أخبار السودان

السعر التأشيري للقمح .. كسر أم تطييب خاطر المزارعين!

الخرطوم: علي وقيع الله

الإصابة بالذهول والصدمة، تلك العبارة هي التي تليق بوصف حال المزارعين الذين فوجئوا بالسعر التركيزي لجوال القمح وهم مقبلون على حصاد محصول القمح بولايات السودان المختلفة بدءاً من مارس الجاري، الأمر الذي سبب إحباطاً وسط المزارعين الذين شكوا من ارتفاع تكلفة الإنتاج وما صاحبها من إشكاليات خاصة في ولايتي الشمالية والنيل الأبيض بعد زيادة أسعار الكهرباء والوقود في مطلع العام 2022، وعطفاً على ما تم ذكره تحديد السعر التركيزي لجوال القمح بقيمة (43) ألف جنيه، أصبح القرار يرى آراء متباينة بين مؤيد ورافض المعلن عنه لشراء محصول القمح لحصاد هذا العام، ويرى اقتصاديون أن تحديد سعر (43) ألف جنيه لجوال القمح خطوة ممتازة وأنها ستنال رضا غالب المزارعين في السودان، ويعتقد البعض أن السعر التركيزي للقمح يتوقف على أن يكون مجزٍ في حال أنه تم وضعه على حسب سعر التكلفة التي ارتفعت مؤخراً.

في وقت يرى فيه مزارعو الولاية الشمالية أن القرار يتناسب مع مزارعي مشروع الجزيرة نظراً لتدفق مياه الري الانسيابي، وأن السعر المعلن لا يتناسب معهم باعتبار أن عمليات الري تتم بواسطة الطلمبات وبالتالي تكلفتها عالية لاستخدام الكهرباء والوقود في المساحات المستهدفة بالشمالية، بينما أبدى مزارعو مشروع الجزيرة موافقتهم بالسعر الجديد، مطالبين الدولة بتوفير الكاش لشراء المحصول من المزارع مباشرة.

تعديل السعر

يقول مدير عام وزارة الزراعة بالولاية الشمالية، المهندس محمد حسن إن السعر التركيزي المعلن بواقع (43) ألف جنيه هو غير المتوقع نظراً لتغير العديد من أسعار مدخلات الإنتاج لهذا العام، وقال كان من المفترض أن يكون الحد الأدنى للسعر التركيزي (58) ألف جنيه بالشمالية، وتابع السعر الجديد قد يتناسب مع مزارعي مشروع الجزيرة نسبة لانسياب الري بصورة سلسة مقارنة بالري عبر الطلمبات في الولاية الشمالية، وطالب بضروة أن تعالج الدولة بإجراء تعديل السعر التركيزي حتى يكون هناك اختلاف وذلك لمراعاة فوارق مدخلات الإنتاج مقارنة بالولايات الإنتاجية، وألمح إلى أنه الآن تسري حالة من الاستياء وسط المزارعين جراء السعر المعلن مؤخراً، وأكد الآن ليست هناك رؤية واضحة، بل حالة من الذهول والصدمة يعيشها مزارعو الولاية الشمالية.

 

محبط جداً

إلى ذلك قال مدير المشاريع بالولاية الشمالية، المهندس طه محمد جعفر إن السعر التأشيري للقمح المعلن مؤخراً محبط جداً للمزارعين، وتساءل لماذا تساوي الدولة ما بين الولاية الشمالية ومشروع الجزيرة نظراً لاختلافات طرق الري بالولايتين، ونوه إلى أن السعر (43) ألف جنيه غير متوقع، وكشف عن زيادات عقب إعلان السعر الجديد في تصاعد أسعار الخيش والوقود، ونبه الحكومة بعدم تحطيم المزارعين بمثل هذه الزيادات الأخيرة، وقال في تصريح لـ(اليوم التالي) إن المزارعين محتارون لجهة هذه الخطوة، إضافة لمزيد من الأعباء الواقعة عليهم جراء الزيادات المتواصلة في ارتفاع تكلفة الإنتاج، وتساءل من المستفيد من تعرض المزارعين لهذه الخسارة، مشيراً إلى ارتفاع سعر برميل الوقود (الجازولين) إلى (100) ألف جنيه.

