أهم الأخبار والمقالات

أساتذة الجامعات .. مَنْ يعرقل تحسين أوضاعهم؟

الخرطوم: علي وقيع الله

لأكثر من عام ونيف.. ظل يطالب أساتذة الجامعات السودانية بتطبيق الهيكل الراتبي الخاص بالجامعات الحكومية، وما أرغمهم على ذلك تفاقم الأوضاع الاقتصادية التي أسم\همت بشكل كبير في تآكل رواتبهم وعلاواتهم وغيرها، وبالتالي أصبحت رغبتهم في المواصلة في مهنة التدريس رهينة إنزال قرار الهيكل الراتبي الذي أصدر أمر تطبيقه رئيس الوزراء المستقيل د.عبد الله حمدوك في العام 2021 لكونه ضمن موازنة 2022، ورغم مضي موازنة العام الجاري وهي في الشهر الثالث من الربع الأول، إلا أنها لم تدرج تطبيق الهيكل الراتبي ضمن بنودها، الأمر الذي فيه إجحاف في حق أساتذة الجامعات السودانية، الذين بدورهم استشعروا ذلك معلنين عن إضراب بين الفينة والأخرى، وربما يفضي ذلك إلى عزوف الكثير منهم مهنة التدريس والتفكير في البحث عن بدائل تناسب عقولهم ومقاماتهم في موطنهم أو خارجه، كما أن محللين اقتصاديين يصفون الهيكل الراتبي الذي قدمته لجنة أساتذة الجامعات الحكومية بأنه هو مطلب عادل ويستحق أن تنفذه الحكومة السودانية، لأن المرتبات الحالية ضعيفة جداً ولا تكفي لعدة أيام ناهيك عن شهر، ويرى البعض أنه يجب تقييم أساتذة الجامعات بالوجه المطلوب وإلا فالنتيجة معروفة بالعزوف عن الوظيفة سواء بالهجرة أو البحث عن وظيفة أو عمل آخر وعدم التفرغ للجامعة.

خصخصة التعليم

يقول عضو لجنة أساتذة الجامعات السودانية، بابكر حمد عباس في تصريح لـ(اليوم التالي) إن وزارة المالية تحاول جاهدة خصخصة التعليم العالي بالتعنت في زيادة إيرادات وزارة التعليم العالي من الطلاب أسوة بالجامعات الخاصة، وبالتالي تصبح الجامعات الحكومية لأبناء الذوات من الشعب السوداني، وأكد ذلك من خلال إصرارها على ربط تنفيذ الهيكل الراتبي بزيادة إيرادات الجامعات وتوريدها لوزارة المالية، ومضى قائلاً: نحن في لجنة أساتذة الجامعات السودانية (لاجسو)، لا نوافق على ذلك لأننا نحن جزء من حل مشاكل المجتمع، فلا يعقل أن نسبب مشكلة لأولياء الأمور في تعليم أبنائهم في الجامعات الحكومية بدفع مبالغ مالية كبيرة، وتابع بحسب رؤية وكيل وزارة المالية أن تعدل الرسوم سنوياً وفقاً للدولار، مضيفاً لا يعقل أن تظل رسوم الدراسة للطالب ثابتة لكل سنين دراسته، وبدوره جدد د.بابكر رفضه قائلاً: (نحن لن نرضى أن تدفع مرتباتنا من مجهود آباء يكدحون طول يومهم لإطعام أبنائهم)، ونوه إلى أنه في حال عجز وزير المالية أو أي مسؤول آخر عن التخطيط السليم، عليه بتقديم استقالته غير مأسوف عليه، ويعتبر أن المناصب العليا أمانة وليست حكراً على أحد، داعياً إلى أن يحدث تطوير مستمر وينعكس إيجاباً في معيشة الناس.

