مدخلات الإنتاج.. بين غلاء الأسعار والتأثير على المنتجات

الخرطوم : أمين محمد الأمين
أجمع اقتصاديون و أكاديميون على أن معالجة القضية الاقتصادية ليست بمعزل عن معالحة القضية السياسية التي تمر بها البلاد، وحملوا ارتفاع صعود الدولار وغلاء الأسعار إلى انقلاب ٢٥ أكتوبر الماضي حسب قولهم، وأكدوا أنه بعد هذه الإجراءات توقف أهم مصدر لتوفر النقد الأجنبي الذي يأتي من الجهات الخارجية، وقالوا إن تأثير الوضع المعيشي على المواطن لا يحتاج إلى ضوء نهار، موضحين أن هناك انهياراً في البنيات التحتية للخدمات الطبية، ونادوا بضرورة العمل على تحسين الاستقرار في البلاد ووضع سياسات جيدة.
معاناة مواطنين
وشكا عدد من المواطنين من غلاء الأسعار في كل السلع الغذائية الأساسية، وقالوا إن هناك انفلاتاً غير مسبق على أسعار الدولار، مؤكدين أنه ما أدى إلى غلاء الأسعار، وأبدوا تشاؤمهم من الوضع المعيشي، وطالبوا الجهات المختصة بضرورة النظر بعين الاعتبار على أوضاع المواطنين المكتوين بنار الغلاء، وعزا المواطن عصمت عبدالله ما يحدث الآن في الأوضاع المعيشية إلى انشغال أجهزة الدولة بصراع الكراسي والسلطة، وقال إنهم بعيدون كل البعد عن معاناة المواطنين.
وعود كاذبة
وقالت الأكاديمية دكتورة سهير صلاح؛ إن زيادة أسعار السلع الغذائية الأساسية والدواء تأتي في ظل عدم الاستقرار السياسي والرؤية الضبابية في معالجة الأزمة السياسية السودانية، إضافة إلى عدم وفاء كل الذين وعدوا السودان بالدعم، وأضافت بأن السودان أوفى بشروطهم لكنهم لم يفوا، وأوضحت بأن واحدة من أكبر أخطاء الحكومات الثلاث؛ التي تكونت بعد الثورة، هو اتباع سياسة البنك الدولي بحذافيرها دون وجود أي معالجات للآثار الجانبية أو مراعاة حال المواطن ، لافتة إلى أن الجميع كان يركض خلف سراب الوعود الكاذبة من الغربيين.
آثار مستمرة
وتشير إلى أن جميع مدخلات الإنتاج في زيادة كبيرة خاصة الكهرباء والوقود، والتي لها تأثير كبير في تسعيرة أي منتج، مضيفة أن أي انخفاض في سعر العملة السودانية سيؤثر على غالب الأدوية ومدخلات صناعاتها المستوردة، موضحة بأنه كلما زاد سعر الدولار وانخفض سعر العملة السودانية؛ ارتفعت أسعار السلع، وقطعت بأنه لا يمكن أن تعالج القضية الاقتصادية بمعزل عن الاستقرار السياسي، وترى بأن الانتخابات ربما هي الحل الذي يضع البلاد في الطريق الصحيح، وتابعت : لكن حتى بعد الانتخابات ستظل آثار هذه السياسات مستمرة.
ضعف مرتبات
ولفتت الأكاديمية د. سهير إلى أن تأثير الوضع المعيشي على المواطن واضح ولا يحتاج لضوء نهار، وقالت إن هناك انهيارات في البنيات التحتية للخدمات الطبية ، إضافة إلى هروب الأطباء والكوادر الطبية بسبب ضعف المرتبات وعدم الاستقرار السياسي، إلى جانب عدم وجود أدوية منقذة للحياة وأدوية الطوارىء غير متوفرة وأسعارها ليست في متناول يد المواطن متوسط الدخل فما دون.
مزاد النقد
أستاذ الاقتصاد بجامعة النيلين مزمل الضي عباس أكد أن الأوضاع الاقتصادية والسياسية متكاملة مع بعضها البعض، وحمل صعود الدولار إلى انقلاب ٢٥ أكتوبر، وقال إن قبل الانقلاب ساد في الدولة نوع من الثقة بين المتعامل السوداني و البنوك بشتى أنواعها، مضيفاً إلى أن التعامل كان بين المتعاملين والبنوك، موضحاً أن بنك السودان المركزي قام بعمل بعض السياسات المتعلقة بمزاد النقد الأجنبي وتوفيره، مبيناً أن المواطن أصبح يشتري من البنوك والجهات الرسمية.
تقلبات سياسية
ولفت إلى أن هناك أشياء كثيرة توقفت بعد انقلاب ٢٥ أكتوبر الماضي، على رأسها عدم الاستقرار السياسي، قائلاً إنه يتمثل في المظاهرات اليومية والتقلبات السياسية، قاطعاً بأنه ما أدى إلى توقف أهم مصدر من مصادر توفر النقد الأجنبي التي تأتي من الجهات الخارجية مثل صندوق وبنك النقد الدوليين، ودول أخرى، وأكد أنه بمجرد توقف هذا المصدر حدث إضعاف وانخفاض للنقد الأجنبي في بنك السودان المركزي، وقال في حديثه ل”اليوم التالي” إن ذلك عجل من إعادة عدم وجود الثقة بين المتعامل والبنوك المختلفة في السودان، لافتاً إلى أن هذا عمل على تنشيط السوق السوداء وارتفاع معدل الدولار من ٣٥٠ إلى ٤٠٠ إلى ٦٠٠، متوقعاً في المستقبل زيادة أكثر من ذلك.
تحسين استقرار
وأوضح أستاذ الاقتصاد مزمل، أن ارتفاع الدولار يعني ارتفاع تكاليف إنتاج السلع المحلية أو المستوردة، وبرر ذلك لأنه يرتبط بالدولار وارتفاعه، قاطعاً أنه يعمل على زيادة سعر الوقود وبدوره سترتفع تكاليف النقل وإيصال السلع، وارتفاع الوضع المعيشي، وأشار إلى أن كل ذلك سيقع على كاهل المواطن، وأكد بأن ذلك سيعمل على انخفاض دخول الأفراد، وبرر ذلك لأن القوة الشرائية لدخول الأفراد ستنخفض، ذلك لأن ارتفاع الأسعار والتضخم يعمل على تآكل رؤوس الأموال، ولفت إلى أن الوضع المعيشي متدهور سواء كان تجارياً أو صناعياً، منوهاً إلى أن ذلك يؤدي إلى إشكاليات في المستقبل، وقال إن زيادة الدولار ستحدث خللاً، قاطعاً أن هذا الخلل يؤثر على الاستقرار السياسي والاقتصادي للدولة، مطالباً بضرورة العمل على تحسين الاستقرار في البلاد ووضع سياسات جيدة.
اليوم التالي