سألته أين أنتم من التفاعلات والتطورات الأخيرة التي يشهدها الشارع السوداني؟ .
قال العتباني “نحن موجودون ، في الشارع موجودون على طريقتنا ، وموجودون في اتصالنا السياسي مع القوى التي ظلت تُشكّل ظهيرا سياسيا وفكريا لنا . صحيح أننا نتعرض لما يشبه حرب إبادة غير مسبوقة من بعض القوى الإقليمية والدولية والمحلية ، لكننا نعلم أن فاعلية التيارات الإسلامية هي في المساقات المتوسطة والطويلة ، وهذا هو الذي نركز عليه”. أن العتباني يؤكد على رهانهم على الزمن ، أن طول الزمن سوف يخلق واقعا جديدا في الساحة السياسية ، تتغير فيه مواقف القوى السياسية نتيجة لعوامل عديدة منها تغيير طبيعة التحالفات ، أو أن يحدث تغييرا في ميزان القوى ، وقد حدث بالفعل من واقع التجربة ، حيث تعرض تحالف قوى الحرية والتغيير لشروخات عديدة، وصراع داخل البناء التحالفي ، وحدث أيضا خلافا بين الشركاء في السلطة أدى لانقلاب 25 أكتوبر ، حيث تغير المشهد السياسي كاملا ، أن الصبر والرهان على الزمن سوف يغير المعادلة في الساحة السياسية ، الغريب في الأمر أن الأحزاب السياسية لا تراعي للزمن مطلقا ولا تبحث تطوراته في مسيرتها السياسية ، أن الزمن له أثرا كبيرا في التحولات السياسية ، والذي نشاهده الآن حتى في المسيرات التي تخرج هل تشهد زيادة واتساع أم أنها تقل في عدديتها ،؟ هل القوى السياسية تفطن لذلك وتدفعها للتوحد أم تزيدها شروخا ؟ وهل الصراع على فردانية السلطة في مصلحة محاربة الانقلاب أم يزيد في عمره ؟ لا تجد أن القوى السياسية تدخل في مثل هذه الحوارات والإجابة على الأسئلة ، مما يؤكد أن الزمن بالفعل رهان للذين ينتظرون تغيراته في الساحة.
أن حديث العتباني أن الإسلاميين دائما يراهنون على السياقات المتوسطة و الطويلة ، هم يعلمون أن السلطة صراعا مستمرا لا يتوقف ، وهذا الصراع تتغير فيه النتائج والتحالفات . لذلك كان الأفضل للقوى السياسية التى عينها فقط على السلطة أن تعيد النظر في جدول أولوياتها ، وأن تراهن على عملية التحول الديمقراطية فقط باعتبارها الفكرة الجامعة ، وهذه تتطلب حوارا سياسيا لكي يخلق توافقا وطنيا وجمع أكبر قاعدة اجتماعية مؤيدة للعملية الديمقراطية. وتستفيد من دروس التجارب السابقة التي لم تمكن الديمقراطية في الحكم . نسأل الله حسن البصيرة.
إنت قبال إسبوع كنت بتهاجم مطالبة لجان المقاومة للأحزاب بتقديم نقد ذاتي وتقييم تجربة الشراكة، هسي مالك بتطالب بنفس المطالب الهاجمتها، هههه، دفعولك كم؟
مقال ممتاز وفيه نظرة عميقة لتطورات ومالات الاشياء كما فيه نقد في محلة للقوى السياسية لأنها للأسف متكلسة متجمدة لا تطور ولا تتطور وتتخبأ وراء الشعارات، فاليساريون على سبيل المثال انتجوا بعد الثورة مئات الشعارات وكانوا ميالين للغة الكراهية والاراء المتطرفة التي تسللت لبعض لجام المقاومة مثل شعار لا تفاوض لا شراكة لا شرعية
والسؤال الكبير جدا هو
ومن اعطاكم انتم ايضا الشرعية ومن فوضكم للحديث باسم السودان؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الموضوع كله قائم على التفاوض والتوافق وغير كدا ما في واحد احسن من واحد!!!
وقت عندك الفهم دا كله انزل الشا رع واعمل لك لجان مظاهرات مثل لجان المقاومة
تقديس النظام البرلماني هو ما اورد بالبلد مورد الهلاك ووقصر عمر التجارب الديمقراطيه لانه يعطي اللاحزاب سلطه مطلقه. في واقعنا السياسي يناسبنا النظام الرئاسي لانه يضع السلطه عند الرئاسه يقاسمه بنسبه اقل البرلمان وهو ما يعصم البلد من عبث وعدم نضج الاحزاب.