حقوق الطلاب

وجدد د.بابكر أنه سوف يستمر الإضراب باعتبار أنه السلاح الوحيد، وأضاف: كما قلت للسيد وزير المالية فى أول اجتماع لنا معه فى الأول من فبراير (أنت حينما أحسست بالظلم حملت السلاح ولم تضعه إلا بعد أن أحسست برفع الظلم عنك، وكذلك نحن سلاحنا الإضراب ولن نضعه إلا بعد رفع الظلم عنا)، وقال نحن نعرف معاناة أبنائنا الطلاب وأسرهم، ونحن كذلك أبناؤنا طلاب يعانون مثلهم، إلا أنه تساءل كيف يستقيم الأمر أن يطلب منا فك الإضراب ونقوم بالتدريس وابنك قابع فى المنزل لم يذهب إلى محاضراته لأنك لم توفر له تكاليف المواصلات فقط ناهيك عن وجبة الفطور مع زملائه؟.. وذكر أن القضية لم تعد الإصرار على الإضراب لتنفيذ الهيكل الراتبي بقدر ما هى الحفاظ على حقوق الطلاب القادمين فى الحصول على تعليم متاح في الجامعات الحكومية لا يقوم على قدرات الآباء المادية كما ترغب وزارة المالية، بل يقوم على قدرات الطلاب الذهنية ومقدار تحصيلهم على نسبة الدخول في الكلية المعنية في أي جامعة حكومية، وأوضح ليعلم أبناؤنا الطلاب وأسرهم أن الإضراب ليس لمصلحتنا فقط ولكن لمصلحة أبناء هذا الشعب والحفاظ على ما تبقى من تعليم عالٍ حكومي.

جسم مهم

يقول عضو لجنة أساتذة الجامعات السودانية، د.ياسر عبد الرحمن كنا نحسب الاجتماع الأخير مع وزير المالية أن يكون ميلاداً للتعليم العالي، بيد أنه كان عكس أمنياتنا، وأكد في تصريح لـ(اليوم التالي) أن وزير المالية ووكيل المالية وإدارتها متفقون على أنهم غير ملزمين بتنفيذ الهيكل الراتبي لأساتذة الجامعات الذي أصدره د.عبد الله حمدوك رئيس الوزراء المسقيل بتنفيذه في موازنة 2022، وقال إن وزير المالية أكد لهم أنهم معنيون بتقديم الدعم لوزارة التعليم العالي في الموازنة بقيمة (36) مليار جنيه، وأوضح أن القرار بتنفيذ الهيكل الراتبي يجب أن يمول من وزارة المالية، علماً بأن الجامعات تعمل باستقلالية ونزاهة، وأردف قائلاً: (نحن الدكاترة وأساتذة الجامعات أي زول فينا بمشي يشوف ليه ركشة أو طبلية ويطلع مصاريف أبنائه)، في الوقت نفسه أبدى قلقه من أن تفقد الدولة هيبتها طالما يقابل أساتذتها بعدم التقدير، وقطع بأنه لا توجد دولة بلا جامعات، وكشف عن (126) ملياراً الهيكل الراتبي لأساتذة الجامعات، أي بمقدور وزارة المالية الإلتزام به، لافتاً إلى أنه لا يوجد احترام في الدولة للقرارات السيادية والصادرة من مجلس الوزراء وليس هناك اعتراف بالجامعات داخل الدولة، إلا أنه يرى أن التعليم العالي جسم مهم في الدولة لعنايتها بمستقبل الأبناء، ويضيف د.ياسر أنهم عقب الاجتماع مع وزير المالية أمس الأول، ذهبنا واجتمعنا مع وزير التعليم العالي، ومن خلال الاجتماع طالبنا برفع الهيكل الراتبي للمجلس السيادي لإنصاف الحقوق.