قرار جائر

بدوره انتقد ممثل مزارعي ولايتي الشمالية ونهر النيل، عبد الوهاب محمد أحمد أنقراوي القرار المعلن حول السعر التركيزي للقمح من قبل الحكومة، واعتبر أن القرار جائر، وأكد أنهم سوف يناهضون القرار عبر المؤسسات والطرق المكتبية السليمة واتحادات المزارعين، ويرى أن السعر المعلن ليست له علاقة بمدخلات الإنتاج، ولفت إلى أنهم يستوعبون ما تمر به البلاد من ظروف اقتصادية، وقال إن المخرج من الأزمة في الإنتاج، وقال في يناير الماضي كنا في اجتماع في وزارة الزراعة ضم ممثلي مشروع الجزيرة وحلفا الجديدة والنيل الأبيض والولاية الشمالية ونهر النيل، وقبل الخوض في السعر التركيزي تطرقنا إلى المشاكل التي تواجه الإنتاج بالشمالية، ويشير إلى أن الولايات تتباين فيها تكلفة الإنتاج مقارنة بمضاعفته بالولاية الشمالية من حيث الأعباء التي ظهرت مطلع العالم من زيادة وقود وكهرباء، وذكر أن الإنتاج في الولاية الشمالية كان متوسط الفدان الواحد (20) جوالاً، بيد أن المناخ تغير والشتاء أصبح أقل من السابق، وكذلك تغيرت أسعار الجازولين، لذلك كان من المفترض أن يتم تغيير السعر بالنسبة لجوال القمح هذا العام، وعن السعر الذي تمت مناقشته في ذلك الاجتماع (53) ألف جنيه للجوال، تابع قائلاً: وزارة الزراعة قالت لن تعلن سعرين في عام واحد، ولفت في حديثه لـ(اليوم التالي) أنهم قابلوا رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وأخبروه بأن القمح زراعة استراتيجية بالولاية الشمالية تحديداً ولا يمكن مقارنتها مع بقية الولايات، وأضفنا له: إن البنك الزراعي لم يقم بالدور المطلوب في مسألة تمويل المزارعين، وذكر بدوره رئيس مجلس السيادة مؤمناً على حديثي أن البنك الزراعي لا يدعم المرحلة.

 

خسارة فادحة

فيما يقول المزارع إبراهيم عبد الفتاح أباروا بالقسم الشمالي بمشرع الجزيرة، إن السعر الذي أعلنته الدولة بواقع (43) ألف جنيه لجوال القمح غير مجزٍ في ظل التقلبات الاقتصادية التي تعترض البلاد، وأرجع إعلان السعر الجديد بناءً على حساب التكلفة للمساحات التي استهدفتها إدارة مشروع الجزيرة، وأكد أنهم بعد إعلان الدولة للسعر الجديد سيتعرضون لخسارة فادحة، وبالتالي أتوقع أن يهرب المزارعون إلى الأشغال البديلة ويتركوا مهنة الزراعة باعتبار أنها أصبحت غير مجزية بالنسبة لهم مع واقع ارتفاع تكاليف الإنتاج.

