محاولات يائسة لاكتساب شرعية ٢٣ مارس ٢٠٢٣م ..!

احمد بطران عبد القادر
لقد مرت ثورة ديسمبر المجيدة بمحطات خطيرة ولحظات عصيبة لكنها كانت تتخطي كل المراحل تلو الاخر منتصرة بحول الله وقوته ثم بصمود شبابها وصحوتهم علي كل الأعداء ومستمرة في صرعهم وافنائهم علي بكرة ابيهم فعندما كان يهتف الثوار في ساحة الاعتصام بمحيط القيادة العامة لا حوار مع القتلة كان عناصر النادى القديم يتسابقون الي الفوز بثقة العسكر وكانت الرأسمالية الطفيلية تتحرك جيئة وذهوب لتقرب وجهات النظر(حفاظا على مصالحهم) بين المدنيين والعسكر الطامح بالفوز بكل الغنيمة كيف لا وقد نشأ تحالف جهوي بين حملة السلاح (لقاء انجمينا – اسمرا) اعداء الامس؟ . ليهيمنوا علي مفاصل السلطة في الدولة السودانية المهددة بالحرب الاهلية والتقسيم واتساع دائرة التدخلات الخارجية والذي اتخذ من منبر جوبا قاعدة لبث سمومه وحبك شراكة وشراكته مع العسكر ووضع اشتراطاته للسيطر علي الدولة ثم تصفية الثورة عبر الطامحين في المناصب القيادية ليزدادوا ثراءا علي ثراء لم يبزلوا عليه جهد سوى استغلال دماء ضحايا الابادات الجماعية ودموع الثواكل في مخيمات النزوح ليحكموا قبضتهم علي السلطة وينفذوا من خلالها مشاريع ترضي طموح أولياء نعمتهم عملاء الإمبريالية ورسل الحروب والكروب ونهب ثروات وموارد الشعوب والاستيلاء علي كل مغتنياتها وموروثات شعبها وكسر ارادته بالتركيع والتطبيع والتجويع والتلويح بالحرب والمصير المجهول
وهكذا مضت مؤامرة سلام جوبا والمتحالفون معا جهويا وإقليميا ودوليا ولم ينتبه احد لان الكل كان يعتقد ان حملة السلاح انما كانوا يريدون وطنا يتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات والحريات تتحقق فيه العدالة والعدالة الانتقالية وتحدث فيه تنمية متوازنة تعالج بعض من اختلالات الدولة السودانية .
اكتملت حلقة المؤامرة بتنفيذ انقلاب ٢٥ اكتوبر بقيادة رئيس مجلس السيادة المنتهية ولايته بمباركة من بعض الدوائر الدولية الغير مستترة بالنسبة لنا وغطاء ثوري مصنوع وخطاب سياسي خادع يكلم الناس عن ضرورة تصحيح مسار الثورة وانقاذ البلاد من ايادي اقلية مختطفة المشهد لابدال تمكين بتمكين ولعمري هذه المزاعم كذبة كبيرة وكلمة باطل اريد بها باطل فالذين انقلبوا علي سلطة الانتقال كانوا يحوزون علي السلطة عبر واجهات مفخخة اخترعوها لتصفية قوي الثورة وابدالها وازلالها وانزالها علي رغبتهم في التنكر لأهداف الثورة ومطلوبات الانتقال .
لكن الغريب في الأمر انهم سعوا بكل ما أوتوا من قوة لحزب لجان المقاومة لصفهم ترغيبا وترهيبا ولكن هيهات ان يستجيب لهم اخوان الشهداء (عبدالسلام كشة وعبدالعظيم واحمد الخير الي اخر شهيد مازال يغرس في الارض بزور التضحيات) وقد ركزوا جل جهدهم في محاولات يائسة لإقناع قيادة الغرفة المشتركة للحراك الثوري لتصبح حاضنة بديلة عن الحرية والتغيير لتتفاوض مع السلطات الانقلابية وتقبل تسوية سياسية يخادعون بها أحرار العالم والمجتمع الدولي الداعم لعملية الانتقال لكنهم واجهوا مزيد من الصمود والتصعيد الثوري الرافض لإشراك العسكر في إدارة الدولة نهائيا باي شكل من الأشكال والمدرك لحجم المؤامرة علي الثورة والدولة والقادر علي المواجهة وكشف مكائدهم
فالغرفة المشتركة للحراك الثوري ليست حزبا سياسيا ولا تنظيما ثوريا واحد انما منظومة عمل جماعي مقاوم لكل اشكال الردة والمساومة منظم منضبط متسق مع توجهات الثورة وغاياتها في التحول الديمقراطي وترسيخ قيم الحرية والعدالة والسلام والحفاظ علي الوطن موحدا ارضا وشعبا وتضم لجان المقاومة بالمركزيات المختلفة بولايات السودان وعدد من الاجسام الثورية والمهنية والمطلبية ولجان المقاومة بأروبا والامريكتين وكندا واستراليا والعالم العربي
كانت من اوائل الرافضين للإنقلاب العسكري 25 إكتوبر و الداعيين لمقاومته وكذلك رأت ان الإتفاق الإيطاري21 نوفمبر يعقد المشهد ولا ينتج حلا للأزمة السياسية المتسبب فيها أصالة العسكر ونشاطه السياسي الحامي والملحوظ والمرفوض شعبيا ومنطقيا فالوثيقة لم تتحدث عن شراكة انما نصت علي هياكل سلطة الانتقال وان يمثل العسكر في المجلس السيادي بخمسة اعضاء تنتقل الرئاسية منهم الي القوي المدنية بعد ٢١ شهر وكانت من اعظم الاختراقات لها هي ربط اكمال هياكل سلطة الانتقال بسلام السودان بمنبر جوبا الذي مدد للعسكر فترة وجودهم في السلطة دون اي مسوق قانوني او مرجعية دستورية .
