أخبار المنوعات

الطرقة بـ(300) جنيه.. الآبري.. (حلو) المذاق (مر) التمن..

الخرطوم: مي عزالدين

جنون الأسعار الذي ضرب الأسواق، لم يستثنِ هذه المرة الآبري، حيث دخل المشروب الحصري لشهر رمضان القائمة السوداء وباتت تكاليف مكوناته باهظة الثمن لدرجة أن بعض الأسر صرفت النظر عن تحضيره رغم أهميته التاريخية باعتباره من العادات والتقاليد العريقة لاستقبال الشهر العظيم الذي بات على الأبواب..

وقبل حلول رمضان على نحو شهر وربما يزيد عن ذلك تبدأ الأسر في تحضير المشروب الذي يمر إعداده بمراحل قبل أن يصل في النهاية إلى (العواسة) التي تتم في العادة بطقوس تشترط تجمع النساء في الحي أو المنطقة في عملية تكافلية حيث تجلب كل واحدة معها ما تيسر من السلع التموينية أو الطعام للمساعدة، ولكن (لمة العواسة) التي كانت سائدة في السنوات الماضية السحيقة، تخلت عنها الغالبية من الأسر في المدن الكبيرة، فيما لا زالت تتمسك القرى والمناطق الريفية بتلك العادات العريقة..

وبالرغم من الظروف القاسية التي تمر بها البلاد تتحدى العائلات والأسر الوضع المأساوي وتقوم بتحضير المشروب حيث تجد الدخان مصحوباً برائحة الآبري يتصاعد من داخل بيت أو بيتين في كل شارع، ولجأت الغالبية الغالبة من نساء المدن استئجار (عواسة)، فيما اختار بعضهن شراء (الآبري) الجاهز الذي وصل سعر (الطرقة) الواحدة 300 جنيهاً، فيما أصبح سعر الجردل الذي يعد مقياساً تقليدياً ما بين 7 إلى 9  آلاف جنيه، وهو يعد ثمناً خرافياً لم يصل إليه المشروب من قبل..

وتقول الحاجة (زينب) بائعة الآبري بمدينة بحري: أصبح الوضع صعب بعد ارتفاع الأسعار بطريقة جنونية بما في ذلك مكونات الآبري المتمثلة في الذرة المحلية والبهارات وغيرها، وهذا بدوره رفع أسعار الحلو مر حيث باتت القطعة الواحدة بـ300، وهذه السعر كان في السابق يساوي كل الكمية التي تكفي الشهر بأكمله..

وتضيف الحاجة زينب: ارتفاع الأسعار هذا العام أثر على حركة الشراء وقسم الزبائن حيث اشترى بعضهم كمية أقل مما كان في السابق، فيما تخلى آخرون عن بيعه وبحثوا عن بدائل، وحتى الذين يشترون الآبري إلى أهلهم في السعودية والخليج وغيرها في دول الخارج غالبيتهم صرفوا النظر، وهذا يحدث لأول مرة..

وعن طريقة تحضير الآبري تقول (فاطمة) التي تعمل بالإيجار: أولاً توضع الذرة نوع (الفتريتة) على الخيش وترش بالماء لأيام حتى تنبت وتسمى هذه العملية بـ”الزريعة”، بعد ذلك تجفف الذرة النابتة وتطحن وتطبخ في النار لتصبح “مديدة” توضع عليها أنواع معروفة من البهارات، ثم تأتي بعد ذلك عواسة المديدة في صاج ثم تجفف وتحفظ اللفافات داخل أوعية أو كراتين حتى دخول رمضان الذي فيه يتم وضع لفافات الآبري في الماء منذ الصباح وعند اقتراب موعد الإفطار تتم تصفيته ويضاف إليه السكر والثلج ويقدم مشروب مفيد وحصري..

يتفق الجميع على أن الآبري المعروف بـ(الحلومر) مشروب مرتبط بشكل وثيق بشهر رمضان، وله قيمة معنوية كبيرة باعتباره ضمن العادات والتقاليد المهمة عند المجتمع السوداني، ولكن بعد ارتفاع أسعاره هذه المرة أصبح الآبري (حلو) المذاق و(مر) التمن..

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..