أخبار السودان

إضراب أساتذة الجامعة بنكهة سياسية

جامعة الخرطوم تدفع ثمنا باهظا للأزمة السياسية في السودان

استمرار إضراب أساتذة جامعة الخرطوم يحمل طابعا اقتصاديا ظاهرا غير أن أسبابه الحقيقية سياسية.

المواقف السياسية تربك سير الجامعات السودانية

الخرطوم – دخل إضراب اللجنة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم، وهي أعرق الجامعات السودانية، الشهر الرابع دون ظهور استجابة للمطالب التي رفعها أساتذة الجامعة وحملت أبعادا اقتصادية ترتبط بتعديل هياكل الأجور اعتراضا على عدم تنفيذ الزيادات التي أقرتها وزارة المالية في حكومة عبدالله حمدوك الأولى.

ولم يخل الإضراب من أبعاد سياسية جراء الموقف الذي اتخذه أعضاء هيئة التدريس من رفض الانقلاب على السلطة الانتقالية، ما يعد سببا رئيسيا لتجاهل مجلس السيادة للحراك الذي أخذ منحى تصاعديا ينذر بصعوبة السيطرة على الأوضاع.

ووجهت مديرة جامعة الخرطوم فدوى عبدالرحمن علي طه استغاثة إلى مجلس السيادة عبر حديث مع إذاعة محلية أخيرا، حذرت فيه من “أن سمعة الجامعة ستكون على المحك حال استمر إضراب الهيئة النقابية وعدم مبالاة الدولة”.

وقررت الجامعة استئناف الدراسة منذ الثاني من يناير الماضي، إلا أن إضراب الهيئة النقابية للأساتذة أدى إلى توقفها في عدد من الكليات.

صلاح الدين الدومة: هناك موقف رسمي بتجاهل ما يدور في الجامعات

وقالت مصادر سودانية لـ”العرب” إن الطلاب الذين قدموا طلبات لترك الجامعة لا يمثلون تهديدا كبيرا لها بشأن استمرار نزيف التخلي عن الدراسة بالجامعة، غير أن المشكلة في وجود تراكم للدفعات نتيجة عدم انتظام الدراسة والامتحانات.

ويعود إضراب أساتذة جامعة الخرطوم إلى مطلع نوفمبر الماضي عندما قرر مجلس عمداء الجامعة تعليق الدراسة إلى أجل غير مسمى اعتراضا على “الاعتداءات التي وقعت من جانب عناصر ترتدي الزي العسكري على الأساتذة والطلبة واقتحام الحرم الجامعي ومدينة السكن الخاصة بالطلبة”.

وأعلنت الهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم في ديسمبر الماضي الدخول في إضراب مفتوح لحين تنفيذ زيادة الأجور التي أقرها مجلسي الوزراء والقومي للتعليم العالي، وحملت الجهات التي تعرقل تنفيذ الهيكل الراتبي تبعات عدم استقرار الوضع بالجامعات، والذي قد يؤدي إلى انهيار قطاع التعليم العالي في البلاد.

ويحمل استمرار إضراب أساتذة جامعة الخرطوم طابعا اقتصاديا ظاهرا غير أن أسبابه الحقيقية سياسية، فالقيادة الحالية هي من عرقلت قرارات سابقة بزيادة الأجور.

وثمة قناعة لدى العديد من الأساتذة بأن مواقفهم المعلنة في بيانات رسمية صادرة عن الجامعة برفض الانقلاب على السلطة المدنية دفعت نحو عدم تجاوب المكون العسكري مع مطالبهم المعلنة.

وأكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم صلاح الدين الدومة لـ”العرب” أن السلطة تتعامل بحالة من اللامبالاة مع مطالب أساتذة الجامعات التي لا تقتصر على جامعة الخرطوم، وذلك يرجع إلى الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد، فهناك موقف رسمي يؤدي إلى تجاهل ما يدور على المستويات الأكاديمية المختلفة.

ولا تنفصل المؤسسات التعليمية عن الحراك السياسي في البلاد على مدار عقود ماضية، وكانت جامعة الخرطوم جزءا رئيسيا في الثورة التي أسقطت الجنرال إبراهيم عبود في ستينات القرن الماضي، كما أن لتجمع أساتذة الجامعات دورا مهما في تسيير مظاهرات الشارع الحالية التي يقودها تجمع المهنيين لإنهاء الانقلاب على السلطة.

وتعتقد أطراف حكومية أن انشغال اللجنة النقابية لأساتذة الجامعة بالبحث عن مطالب فئوية لا يشكل تهديدا سياسيا على النظام القائم وليست هناك حاجة ملحة للاستجابة لهم، في حين أن هناك صعوبات عديدة تواجه الحكومة الحالية تجعلها غير ساعية للاستجابة إلى مطالب فئة ما، وبالتالي تجد نفسها أمام اعتصامات وإضرابات متتالية، تهدف إلى توصيل رسالة بأنها غير ساعية لتقديم تنازلات تبرهن على ضعف موقفها.

