مقالات وآراء2
خطر الزئبق في ولاية نهر النيل .. العلم يكشف الحقيقة (3)

خارج السياق
مديحة عبدالله
قام باحثون من جامعة النيلين والمجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية والجمعية السودانية لحماية البيئة بإعداد بحث حول التلوث بالزئبق في المناطق السكنية والمزارع في ولاية نهر النيل يناير 2022 في المنطقة بين عطبرة وبربر، فالزئبق يشكل خطرًا كبيرًا على حياة الإنسان والحيوان وكل مكونات البيئة، وبالنسبة للإنسان فهو يتسبب في حالة التعرض لفترات طويلة في حدوث اضطرابات عقلية تشبه أعراض ارتجاج المخ، إضافة إلى تأثر مراكز النظر والسمع والإحساس والحركة وحفظ التوازن، وتتسبب الملامسة المباشرة له في التهاب الأنسجة والحساسية وذلك لسهولة امتصاصه بواسطة الجلد.. وآثار أخرى تم الإشارة إليها في الأجزاء السابقة لعرض نتائج البحث.
أهتمت الدراسة بالمناطق التي تأثرت بشكل كبير بعمليات استخلاص الذهب في القرى الممتدة بين عطبرة وبربر مثل دار مالي، المكايلاب، القوز، السلمة، وعنيبس، والملفت أن معظم أصحاب الخلاطات من فئة الشباب(18-40) سنة، ويقيمون في الولاية، ورغم أن معظمهم تلقوا تعليمًا جيدًا ومدركون لمخاطر تلوث الزئبق، إلا أنهم لا يستعملون أيًا من أدوات ومعايير السلامة في عملية الاستخلاص ويدعون أنهم لا يعانون من أمراض بسبب ذلك النشاط، ويدفعهم العائد المادي الكبير منه لمزاولته دون اهتمام بعواقب التعرض للزئبق، مما يؤكد أهمية رفع الوعي وسط المواطنين بمخاطر تلك المادة، بل والأثر السلبي بعيد المدى على الزراعة التي كانت تشكل عماد اقتصاد الولاية..
هذا الجهد العلمي الكبير قام به فريق البحث وهم د. صالح علي صالح جامعة النيلين، د. عبد القادر الفاضل عبد القادر جامعة النيلين، د. عمر عبدالله أحمد حمدي جامعة النيلين، أ.د علي محمد علي الجمعية السودانية لحماية البيئة، أ.د أزهري عمر عبد الباقي الجمعية السودانية لحماية البيئة/ جامعة الخرطوم، أنمار قيس أحمد المجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية، د. نهلة عبدالله حسن الشيخ جامعة نيالا، لهم كل الشكر والتقدير، فهذا البحث اتطلع أن يجد الاهتمام الواسع من الإعلام والمجتمع المدني والقوى السياسية.
قيمة هذا البحث ترجع لنتائجه التي ستشكل الأساس لأي معالجة جذرية للمشاكل الناجمة عن التعدين العشوائي، ويفتح الطريق لتستعيد الجامعات دورها العلمي والمجتمعي الذي لا بد أن يكون في مقدمة الركب نحو مجتمع مدني ديمقراطي، مما يتطلب الدعم المالي الوافر للبحث العلمي وأن تتوفر للعلماء البيئة العلمية المعافاة ليقوموا بدورهم تجاه المجتمع…
الميدان