إصلاح التعليم

بينما يرى الباحث الاقتصادي، الدكتور هيثم محمد فتحي أن الإنسان هو أساس نجاح أو فشل أي منظومة، وأقر بأن إصلاح التعليم يبدأ بإصلاح التعليم الجامعي الذى يبدأ بمواجهة مشكلات عضو هيئة التدريس، ويعتبر أن إصلاح الجامعة يعني إصلاح الخريجين بأن يكون خريج الجامعة على مستوى متميز، ويشير إلى أن إهمال أساتذة الجامعات يعني تدني مستوى الخريجين في كل التخصصات، ولذلك فإن الاهتمام بمشكلات أعضاء هيئات التدريس حق مجتمعي لكل فرد في المجتمع، وشدد على ضرورة أن تكون مرتبات أستاتذة الجامعات بقدر الحد الذي يسمح بحياة كريمة لهم ولأسرهم، بجانب زيادة المعاشات لهم وتوفير منظومة رعاية صحية متكاملة لأعضاء هيئة التدريس وأسرهم.

ثروة بشرية

وحث د.هيثم عبر تصريح لـ(اليوم التالي) على ضرورة تقييم الدكتور الذي حصل على الدكتوراة وأنفق الكثير من المال والجهد، فهم ينفقون جزءاً كبيراً من رواتبهم على الأبحاث ونشرها، وقال إذا لم يتم تقييمه بالوجه المطلوب فالنتيجة معروفة العزوف عن الوظيفة سواء بالهجرة أو البحث عن وظيفة أو عمل آخر وعدم التفرغ للجامعة، وأبان أن راتب أستاذ الجامعة أصبح لا يتناسب تماماً معه ولا مع توفير جميع متطلباته سواء في حياته الاجتماعية أو العملية، وبالتالي رغم تدني المرتبات يُطلب منهم كأعضاء هيئة تدريس القيام بأبحاث حتى تتم ترقيتهم، وناشد الحكومة بالاهتمام بأعضاء هيئة التدريس، لأنهم ثروة بشرية وطنية سودانية تستدعي أن يحافظوا عليها بدلاً من أن يضيقوا الخناق عليهم.

مطلب عادل

ويصف المحلل الاقتصادي، الدكتور الفاتح عثمان محجوب الهيكل الراتبي الذي قدمته لجنة أساتذة الجامعات الحكومية بأنه هو مطلب عادل، وأكد أنه يستحق أن تنفذه الحكومة السودانية، لأن المرتبات الحالية ضعيفة جداً ولا تكفي لعدة أيام ناهيك عن شهر، لكنه يقول في حديثه لـ(اليوم التالي) هذا هو حال كل الموظفين في حكومة السودان ومرتب الأستاذ الجامعي هو جزء من الهيكل الموحد للموظفين الحكوميين.

حل وسط

وذكر د.الفاتح أن رد وزارة المالية جاء فيه أنها لا ترفض الهيكل الراتبي المقترح لأساتذة الجامعات، ونوه لكنها ببساطة غير قادرة على تمويل هذا الهيكل من دون أن يتم توريد كافة إيرادات الجامعات الحكومية إليها، ويرى أن ذلك هو الشرط الأساسي لتقبل تنفيذ الهيكل الراتبي الذي يطلبه أساتذة الجامعات، ومضى قائلاً: بينما تتمسك الجامعات بأن الأموال التي تفرضها على الطلاب تستخدمها في تسيير الجامعات وبالتالي هي ترفض تسليمها لوزارة المالية، وأوضح لا بد من حل وسط بين الطرفين يتمثل في تبني الجامعات لتمويل مرتبات الأساتذة من مواردها الخاصة على أن تلتزم وزارة المالية بزيادة دعمها لمرتبات الجامعات خاصة وأن الجامعات الخاصة تدفع بالكامل أجور الأساتذة وتفرض رسوماً شبيهة برسوم طلاب الجامعات الحكومية وأحياناً أقل بكثير منها، وطالب على الجامعات الحكومية أن تعيد هيكلة نفسها لتكون أكثر رشاقة وأكثر فاعلية وأن تستفيد من مواردها المالية بشكل أفضل.

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..