وقال أحد أساتذة الجامعة ويشارك بفاعلية في الإضراب، رفض ذكر اسمه، إن تعنت المسؤولين في تنفيذ قرارات وزارية صادرة من قبل يجعل شرارة الإضرابات والاعتصامات مستمرة مع تردي أوضاع أساتذة الجامعة والمعلمين بشكل غير مسبوق وأضحت الرواتب التي يحصلون عليها متدنية، ولم يعد هناك سبيل سوى الضغط بالمزيد من الأدوات المشروعة لتحقيق المطالب التي تنتظر تنفيذها.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن عدم انتظام الدراسة في الجامعة أمر يخدم السلطة الحالية التي تخشى من أن تتحول إلى بؤرة تنطلق منها مظاهرات وقودها الطلاب والطالبات، وبدلا من أن تلجأ مباشرة إلى غلق الجامعة، كما هو الحال وقت نظام الرئيس السابق عمر البشير الذي أوقف الدراسة مع انطلاق مظاهرات ديسمبر من العام 2018، تستند على عدم حضور الطلاب والأساتذة.

المؤسسات التعليمية لا تنفصل عن الحراك السياسي في البلاد على مدار عقود ماضية، وكانت جامعة الخرطوم جزءا رئيسيا في الثورة التي أسقطت الجنرال إبراهيم عبود

وتحدثت مديرة الجامعة عن الأضرار التي تعرضت لها جراء فض اعتصام القيادة العامة في يونيو 2019، وقدرت حصيلة الخسائر التي تكبدتها الجامعة بـ15 مليون دولار، لافتة إلى ما أسمته “الاعتداء الوحشي الذي تعرض له طلاب وطالبات داخل مجمع الوسط (سكن الطلبة) بعد اقتحامه عبر مسلحين عقب الانقلاب العسكري في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي”.

ويقوض الانسداد السياسي الحاصل في البلاد انتظام العملية التعليمية سواء أكان الأمر يتعلق بجامعة الخرطوم أو غالبية الجامعات والمدارس التي لم تشهد انتظاما منذ الثورة على نظام البشير، حيث لا توجد حكومة تملك القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة.

وهددت لجنة أساتذة الجامعات السودانية (لاجسو) بالإضراب الشامل والمفتوح حال عدم تطبيق الهيكل الراتبي الخاص بلائحة شروط خدمة مجزية، واتهمت الأمين العام للمجلس الأعلى للأجور بالإصرار على تمرير الهيكل الحالي المخفض دون عرضه على اللجنة الوزارية.

وتقود عملية التسييس إلى الخروج عن إطار العمل الأكاديمي وتضع المؤسسات التعليمية في بؤرة الصراع الدائر في السودان، وهي مسألة تواجه باعتراض فئات ترى أهمية الفصل بين المواقف السياسية وانتظام عملية التحصيل والتدريب والبحث.

وتقبع جامعة الخرطوم في مرتبة متأخرة من بين التصنيف العالمي “ويبومتركس” لأفضل خمسة آلاف جامعة حول العالم وحلت في المركز 2847 العام الجاري، وتقع على المستوى الأفريقي في المركز 89 وفي قوائم التصنيف العربي أحرزت المركز 102 مقارنة بالمركز 113 في التصنيف السابق.

وعقب الاتفاق السياسي الذي وقعه رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان مع رئيس الحكومة السابق عبدالله حمدوك، استقال اثنان من مديري الجامعات احتجاجا على الاتفاق المبرم، وهما مدير جامعة محمد الأمين أحمد محمد، ومديرة جامعة الخرطوم فدوى عبدالرحمن علي طه قبل أن تتراجع الأخيرة وطالبت أعضاء هيئة التدريس بتثبيت ما تحقق من مكاسب إدارية لصالح استئناف العملية الدراسية.

العرب

‫5 تعليقات

  1. سياسية ما سياسية.. راتب اعلى العلماء( خمسين الف جنيه)
    اقسمها لي على 30 يوم بفرض كونو اعزب لا يصرف على احد ويسكن بيت اسرته..

    اعلى العلماء اقصد استاذ بدرجة دكتوراة واستاذية..
    دع عنك محاضر بدرجة ماجستير .. دع عنك ذو الزوجة والاولاد ..

    كان خطأ الاساتذة الاكبر الصبر والسعي وراء الحلول الفردية منذ بدايات تقزم الراتب.. ولكن أما في رجال الدولة رحمة؟ ؟؟ الآن مثلا؟ ؟؟

  2. ياخي بطلوا احابيل الشيطنة هؤلاء المغلوب على أمرهم معشر الأساتذة والمعلمين لهم حقوق عادلة لا تقبل المساومة، فمرحبا بأي نسق فكري سياسي يتمشدق أو يجير مطالبهم لأهداف سياسية، والله ناس سوق الله أكبر أفضل منهم من حيث الدخل والوضع الاقتصادي، رجاء بطلوا الدغمسة.

  3. احسن حاجه يغلقوا جامعة الخرطوم دي اصلو كل بلاوينا جاية منها منذ الاستقلال وكل السياسيين عديمي الوطنية هم خريجيها.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..