تثبيت السوق

أما عضو اللجنة المفوضة لتحديد السعر التركيزي للقمح لمزارعي الجزيرة، المزارع سفيان الباشا يعتقد أن المبدأ من تدخل الدولة في شراء القمح بمثابة واحد من أهدافنا كمزارعين، وقال نحن طالبنا وزيرة المالية بتحديد (53) ألف جنيه للجوال، وذلك بدراسة موضوعية حسب التطورات وارتفاع تكلفة المدخلات والتضخم في البلاد من أجل استمرار المزارع في الزراعة وكسب عوائد من ورائها من شأنها تحقق الاستقرار المعيشي لأسرته ومجتمعه، وأضاف وضعنا دراسة على (53) ألف جنيه، وتابع نحن مقدرون ما تمر به البلاد وأزمتها الاقتصادية، ورهن قبولهم بسعر (43) ألف جنيه بغية توفير الدولة السيولة لشراء المحصول مباشرة من المزارعين، قائلاً إن السعر المعلن سيعمل على تثبيت السوق، وفي الوقت نفسه مبدياً خشيته من انهيار أسعار القمح في ظل انخفاض بعض المحاصيل الأخرى، وبالتالي أصبحت أسعارها لا تغطي تكاليف الإنتاج، ويعتبر أن تثبيت السعر على هذا الحد مكسباً حقيقياً، وأكد أن تكلفة الفدان الواحد ثابتة من (4) إلى (5) جوالات وجاءت في نفس ما هو مطلوب، ويشير إلى أن القيمة والأرباح باتت مخفضة وفي النهاية هذا دورنا تجاه البلد، وأعلن  في تصريح لـ(اليوم التالي) عن موافقتهم على السعر الجديد، مؤكداً تسليمهم الإنتاج من القمح للحكومة بسعر (43) ألف جنيه، داعياً الدولة وإدارة مشروع الجزيرة الترتيب لعمليات الحصاد من توفير الخيش والضوابط والشؤون في البنك الزراعي فيما يتعلق بالوزن، وأكد لا نقبل بتسليم الإنتاج من غير وزن، وأردف قائلاً: هذه بمثابة حقوق لنا حتى لا تهضم، وطالب بتوفير الكاش من البنك الزراعي، وثمّن الجهود التي بذلتها الإدارة بالإنابة عنهم بمطالبتها لتحديد السعر المعلن.

 

سعر التكلفة

يرى المحلل الاقتصادي، د.محمد الناير أن  السعر التركيزي للقمح يتوقف على أن يكون مجزٍ في حال أنه تم وضعه على حسب سعر التكلفة، ويعرب عن أمله في أن يكون تم تحديده على دراسة جيدة ومنصفة للمزارعين، ودعا في تصريح لـ(اليوم التالي)، الدولة بالوقوف بجانب المنتجين وأن لا تعرضهم لخسارة نظراً لمتغيرات العالم وإمكانية حدوث نقص في الغذاء جراء استمرار الصراع الروسي الأوكراني الذي ربما سيؤثر ويفاقم من أزمة الغذاء في العالم، وبالتالي السودان تلقائياً سيتأثر جراء تلك الحرب، وحث الدولة على أن تتأهب بتوفير المال استعداداً لشراء محصول القمح.

خطوة ممتازة

فيما يرى المحلل الاقتصادي، الدكتور الفاتح عثمان محجوب أن السعر التركيزي للقمح الذي أعلنته الحكومة الانتقالية البالغ (43) ألف جنيه هو أعلى من السوق العالمية، واعتقد أن هذا ما قصدت به الحكومة للوقوف مع المزارعين مراعاة منها لارتفاع تكلفة الزراعة بسبب الزيادة الكبيرة في أسعار السماد عالمياً، ويعتبر أن هذا ما خلق صعوبات بالغة أمام الزراعة في المشاريع المروية في السودان.

وبحسب حديثه لـ(اليوم التالي) لكن المزارعين كانوا يأملون في سعر أعلى من ذلك، أي لا يقل عن (50) ألف جنيه، ويصف د.الفاتح خطوة الحكومة بتحديد سعر (43) ألف جنيه، بأنها خطوة ممتازة، ويعتقد أنها ستنال رضا غالب المزارعين في السودان، معرباً عن أمله في أن تشجع تلك الخطوة على التوسع في زراعة القمح مستقبلاً.

 

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. في السوق العالمي سعر طن اليوم أكثر من 1100 دولار (1146) مما يعني أن سعر الجوال حوالي 68000 جنيه سوداني وإذا أضفنا كلفة الترحيل لزاد على ال 70000 جنيه سوداني بحساب الدولار 600 جنيه سوداني. هذا يعني ببساطة أن حكومة الانقلاب تنهب جهد وعرق المزارعين.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..