
تأمُلات
كمال الهِدَي
. لا شاغل للأهلة هذه الأيام غير الحديث عن المدرب موتا ، حيث ينقسمون ما بين مطالب بإقالته فوراً وبين مؤيد لفكرة بقائه لأطول وقت .
. ومشكلتنا الأساسية كسودانيين دائماً أننا لا نواجه أنفسنا .
. نتلذذ ونسارع بمناقشة عيوب غيرنا ، لكن يعز علينا جداً مراجعة أنفسنا حول الكثير من عيوبنا .
. ولو فكرنا بتروٍ في الحملات المستعرة إعلامياً ضد موتا وتأملنا عناصر الفشل سنجد أننا أهم عنصر وراء هذا الفشل.
. لن أجنح لتنظير بالحديث عن انعدام منظومة الكرة أصلاً في البلد لأننا شعب يرغب في النجاح دون أن يوفر معيناته .
. الكثير من الأهلة يصفقون للجنة (التطبيع) لكونها قد وفرت المال ، ويظنون أن موتا وجهازه المعاون ولاعبيه بلا أعذار لأن الكاش متوفر وما عليهم سوى تحقيق النتائج الجيدة.
. ويفوت علينا دائماً أن المال وحده لا يكفي .
. ولنسأل أنفسنا عن جدوى توفير راتب المدرب الكبير ما دام بعضنا يتحدثون ليل نهار عن تدخل أطراف أخرى في عمله .
. وهب أنهم أقالوه صبيحة الغد وحل مكانه أحد أعظم المدربين في العالم فهل سوف تُحل المشكلة بهكذا خطوة ! .
. الإجابة عندي أن المشكلة لن تُحل إطلاقاً بمثل هذه الخطوة .
. فليس هناك مدرباً بلا عيوب في هذا الكون .
. وطالما سُمح بتدخل محلل الأداء ، المترجم أو غيره في عمل موتا ، فسوف تظهر مشاكل جديدة مع أي بديل له .
. لماذا ! .
. لأن هذا مؤشر على غياب النظام الذي يحدد طريقة عمل موتا ، مورينهو ، أو غوارديولا لو قُدر لهما تدريب الهلال .
. لكل واحد من مشجعي الهلال مرشحه لتدريب الفريق وبرضو نلوم الإداري إن فرض لاعباً أو تدخل في شأن فني لا يخصه .
. إذا المشج القاعد في بيتهم يود أن يتدخل بشكل أو بآخر فيما لا يعنيه (لايمين) الإداري ليه!.
. ألا يمثل مثل هذا السلوك قمة التناقض ! .
. نساهم جميعاً كإداريين وإعلاميين ومشجعين في المشاكل وعندما تقع الفأس في الرأس نبحث عن شماعة المدرب .
. بالأمس القريب احتج بعضنا على الخلاف الذي حدث بين موتا ولاعبه عبدالرؤوف الذي رفض الدخول في وقت متأخر من اللقاء .
. وفي لحظة انفعال تجاه الهزيمة الثقيلة أيد البعض موقف عبد الرؤوف الخاطيء وقالوا أن من حقه أن يرفض لأن موتا فاشل .
. هكذا نحن نميل في لحظة انفعال نحو هدم المعبد بمن فيه ، وفي ذات الوقت نريد أن نصبح ابطالاً لأفريقيا .
. أياً كان موقفنا من موتا لا يفترض أن نساعد لاعباً ولو كان في جودة رونالدو في تدمير المباديء والتقاليد .
. لاحظوا أنني لم أقل تدمير النظام لأنه لا يوجد نظام أصلاً .
. لكن تخيلوا إن غادر موتا اليوم وحل مكانه غوارديولا وطلب من لاعب الإستعداد لدخول الملعب فرفض أسوة بما فعله عبدالرؤوف فهل سندعم موقف اللاعب أم غوارديولا ! .
. المباديء لا تتجزأ ، لكن نحن نجزأها ونحيكها مثل الثياب لكي تتماشى مع أهوائنا ، وبرضو في النهاية العيب في المدرب .

. حتى عندما يتناول الزميل المحترم محمد الطيب الأمين المشاكل التي أشار أكثر من مرة إلى أن المدرب يثيرها مع اللاعبين (الكبار) ، فاللوم المباشر يفترض أن يوجه للإدارة التي لم توفر نظاماً يحكم العلاقة بين المدرب واللاعبين .
. وهؤلاء (الكبار) ليسوا كذلك في نظري طالما أنهم يسربون هذه النوعية من الخلافات للإعلام .
. ولو كانوا كباراً بحق لناقشوا مشاكلهم مع المدرب ضمن إطار دائرة الكرة أو حتى مع بقية أعضاء اللجنة لكي تُحل بهدوء ولا تستفحل ، سيما أن ناديهم يخوض منافسة قارية يتعقد فيها وضعه يوماً تلو الآخر .
. فأرجوكم لا تلوموا موتا وحده طالما أننا جميعاً شركاء في الأزمة .