وإيمانا منها بضرورة وحدة الصف الثوري عقدت الغرفة المشتركة للحراك الثوري لقاءات مكثفة مع قوي الثورة لتأسيس مركز قيادة موحد لهزيمة الإنقلاب وإكمال مهام الثورة وتحقيق كل أهدافها وتضم 64 جسم ثوري ومطلبي إضافة لمركزيات لجان المقاومة وبعض التنسيقيات واللجان المهنية وهي ملتزمة بخط الثورة الا تفاوض لاشرعية لا شراكة .
وقد صدرت عنها بيانات تؤكد ذلك في اكثر من مناسبة وهي من الشارع الثوري ولا تأتمر الا بأمره ولا تدعي تمثيله انما هي جزء من كل لا يتخطاه ولا يتعداه إنما يصطف معه في خط الثورة (الكتف بالكتف) .
وفي خطوة غريبة للقوي الانقلابية واثناء طوافهم علي لجان المقاومة في معية ثوار مزعوميين مدعومين يؤيدون الإنقلاب العسكري ..! . حاولوا تسويق احد المرشحين لرئاسة مجلس الوزراء علي انه رجل الثورة جاء الرد كافيا شافيا لو كانوا يعقلون من الثوار الحقيقيون في لجان المقاومة اننا نلتزم باللاءات الثلاث لا تفاوض لا شراكة لا شرعية واننا لا نعترف بلإنقلاب العسكري وماتبعه من إجراءات ونحن نتطلع مع غيرنا من مناضلين شرفاء الي إعادة بناء الوطن بعد هزيمة الإنقلاب ومحاكمة فاعليه
فالذين يبحثون عن مصادر ثراء وشهرة أيدوا الإنقلاب وأصبحوا يتحركون بأمره وخططه وقد زعموا انهم يديرون حوارا ثوريا ثوريا وصولا لتوافق وطني يشترط فيه الإبقاء علي السلطة الانقلابية بكامل هيئتها ولكنهم لم يفلحوا ولن يفلحوا..!.
فمرارة التجربة الانتقالية وما صاحبها من معوقات وتحديات مصنوعة ومؤامرات لشق الصف الثوري ومحاولات شراء الذمم واجهاض الثورة لن تسمح لقوي الثورة خصوصا الشبابية العودة الي ما قبل الإنقلاب العسكري في ٢٥ اكتوبر ولن تقبل باي شراكة للعسكريين في إدارة الدولة وقد هتفت الجماهير بعودة الجيش للثكنات وحل قوات الدعم السريع وتحفظت علي بعض النقاط في سلام جوبا ورفضت أغلبه خصوصا احتكارهم لتمثيل أقاليمهم في دارفور والنيل الأزرق دون الاخرين كما رفضت هيمنة وتمدد الجبهة الثورية الي كل السودان عبر اعتماد مسارات للشرق والشمال والوسط فالحل يكمن في وثيقة دستورية انتقالية جديدة تؤسس لحكم مدني لا شراكة للعسكريين فيه ولا تأثير للمحاور الإقليمية والدولية عليه تبدا بالمجلس التشريعي للثوار بنسبة كبيرة لتصحيح المسار الديمقراطي بتشريعات وقوانين تعبر عن الثورة وترضى طموح الشعب السوداني الذي ادخله الإنقلاب في نفق مظلم وحول حياته لجحيم بالغلاء الفاحش والجبايات المرهقة والمهلكة والتفلتات الأمنية وتزييف إرادته وبيع أراضيه وموانيه وإقامة قواعد عسكرية تمس حاضره وتضر بمستقبله وماضيه وتؤكد غيابسلطة الدولة .