زمان الرداءة

محمد حسن شوربجي
اسفي والله فكل موازين بلادي قد انقلبت رأسا علي عقب ..
فلقد نهبت كل الثروات ..
وسرقت كل الخيرات ..
وأهينت كل الكرامات ..
والبلاد في سيولة امنية..
وكل يوم شبابنا يقتلون ببنادق عسكرية ..
ولا محاكمات للمجرمين ولا مسآلات عدلية ..
وعقلاء بلادي مغيبون ..
وجهلاء الزمان مسيطرون..
والفساد تغلغل بيننا وتسرب عبر الأظافر والرموش والدقون ..
فهناك مافيات تتحكم في الارزاق ..
وهناك ذهب يهرب ..
وهناك سلع عبر الحدود تتسرب ..
والحال أبلغ من ان يوصف..
فهي اشبه بقصة حيوانات في غابة ..
أسد وذئب وحمار ..
فالذئب وبخدعة قد ربط الاسد إلى شجرة ..
وشد وثاقه واحكم عقدته وزجره ..
وبينما الأسد يحاول تخليص نفسه مر به حمار مسكين ..
وقال له : هل لي ان فككتك من رباطك هذا ان تجازيني ..
رضي الأسد بالعرض العجيب ..
واستفسر الحمار مشاورا عن تفاصيل عرضه وجائزته قبل المغيب ..
فطلب الحمار ان يتقاسم والاسد حكم الغابة .. فرد الأسد عل مضض وهو غضبان .. فكـني وخذها بأكملها فلا حاجة لي بغابة يربط فيها ذئب اسدها ..
ويفك فيها حمار ملكها ليتقاسم ملكها ..
نفس حالنا اخوتي وما حدث لحمدوك في الاقامة الجبرية ..
فقد تم التحفظ عليه وسجنه بين جدران بيت بالقوة العسكرية ..
فطلب من السيادة فك اسره ..
فساوموه ليترك لهم حكم السودان مقابل فك اسره ..
وان كان ليس من المنطق أن يلتقي هؤلاء في حكم السودان ..
وليس كذلك من المنطق أن يربط اسد بواسطة ذئب ..
وليس كذلك من العقل ان يفك حمار مسكين اسد من قيده ..
وليس كذلك من الحكمة أن يتنازل اسد عن ملكه ..
ولكن هي والله اشبه بحالنا وزماننا الرمادي ..
فهي الرداءة وقد حلت بنا..
فلقد سيطر الجهلاء علي زمام كل الامور ..
وعمت الفوضي والنهب والتسيب كل الاركان والثغور ..
وليس غريبا ان يخرج أصحاب الكفاءات والشهادات العليا في العلوم والتكنولوجيا والآداب من نافذة المنطق والحقيقة الي الشوارع والمنافي والسجون والمعتقلات ..
وان كان المنطق يقول انه لابد ان يبقى الاسد أسدا وان كان مقيدا ..
وان يبقي الحمار حمارا وإن علا نهيقه ..
وان يبقي الذئب ذئبا وإن عوي الليل كله ..
اللهم اخرجنا مما نحن فيه..
الله ارحمنا من زمان الرداءة..
اللهم اصلح حالنا..